مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
(برسم 15آذار يوم المستهلك العالمي)

ترددنا كثيرا في اختيار عنوان هذا المقال، فقد بحثنا عن عنوان قصير يعبر عن المضمون ويكون في الوقت نفسه جذابا ورشيقا. لكننا لم نجد بدا في النهاية من القبول بعنوان يلبي ما هو رئيسي و ألاكثر أهمية في المضمون. حيث كان من المفترض أن تمثل المطرقة كل ما يتعرض له المستهلك من ضغط، ليس فقط غلاء المعيشة، ولكن أيضا الاستغلال والغش والإضراربالسلامة العامة وكل أشكال الضغط والأذى الأخرى التي يتعرض لها، وان يمثل السندان كل مقدرات ومقومات المستهلك وعوامل ضعفها مثل ثبات الدخل الاسمي أو تذبذبه أو تجزئته وعدم انتظامه بل ومحاولات تقليصه وسوء توزيعه بين فئات الشعب نتيجة عدم التساوي في المستقطعات منه أو تلاشي ذلك الدخل بسبب البطالة والفقر.

والدافع وراء كتابتنا لهذا المقال هو ما يجري من استعدادات على قدم وساق لتنظيم فعاليات اليوم العالمي للمستهلك في فلسطين، ونحن لسنا ضد اية فعاليات تعقد أحياءا لهذه المناسبة، بل بالعكس نفضل أن تكون تلك الفعاليات ليس ليوم واحد من السنة بل لكل يوم فيها. لكن برأينا ما نحتاجه كمستهلكين أكثر من المهرجانات والخطابات وابعد من الحركات التظاهرية والإعلامية، ترجمتها ببرامج وإجراءات عملية وفعالة لوضع حد للغلاء والاحتكار والاستغلال والغش فعلا لا قولا من جهة، وزيادة قدرات المستهلك على توفير حاجاته وحاجات من يعيلهم بصورة مشرفة وكريمة من جهة أخرى. إذ ما يحتاجه المستهلك ليس ندوات او احتفالات وإنما إجراءات عملية ملموسة ومنتظمة لحماية حقوقه ومساندته في تلبية احتياجاته.

ومع أننا كنا قد نشرنا قبل نحو عام رزمة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية واتبعناها بمجموعة من المقالات تناولت الجوانب المختلفة للأزمة و تمنينا على الحكومة في حينها تبنيها لمواجهة أزمة الغلاء والبطالة والفقر ولحل الأزمة الاقتصادية برمتها، لكن ما اعتمد مما ورد فيها، وليس بالضرورة بناءا عليها، هو النزر اليسير.

بل إن أهم تلك المقترحات وتحديدا ما له علاقة بضبط الأسواق وخاصة ترشيد الأسعار للسلع والخدمات الأساسية وتعويض العاملين باجر على غلاء المعيشة لم يتحققا إلى حد بعيد، واكثر من ذلك انه حصل في بعض الأحوال ما هو معاكس تماما وما نتج عنه هو تراجع ملموس في مستوى معيشة لفئات واسعة من الشعب. وعند مراجعتنا لتلك المقالات وجدناها مناسبة لهذا اليوم إلى درجة كبيرة، بحيث جعلتنا نفكر في تكرارها، لولا رغبتنا في التجديد وفي طرح تلك الأمور ولو بطريقة أخرى تذكر فيها وتؤكد عليها دون اعادة سردها.

فالمستهلك وبالتحديد صاحب الدخل المحدود هو الضحية الرئيسية في بندي الإنفاق والدخل على حد سواء:

ففي بند الإنفاق تواصل اسعار السلع والخدمات في الاراضي الفلسطينية ارتفاعها وتزداد تكاليف المعيشة ضراوة، فوفقا لبيانات الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني فقد سجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك خلال العام 2012 مقارنة مع العام السابق ارتفاعاً بنسبة 2.78% ، بواقع 4.08% في الضفة الغربية، و3.23% في القدس J1، و0.48% في قطاع غزة.

والسبب الرئيسي لارتفاع الاسعار في الاراضي الفلسطينية يعود لارتفاع أسعار الخضروات الطازجة بنسبة 15.03%، وأسعار الدواجن الطازجة بنسبة 8.91%، وأسعار السجائر بنسبة 7.42%، وأسعار المحروقات المستخدمة لأغراض النقل والمواصلات بنسبة 5.81%، وأسعار خدمات التعليم بنسبة 5.47%، وأسعار الكهرباء والمحروقات المستخدمة لأغراض المنزل بنسبة 3.67%، وأسعار الخدمات الطبية بنسبة 3.06%، وأسعار الفواكه الطازجة بنسبة 2.17%. وقد واصل الرقم القياسي لأسعار المستهلك في فلسطين ارتفاعه خلال شهر كانون ثاني 2013 مقارنة مع شهر كانون أول 2012 بزيادة مقدارها 1.13% ، بواقع 1.15% في الضفة الغربية، وبنسبة 0.56% في قطاع غزة، وبنسبة 0.43% في القدس J1.

