مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

بعد تحقيق القيادة الفلسطينية الانتصار الدبلوماسي بالحصول على دولة بصفة مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وما قبله من صد للعدوان الأخير عن غزة يمكن القول بأن المسار السياسي والدبلوماسي قد يشهد تحولا جديدا في شكل وإدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي باتجاهات متعددة ولكن كيف ولماذا؟. فبعد هذين الإنجازين السياسي والعسكري يتبادر إلى الذهن سؤال هام ما هي الخطوة القادمة؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة؟ إن وضع قيادتي الضفة وغزة بشكل عام ليس سهلا، وإن أي مراجعة نقدية للذات ستكون نافذة ومهمة اذا ما تم البحث في التوقعات القادمة لشكل الصراع المقبل مع إسرائيل وقواعده وأساسياته، فبالنسبة للقيادة الفلسطينية في الضفة الغربية فإن وضعها كان حرجا طيلة الفترة الماضية التي تلت توجه القيادة الفلسطينية لتقديم طلب العضوية في الأمم المتحدة في أيلول الماضي 2011 وصولا إلى التصويت الأخير الذي توج بدولة المراقب، وذلك للأسباب التالية:

-تعثر العلاقات الفلسطينية الأمريكية الإسرائيلية وتوقف عملية السلام نتيجة لإصرار حكومة نتنياهو على سياستها الاستيطانية ضاربة بعرض الحائط كافة الاعراف والمواثيق الدولية التي تستند لها عملية السلام، الأمر الذي نتج عنه إصرار القيادة الفلسطينية على عدم الاستمرار في المفاوضات ما دمت اسرائيل متسمرة في الاستيطان، وبالتالي فان التوجه للأمم المتحدة بات الخيار الأفضل.

-الثورات العربية أظهرت معادلات جديدة في المنطقة بعد تسلم الإخوان المسلمين لزمام الحكم في مصر وتونس وليبيا، اضافة إلى تصاعد دور قطر في معادلة الشرق الأوسط، مما كرس حالة جديدة في العلاقات مع العرب وبالنسبة للقيادة في الضفة.

-الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عانت منها حكومة الضفة الغربية والتي تهدد استقرار السلطة نتيجة تحكم اسرائيل بالعائدات الضريبية، وعدم ايفاء الجهات المانحة بالتزاماتها الشهرية للسلطة مما أسهم في تحقيق أزمة لرواتب موظفي الحكومة، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في ظل الغلاء الفاحش الذي يشل الحياة الاقتصادية.

- تعثر ملف الانقسام، مما أسهم في تعطل الحياة الديمقراطية والانتخابات وخلق حالة شبة عدمية من جدوى النظام السياسي في ظل تعطل المجلس التشريعي عن القيام بدوره.

-حالة من اللامبالاة والاحباط التي شلت أركان الحياة المجتمعية والوطنية لدى الفلسطينيين نتيجة لتفاقم الاوضاع السياسي والاقتصادية التي انعكست سلبا على المجتمع.

وفي حدود تلك الفترة، فان وضع القيادة في قطاع غزة لا يقل احراجا عن وضع قيادة الضفة، وذلك للأسباب التالية:

-اتفاق التهدئة الماضي المبرم مع اسرائيل يعاني من هشاشة مرتبطة بالمزاجية الإسرائيلية التي تخرقه وقتما تشاء ولا تلزم به في كثير من الأحيان، وهذا ما عقد العلاقة بين الفصيل السياسي الذي يدير قطاع غزة والراعي الاكبر لاتفاق التهدئة حركة حماس مع الفصائل المقاومة مما أوجد فجوة واختلاف في وجهات النظر بمدى الالتزام بالتهدئة وبمدى اختراقها نتيجة لعدم التزام الاسرائيليين بذلك مما أفرز حالة من الخطاب "التخويني" بين الفصائل بلغ أحيانا إلى حد المواجهات الميدانية.

-أزمة في الثقة بحركة حماس نتيجة لعدم اقتناع مناصريها بخطابها الذي يقبل بحدود الرابع من حزيران عام 1967 كطريقة للحل، وبالتالي غياب خطاب المقاومة الذي يدعو لتحرير فلسطين التاريخية، وبين هذين الخطابين تعالت الاصوات بضرورة الحسم وتحديد الاتجاهات بالاجابة عن سؤال هام: الى أين تسير حماس؟

-أزمة القيادة في حماس من يقود؟ ومن يقرر؟ ومن يستطيع إدارة الجناحين السياسي والعسكري والسيطرة على قرار حماس في الداخل والخارج بعد الثورات العربية؟ علاوة على فشل ادارة ملف المصالحة نتيجة لاختلاف وجهات النظر بين قيادي الحركة.

