مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

كل ما يدب على الحلبة السياسية الأمريكية- “الإسرائيلية” يدل على أن الحملة الضارية التي خاضتها الدولة العبرية، ومعها اللوبي الصهيوني المناصر لها في الولايات المتحدة، ضد تعيين السيناتور الجمهوري السابق تشاك هاغل لشغل منصب وزير الدفاع في إدارة الرئيس أوباما الجديدة، مرشحة للوصول إلى الذروة مع بدء مناقشات الكونغرس أمر التعيين والمصادقة عليه في الأيام القليلة المقبلة، على الرغم من التقدير المسبق بأن يتمكن الرئيس من انتزاع موافقة مجلس الشيوخ المتخم ب”أصدقاء “إسرائيل”” على هذا التعيين، انطلاقاً من اعتبارين اثنين: الأول هو عدم رفض مجلس الشيوخ ترشيحات الرئاسة سوى مرتين فقط منذ الحرب العالمية الثانية، والثاني له علاقة بالارتفاع غير المسبوق في مستوى الدعم الجماهيري لأوباما، ووصول نسبة مؤيدي أدائه إلى نحو 53 في المئة، في مقابل 41 في المئة غير راضين عن هذا الأداء .

ما يطفو على السطح هو أن مشكلة “إسرائيل” ومؤيديها من أعضاء الكونغرس والقيادات اليهودية الأمريكية التي أجرى معها البيت الأبيض نقاشاً صريحاً قبل اختيار هاغل للمنصب الجديد، تكمن في أن هذا الرجل الذي نال خمسة أوسمة عند إصابته في حرب فيتنام، قبل أن يعود إلى الولايات المتحدة وينتخب سيناتوراً “جمهورياً” عن ولاية نبراسكا، معروف بانتقاداته للسياسات “الإسرائيلية” ضد إيران، كما أنه دعا الرئيس أوباما العام 2009 إلى فتح باب للحوار مع حركة “حماس” و”حزب الله” ورفض إدراجهما في لائحة المنظمات الإرهابية، وصوّت في العام 2004 ضد فرض عقوبات على كل من ليبيا وإيران، فضلاً عن أنه ضد سياسيه الاستيطان “الإسرائيلية” . وبالتالي، لا مجال “إسرائيلياً” لرؤية الفارق الذي حاول هاغل إيضاحه، في حديث إلى صحيفة “لينكولن جورنال”، ما بين الاختلاف مع سياسات الدولة العبرية والعداء لها، ولا نية لمراجعة سجلّ السيناتور الجمهوري السابق الذي يظهر، وفق تأكيده، “دعماً صريحاً وتاماً ل”إسرائيل” التي من مصلحتها تشجيع عملية السلام في الشرق الأوسط” .

ومع أن من المنطقي الالتفات إلى الحديث “الإسرائيلي” عن سعي الرئيس أوباما إلى معاقبة نتانياهو الذي تجنّد، خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لمصلحة المرشح الجمهوري ميت رومني، وكذلك اعتبار مواقف هاغل بمثابة “خطايا” لا يمكن لساسة “إسرائيل” وإعلامييها التسامح فيها أو القبول ب”كفّارة” عنها، إلا أن ذلك لا يشكل سوى إحدى الزوايا الضيقة لحقيقة الموقف الذي يحكم هؤلاء ومناصريهم في الولايات المتحدة . ذلك أن هاغل الذي يؤمن بانفتاح أمريكا على العالم، ويعتقد أن عليها ألا تكون شرطي هذا العالم، كما تقول “الغارديان” البريطانية، لن يكون صاحب القول الفصل في رسم السياسة الأمريكية تجاه “إسرائيل”، ولن يتعدى دوره أن يكون جزءاً من الطاقم الذي يعد السياسة ويبلورها . كما أنه، وطوال تاريخ العقود الماضية، كان هناك في واشنطن أمثال هاغل من الجمهوريين الذين كانوا يعلنون مواقف حادة ضد “إسرائيل”، لا بل واليهود عموماً .

وعليه، يمكن الجزم بأن مصدر القلق والخشية الحقيقي لدى “الإسرائيليين” من مجيء هاغل، الذي دعم علنا، في السنوات الأخيرة، تقليص الترسانة النووية الأمريكية إلى 80 في المئة، إلى البنتاغون مع تحديات رئيسة، لعل أهمها التعاطي مع تقليص ميزانيته بنحو 500 مليار دولار خلال عشرة أعوام، يكمن في اعتبار ذلك بمنزلة مؤشر، ساطع الدلالة، إلى أن واشنطن مستمرة في إعادة تموضعها مالياً وسياسياً وعسكرياً، وفي إجراء تحول فعلي في السياسة الخارجية الأمريكية بطريقة تتناقض مع إرث المحافظين الجدد، ولا سيما أن أوباما كان أول رئيس يأتي من جيل ما بعد الحرب الباردة، وهو المرشح الرئاسي الذي وعد الأمريكيين بإنهاء حرب العراق، وطي صفحة هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 . ما يعني أن أصوات طبول الحرب ضد الدول التي تعدها واشنطن وتل أبيب “معادية” ستخفت في ردهات البيت الأبيض والبنتاغون، وأن نمطاً جديداً من التعاطي الأمريكي مع العالم الخارجي والمشكلات الدولية والأزمات الإقليمية، بصدد التبلور تحت وطأة المتغيرات الوازنة التي يشهدها النظام الدولي السائد .

في متن هذه الصورة، تبدو “إسرائيل” المرشح الأبرز للتأثر بالتغييرات الأمريكية المنتظرة لاعتبارات عدة، لعل أهمها تلك العروة الوثقى التي تصل ما بين الحليفين الاستراتيجيين، على مختلف الصعد والمستويات، وانفتاح الأبواب أمام تحوّل الكيان “الإسرائيلي” إلى عبء استراتيجي على الولايات المتحدة، واضطراره، والحالة هذه، وفي حال تبلور تلك الاستراتيجية الأمريكية المتوقعة، إلى تغيير أولوياته وسياساته العدوانية تجاه الفلسطينيين والعرب والمحيط الإقليمي . ويبدو أن رئيس الكنيست “الإسرائيلي” رؤوفين ريفلين قد لامس هذا التقدير عندما اعتبر اختيار هاغل لتولي حقيبة الدفاع “لا يؤثر فقط في “إسرائيل” بل في التوازن الاستراتيجي العالمي كله . فنظرية (العزلة المريحة) التي ينادي بها هاغل تغيّر استراتيجية الولايات المتحدة في العالم” .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required