ولقد كان السبب الرئيسي لارتفاع الاسعار في فلسطين في الشهر المذكور هو ذاته ارتفاع أسعار الخضروات الطازجة بنسبة 26.90%، وأسعار الدرنيات بنسبة 24.22%، وأسعار البيض بنسبة 7.02%، وأسعار الغاز بنسبة 2.95%، وأسعار الفواكه الطازجة بنسبة 1.37%.

وتنبغي الاشارة الى ان ظاهرة الاحتكارلبعض السلع والخدمات ما تزال قائمة، والرفع غير المبرر للأسعار، والاستغلال الفاحش للمستهلكين ما زال يحدث في وضح النهار وعلى قارعة الطريق، على الرغم من حملة اشهار الاسعار والقوائم الارشادية لاسعار السلع الاساسية التي اصدرتها وزارة الاقتصاد الوطني. وما حصل في الأسبوع الأخير من أزمة مضخمة بسبب خلل فني واختفاء مادة الاسمنت حتى المستورد منها وارتفاع اسعارها الكبير وغير المبرر في اسواق الضفة والقطاع لنموذج حي لما يعاني منه المستهلك وخير مثال على الأساليب المتبعة لاستغلاله واكبر دليل على غياب نظام فعال للرقابة والحماية للمستهلك والمنتج الوسيط على حد سواء.

كما لا بد من الاشارة الى تدني نوعية الكثيرمن المنتجات التي تغرق الاسواق الفلسطينية نتيجة لعمليات الغش والتهريب وتسويق وتخزين السلع الرديئة والتالفة ومنتهية الصلاحية ومحاولة بيعها وتوزيعها، ويشمل ذلك المنتجات الاسرائيلية و منتجات المستوطنات، والمنتجات المستوردة خصوصا من الصين وحتى بعض السلع المنتجة محليا. فعلى الرغم من الحملات المتواصلة لطواقم حماية المستهلك والضابطة الجمركية ولجان السلامة العامة الا ان ما تحقق قد يكون نقطة من بحر.

وبالقدر الذي تفرض فيه الضرائب والجمارك والرسوم على سلع وخدمات بعينها نجد ان بعض السلع والخدمات المشابهة والرديفة يغض النظر عنها لاسباب قد تكون خارجة عن ارادة اجهزة الضريبة والجمارك بسبب قصور في الامكانيات لكنها تؤدي الى نتائج واثار مدمرة على المنتجات التي يفرض عليها الضرائب والجمارك والرسوم خصوصا اذا كانت هي المنتجات المحلية والمعفاة او التي يتم تهربها ضريبيا هي المستوردة إذ ان ذلك يقضي على قدرتها التنافسية بصورة تامة في السوق المحلي. وبالرغم من ان ذلك قد يبدو لصالح المستهلك من ناحية السعر لكنه في الغالب ما يكون على حساب جودة تلك السلع والخدمات.

وهنا لابد من التأكيد على اهمية الرقابة وفعاليتها ونجاعة إجراءاتها من حيث الشمولية والسرعة والمتابعة، واتباع أساليب رقابة قانونية ومنضبطة ومناسبة في التعامل مع الجمهور،مع ضرورة تكامل ادوار كل الشركاء من طواقم حماية المستهلك الى لجان السلامة الصحية و الضابطة الجمركية و وزارات الاختصاص مع التأكيد على الدور المركزي لمؤسسة المواصفات والمقاييس في توفير البنية التشريعية للعمل الرقابي، واهمية تنسيق جهود كل الفرقاء بما فيها منظمات المجتمع المدني وتحاشي التجاذب و التنافس بين الأجهزة الرقابية واهمية اتخاذ عقوبات رادعة بحق المخالفين.

واما في بندالدخل فقد اشارت دراسة سابقة لنا الى ثبات نسبي للاجورالاسمية لدى جمهور الموظفين الحكوميين ولدى العمال باجرفي المناطق الفلسطينية، وعدم دفع علاوة غلاء المعيشة للموظفين العموميين، والسعي لتقليص والغاء بعض العلاوات الاخرى مثل علاوة المواصلات، وتجزئة الراتب وعدم انتظامه، مما يؤدي الى محدودية وعدم استقرار دخل تلك الفئاتخصوصا المرتبطين بتعاقدات اقراض مع البنوك. وقد قاد هذا الى قيام قطاعات الموظفين العمومين وخصوصا في قطاعي التعليم والصحة باضرابات اثرت تأثيرا سلبيا على الاداء العام للسلطة وادت الى تراجع في الخدمات المقدمة للجمهور.