-ضبابية علاقة حماس مع الدول العربية التي تسلمت سدت الحكم حديثا بعد الثورات نتيجة لعدم معرفة مدى الدعم المتوفر لحكومة غزة، وخصوصا مصر نتيجة لعدم استقرار وضعها الداخلي، ناهيك عن انها التجربة الاولى لحركة الاخوان في الشأن السياسي وبالتالي فان طبيعة علاقتها مع الدول العربية والأجنبية قد تكون مثيرة للجدل وتحتاج إلى تجارب حقيقية لمعرفة نوع الدعم المقدم للفلسطينيين بشكل عام.

-تعثر علاقة حماس مع سوريا بعد الرفض القاطع لتأييد نظام الأسد الذي يشن حربا ضارية ضد شعبه.

ولم تكن أزمة الوضع بالنسبة للإسرائيليين أقل حدة من أزمتي الضفة وغزة في ظل تعثر العلاقات بين حكومتي نتنياهو وباراك أوباما بعد تأييد الأول الصريح والمعلن في الانتخابات الأمريكية للمرشح الجمهوري رومني، وتصاعد الخطاب الاسلامي في الشرق الاوسط وسوء الوضع الداخلي الإسرائيلي، وبالتالي فإن حكومة نتنياهو قررت الخروج من الأزمات من خلال الدفع باتجاه شن حرب على غزة تحقيقا لعدة أسباب من أهمها:

-حسم معركة انتخابات الكنيست لصالح نتنياهو ووزير حربه باراك من خلال العدوان على غزة، وهذا ليس جديدا في التاريخ الانتخابات الإسرائيلية، فقد فعل بن غوريون ذلك، إذ بادر عشية انتخابات الكنيست في عام 1955 بالقيام بعمليات عسكرية ضد غزة؛ وفي عشية انتخابات سنة 1981 قصف بيغن المفاعل النووي العراقي، وفي عشية الانتخابات سنة 1996 قام بيرس بعملية "عناقيد الغضب" ضد لبنان؛ وفي عشية انتخابات سنة 2009 شن أولمرت وباراك العدوان على غزة.

-محاولة لإرباك السلطة الفلسطينية بهذه الحرب لضمان عدم تفرغها للعمل الدبلوماسي لنيل دولة مراقب، أو لتغطية على فشل وتردد القيادة الاسرائيلية بالهجوم على ايران.

-التهرب من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تدق ناقوص الخطر في المجتمع الاسرائيلي.

-رغبة لدى الدوائر السياسية لقياس طبيعة ونوعية الدعم العربي الاستراتيجي بعد الثورات العربية، ومدى تضامن فلسطيني الضفة الغربية والقيادة هناك مع غزة.

- اختبار ردود فعل مصر بعد الثورات العربية ومدى سريان اتفاقية كامب ديفيد على المدى البعيد واختبار فرص فضها من قبل الجانب المصري في أي لحظة اذا ما قرر الاسلاميون المصريون ذلك.

- فحص قدرات نظام القبة الحديدي الصاروخي الذي بحوزة إسرائيل، وإمكانيات التصدي للصورايخ التي بحوزة المقاومة في غزة.

إن خطورة الأزمة الإسرائيلية الداخلية جعلتها تلفظ ما في جوفها على أهالي غزة حيث قتلت 183 فلسطيني وأكثر من 1400 جريح وهدمت المنازل ودمرت المحال التجارية وقصفت المؤسسات الخاصة والعامة، ولكن سرعان ما انتهى العدوان بهدنة تمت بمفاوضات أمريكية وإسرائيلية غير مباشرة مع حماس من خلال مصر، هذا العدوان ونتائجه الوخيمة لاقت إصرارا فلسطينيا ودبلوماسيا كبيرا سواء في الضفة أو غزة أو الشتات بالتصويت في الأمم المتحدة للحصول على دولة مراقب. هذان الانجازان (صد العدوان عن غزة، الدولة في الامم المتحدة) ساهما في تحقيق انجازات عديدة للفلسطينيين منها:

-زخم وحشد عالمي وأممي لمناصرة قضية الشعب الوحيد المحتل في العالم.

-إعادة القضية الفلسطينية إلى حضن الدول العربية بعد إعلان القادة العرب التزاماتهم تجاه القضية الفلسطينية في برامجهم الانتخابية.

