مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

بينما يُقلل فلسطينيون من أهمية تمتع فلسطين بمكانة دولة مراقب في الأمم المتحدة، فإن حكومة المحتلين في تل أبيب أبدت رد فعلٍ هستيرياً ضد هذه الخطوة، وتكفّل بنيامين نتنياهو بوصف خطاب محمود عباس أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية، بأنه مليء بالسموم والكراهية . في واقع الأمر أنه ليس هناك ما يثير العجب في الموقفين، فمن قللوا من شأن هذا التطور اعتبروه هزيلاً وأنه لا يستحق التهليل، وأنه مجرد خطوة رمزية لا أثر لها على أرض الواقع وهو ما يقول به الصهاينة ومن منطلق آخر بالطبع، ومع فارق أن الصهاينة ينكرون على ضحاياهم حتى حق التمتع بمكانة رمزية .

لنا أن نستذكر هنا أن الدولة العبرية ولدت في الأمم المتحدة يوم 15 مايو/ أيار ،1948 وعليه فهم يدركون “الخطورة الرمزية” لتمتع فلسطين بوضع دولة مراقب في المنظمة الدولية . والأمر الآن لم يعد يتعلق بمنظمة تحرير أو سلطة أو كيان، بل ب: فلسطين، وهي أكثر الأسماء والكلمات إثارة لجنون غلاة الصهاينة .

في الرمز أيضاً والمقصود هنا بالرمز هو المعاني الإضافية التي يكتسبها الحديث إضافة إلى المعنى المباشر، فقد تم منح فلسطين هذه المكانة (المتواضعة طبعا . .) في ذكرى تقسيم فلسطين وصدور القرار 181 بإنشاء دولتين عربية ويهودية في فلسطين الانتدابية . الدولة الجديدة ذات الرقم 194 في الأمم المتحدة، مساحتها هي مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي أقل من مساحة الدولة العربية في قرار التقسيم . ورغم أن جانباً واحداً قد تم تطبيقه على الأرض بقيام الدولة العبرية دون الشق الثاني الملازم وهو قيام دولة عربية، فإن الصهاينة وقد كسبوا بالإرهاب والتواطؤ الدولي ما كسبوه فإنهم يرفضون أن يتمتع الضحايا بأقل القليل، وهؤلاء الضحايا هم أصحاب الأرض كلها وأبناؤها .

وبما يتعدى الرمز إلى ما هو حِسّي وواقعي فقد جرى التصويت بعد أيام من الحرب على غزة، وقد اضطر المحتلون إلى ابرام هدنة برعاية اقليمية، وأوقفوا مخططهم لاجتياح بري، نتيجة الصمود العظيم الذي أبداه المقاومون، بما شكّل تعديلاً ملحوظاً في موازين القوى .

لذلك لم يجانب الصواب ما رآه كثيرون من ساسة ومعلقين بأن الأسبوعين الأخيرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 قد شهدا عودة قضية فلسطين إلى المسرح الإقليمي والدولي . وحين يقول قادة في حماس إن صمود غزة أسهم في منح فلسطين هذه المكانة، فذلك صحيح، مع إضافة بسيطة تتعلق بميراث كفاحي طويل ومتراكم سابق على نشوء حركة حماس أسهم في تحقيق هذه الإنجازات التي ما زالت متواضعة قياساً إلى الطموح الوطني المشروع .

نتحدث عن المكانة الرمزية، أهميتها من جهة وتواضعها من جهة ثانية، وكذلك أهمية أن يكون للشعوب التائقة للحرية مكانة بين الأمم في منتدى الأمم . وعلينا أن نستذكر أن الصهاينة أعلنوا دولتهم على الأرض، ومن على منبر الأمم المتحدة بالتزامن في ذلك اليوم الذي يؤرخ فيه لنكبة فلسطين . خلافاً لحال الفلسطينيين الذين ما زالوا تحت الاحتلال بينما هم يحتلون مقعداً في الصف الثاني من مقاعد أعضاء المنظمة الدولية . هذا الواقع لا مراء فيه وغير قابل للتغطية والتمويه .

وبالاعتراف بالأمور كما هي عليه، فإن قيمة الإنجاز الفلسطيني، تتمثل في استخدامه حقاَ وفعلاً، لا لفظاً وقولاً كأداة كفاحية من أجل تزخيم الصراع مع العدو . هنا تكمن قيمته الفعلية وجدواه الملموسة، والبادي حتى الآن أن قيادة السلطة (ورئاسة الدولة غير العضو) ممثلة بمحمود عباس، ما انفكت تراهن على النضال الدبلوماسي والإعلامي وحدهما وبطريقة بيروقراطية .

لم يكتف الصهاينة بإعلان سخطهم على ما جرى، إذ سارعوا في اليوم التالي للإعلان عن بناء 3 آلاف وحدة استيطانية جديدة في القدس والضفة الغربية المحتلة . ذلك يفترض أن لا تكتفي السلطة كما هو دأبها بإصدار بيان شجب وتنديد، بل أن تستثمر وضعها الجديد في الأمم المتحدة لمواجهة التغول الاستيطاني المتمادي . في أحد تصريحاته عقب إنجاز نيويورك صرح محمود عباس بأن الجانب الفلسطيني لن يلجأ للمحكمة الجنائية الدولية إلا في حال وقوع اعتداء “إسرائيلي” . حسناً، ماذا عن الاستيطان؟ أليس استيلاء على الأرض والمياه بالسطوة المسلحة؟ . هيّا اذن وامنحوا من فضلكم معنى وقيمة للوصول إلى الامم المتحدة، لا بالنوم على حرير هذا الإنجاز، بل بتفعيل الصراع والمواجهة السياسية مع العدو مستخدمين مكانتكم الرسمية المتواضعة في نادي الأمم، وبوقف احتجاز الحركة المدنية الشعبية المناهضة للاحتلال جملة، وللوجود العسكري والاستيطاني ولجدار الضم والتوسع (المسمى خطأ بجدار الفصل) والسماح لهذه الحركة بالانطلاق، فلا يعقل أن تكون حتى الاحتجاجات وتنظيم المسيرات عملاً محظوراً أو تحف به المحاذير .

إن عودة الروح الوطنية الحية من شأنها أن توفر أرضية لوقف الانقسام والتجسير مع قطاع غزة، ومحاصرة كل من يرفضون وقف الانقسام لأغراض ومصالح فئوية، وذلك كله يصب في منح الجدارة لمكانة فلسطين في الأمم المتحدة، ويهيئ للانتقال إلى الخطوة الكبرى بإنهاء الاحتلال وانضمام فلسطين عضواً كامل العضوية في نادي الأمم المتحدة .

لقد انتظرت سويسرا 54 عاماً قبل أن تنتقل من وضع دولة مراقب إلى وضع الدولة العضو في المنظمة الدولية عام 2002 . ليس لدى الفلسطينيين ترف الانتظار، فسويسرا انتظرت طويلاً من دون أن يؤرقها الأمر كثيراً، لأنها كانت ببساطة دولة قائمة ومستقلة على أرضها طيلة تلك الفترة .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required