ولابد من الاشارة الى الغبن الذي يشعر به منتسبي تلك الفئات والناجم عن فرض الضرائب على فئات معينة مثلهم وعدم استيفائها من فئات أخرى مثل اصحاب المهن الحرة، مما يؤدي الى سوء توزيع الدخل وزيادة غنى الأغنياء وإفقار الفقراء، في حين يتم تجريد جزء كبير من الموظفين من بعض الحقوق التي اكتسبوها خلال فترة خدمتهم.

يزداد اعداد الملتحقين بقوة العمل سنويا في الارض المحتلة بعشرات الالاف بينما ان البنية الاقتصادية لا تستطيع توفير فرص عمل سوى لبضعة الاف و نتيجة لذلك تزداد نسبة البطالة خصوصا في اوساط الخريجين حيث بلغت في عام 2012 قرابة ربع قوة العمل الباحثة عن عمل. و اضافة الى ما ذكر اعلاه وتقلص حصة القطاعات الانتاجية في الاقتصاد الوطني ومحدودية اعداد الايدي العاملة التي يستوعبها سوق العمل الاسرائيلي كل هذا يساعد في زيادة نسب الفقر بصورة تصاعدية سنويا ويخلق المناخ المحفز للهجرة خصوصا لدى الشباب.

برامج حماية المستهلك

تتركز جهود الحكومة حاليا في حماية المستهلك من خلال مكافحة السلع التالفة ومنتهية الصلاحية بشكل رئيسي والى حد ما في مكافحة الغلاء. ونسمع يوميا عن حالات ضبط لمنتجات فاسدة، معظمها منتجات نهائية للمستهلك، وتشكل جزءا رئيسيا منها المواد الغذائية. ودون الخوض في تفاصيل تلك العمليات ومع تقديرنا لكل الجهود المبذولة من كل الاطراف لمحاولة ضبط السوق وعلى راسها طواقم حماية المستهلك والضابطة الجمركية فلو افترضنا جدلا إن جميع البيانات والمعلومات عن المضبوطات ثبتت صحتها وان الإجراءات التي اتخذت بحق أصحابها أو المتسببين بها كانت كاملة وصحيحة:

- فماذا عن المواد الخام الداخلة في الصناعة وماذا عن باقي أنواع المنتجات؟ وماذا عن باقي المناطق؟ هل جرى أي تقييم لمدى شمولية الحملة سواء قطاعيا أم جغرافيا أم نوعيا وهل تمت دراسة نتائجها وأثارها ومدى جدواها وفعاليتها؟ وعلى العكس من ذلك هل تم تقييم الآثار والنتائج المترتبة عن الثغرات ومواطن الضعف في الحملة إن وجدت؟

- سمعنا كذلك عن حملة لإشهار الأسعار كما سمعنا عن قوائم بأسعار استرشادية للسلع الأساسية وهنا لابد من سؤال نفس الأسئلة، بل وان نسأل كم من المستهلكين سمع بها وعرف عنها وتعامل فيها؟

- كم ساعدت سياسات وخطط ومشاريع الحكومة الاقتصادية في زيادة مصادر الدخل ورفع معدلاته وفي خلق فرص عمل وفي الحد من الزيادة في معدلات البطالة والفقر حتى يتمكن المستهلكون من النهوض بأعباء وتكاليف معيشتهم الأساسية ناهيك عن تحسين ظروفها او حتى الابقاء على وضعها السابق؟

والى حين اجراء تلك التقييمات واستخلاص العبر منها نجد من الضروري لتأطير جهود حماية المستهلك وتفعيلها التأكيد على ما يلي:

• ضرورة تفعيل مجلس حماية المستهلك الذي لم يجتمع منذ اكثر من عام ولجنة تنظيم السوق الداخلي اصبحت اجتماعاتها متباعدة والية متابعتها وفعاليتها متدنية.

• إعادة تنظيم وتفعيل جمعيات حماية المستهلك ومأسستها وقوننتها ودمقرطتها واعتماد برامج ومشاريع عملية محددة وواضحة لها ، وتلاشي أسباب قصورها وعدم شفافيتها وعدم شموليتها القطاعية والمناطقية.

• ضرورة صرف الميزانيات المقرة لتدعيم عمل طواقم حماية المستهلك ورفدها بالكوادر والتجهيزات اللازمة للقيام بواجباتها خير قيام وتفعيل دورها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required