-إخراج مصير القضية الفلسطينية من الهيمنة الأمريكية المساندة للحكومة الإسرائيلية بشكل صارخ بنقل ملفها إلى المجتمع الدولي.

-تزايد التأييد السياسي لرئيس محمود عباس وإسماعيل هنية باعتبار خطوتي التصويت في الامم المتحدة وصد العدوان عن غزة انتصار حقيقي للفلسطينيين بحسب نتائج استطلاع أوراد الذي نشرت نتائجه في 15 من الشهر الجاري.

-حسم قيادة حركة حماس كما نص خطابي مشعل وهنية بعد زيارة الاول لغزة مؤخرا، حيث يقود حماس بشكل عام خالد مشعل، ويقودها في غزة رئيس الحكومة هناك إسماعيل هنية.

-تأييد فلسطيني كبير لخطوتي الامم المتحدة وصد العدوان عن غزة، مما دفعهم للمطالبة بإنهاء الانقسام.

-فرصة كبيرة لملاحقة قادة الحرب الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم عديدة بحق الفلسطينيين في المحاكم الدولية.

-حالة من الذعر والخوف في صفوف الإسرائيليين قيادة وشعبا من أي مواجهة عسكرية مع الفلسطينيين تخوفا من نزوح الشعب الاسرائيلي من أهم مراكز الثقل المدني في اسرائيل بعد أن وصلت صواريخ المقاومة تل أبيب والقدس والمستوطنات في الضفة.

هذه الانجازات وما رافقها من حدوث اختراقات جديدة في الوضع الداخلي الفلسطيني تُظهر ولأول مرة وحدة فلسطينية حقيقية ازاء التصويت في الأمم المتحدة وصد العدوان عن غزة، فلأول مرة لم يتم انتهاج سياسة إعلامية فصائلية تحتوي مصطلحات "التخوين" و"التكذيب" بين قادة الفصائل والقيادات، ولم تتم "المزاودات السياسية المعهودة"، ولم يتم الانتقاص من الفعل الوطني بشقية السياسي والعسكري. وهذا ما يمكن البناء عليه باتخاذ خطوات حقيقة نحو تكاتف فلسطيني وربما عربي واسع امام الاحتلال وسياساته وصولا لانهاءه، ولكن ذلك مرتبط بعوامل فلسطينية وإقليمية ودولية تناقش سيناريوهات عديدة ومفتوحة على مصراعيها منها:

-سيناريو إنجاز مصالحة فلسطينية شاملة تمهد الطريق أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية وشاملة وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني وقد يشهد ذلك دخول حماس والجهاد الاسلامي في منظمة التحرير الفلسطينية مما سيحدث اختلافا في نوعية وطبيعة النظام السياسي وربما تحول في السياسة الاستراتيجية للمنظمة وهذا السيناريو لا يمكن التأكد منه في ظل عدم استقرار الانظمة السياسية في الدول العربية لا سيما مصر.

-سيناريو إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل اذا ما كان هناك قرار اسرائيل بوقف مؤقت للاستيطان نتيجة للضغوطات الأوروبية على إسرائيل، وربما تستمر المفاوضات لمدة ستة أشهر أو سنة بهدف احداث خطوات بناء ثقة بين الجانبين والإظهار للعالم بأن اسرائيل دولة تدعو للسلام في الشرق الأوسط. هذا السيناريو ليس غريبا في ظل الوضع القائم.

-سيناريو الكونفدرالية وذلك بعد مضي 60 يوما على نيل الفلسطينيين الدولة غير العضو في الأمم المتحدة لإجراء استفتاء فلسطيني على الكونفدرالية بين الضفة والأردن، وربما بين غزة ومصر. هذا السيناريو محتمل.

-سيناريو الابقاء على الوضع الحالي كما هو عليه مع بتوفير شبكة أمان عربية تتكفل في انهاء ازمة السلطة المالية.

-سيناريو اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة وغزة، هذا السيناريو محتمل ولكنه يرجع بالأساس لوضع السلطة واستمرار أزمتها الاقتصادية.

-سيناريو انهيار السلطة وعودة لدور الادارة المدنية لتشرف على الاوضاع برعاية عربية ودولية، وفتح المجال امام الفلسطينيين للعمل في إسرائيل، ولكن هذا السيناريو مستبعد في المرحلة الحالية على الأقل نتيجة لتحسن الوضع العربي ودعمه للقضية الفلسطينية وأن الأطراف الدولية ليست معنية في إنهاء دور السلطة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required