مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
انتهت انتخابات مجلس شورى "حماس" في القاهرة الأسبوع الماضي بإعادة "تثبيت" خالد مشعل رئيساً للحركة بتزكية المجتمعين. التفاصيل التي أدت إلى "التزكية" لم يعلن عنها علماً بأن الاجتماع الانتخابي قد امتد من صباح يوم الإثنين الماضي حتى ساعات متأخرة منه. أيضاً نتائج الانتخابات لم يعلن عنها قبل ظهيرة اليوم التالي! يذكر أيضاً بأن انتخابات المكتب السياسي لـ"حماس" ورئيسها كانت مقررة منذ أشهر عديدة، وأن مشعل نفسه كان قد صرح مراراً وتكراراً بأنه لن يرشح نفسه لولاية خامسة جديدة (الرجل رئيس للحركة منذ العام 1996) وسيرفض أيضاً أية محاولات لإعادته رئيساً.

ما الذي تغير إذاً حتى يقبل مشعل العودة لرئاسة الحركة؟ وهل تصريحاته السابقة كانت غير جادة أم أنها كانت من باب الضغط على الحكومات "المحببة" إلى نفسه حتى تقوم بدورها بالضغط على بعض قادة "حماس" الذين يرفضون التجديد له لولاية جديدة؟ وهل تأخير الانتخابات لأشهر عديدة وراءها ضغوط الدول الداعمة لـ"مشعل" لولاية جديدة؟ ولماذا أصلاً تفضله هذه الدول على غيره من قادة "حماس" في الداخل؟

لا ندعي امتلاك إجابة لهذه الأسئلة مدعومة بمعلومات مؤكدة.. لكننا نبني على تصريحات سابقة لقادة "حماس" وعلى سلوكها خلال السنة الماضية للإجابة على هذه الأسئلة.

القيادي في حركة حماس الدكتور محمود الزهار كان قد صرح في أكثر من مناسبة بأن مركز ثقل الحركة موجود في المناطق المحتلة، وأن القيادة المركزية، بمعنى رئيسها وغالبية فريق مكتبها السياسي، يجب أن يكونوا من المناطق المحتلة.. وقال أيضاً إن غزة محررة ولا توجد قيود على أي فلسطيني يرغب بالعودة إليها، وكان يقصد بذلك إذا أحسنا الظن، بأن قادة الخارج وعلى رأسهم مشعل، بإمكانهم العودة الى غزة والتنافس على مواقع "حماس" القيادية. تصريحات الزهار عكست حينها خلافاً سياسياً بين نهجين في الحركة.. نهج الداخل الذي قدم الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين للحفاظ على مشروع "المقاومة".. ونهج الخارج الذي يريد لهذه المقاومة أن "تهدأ" حتى لا تتسبب "المقاومة" في إحراج الدول الحليفة لقادة "حماس" في الخارج- تحديداً قطر ومصر وتركيا. ماذا ستفعل قيادة مصر الجديدة إن جرت حرب على غزة بسبب "المقاومة" وهي المشغولة في إغلاق أنفاق غزة.. وماذا ستفعل كل من تركيا وقطر أيضاً، بعد أصبحت مهمة الدولتين الخلاص من النظام القائم في سورية ومن حليفه "حزب الله".

خالد مشعل يتفهم أولويات هذه الدول وقوة ارتباطاتها الخارجية والدور المطلوب منها إقليمياً.. وهو يدرك أيضاً بأن ذلك كله يأتي على حساب "المقاومة".. وهو لا يمانع في ذلك لأنه وكما يبدو أصبح من "المؤمنين" بعبثية "المقاومة" حالياً حيث إن الربيع العربي وفق تصريح سابق له "يحتاج إلى وقت طويل حتى يشعر الفلسطينيون بنتائجه الإيجابية عليهم". الوقت إذاً ليس للمقاومة وإنما للسياسة.. ليأخذ الرئيس عباس رئاسة الحكومة والمنظمة ولنوحد غزة والضفة حتى نفتح باباً للمفاوضات.. ولنطلب من واشنطن بعضاً من "الحنان" (تصريحاته في القاهرة بعد حرب حجارة السجيل).. ولنهاجم سورية على قمعها لشعبها (مع العلم بأننا لا نتدخل في شؤون الدول الأخرى).. باختصار، مشعل مرشح مثالي لثلاث دول: قطر ومصر وتركيا.. هو متفهم لسياسات هذه الدول ولن يحرجها في فرض القضية الفلسطينية على جدول أعمالها من خلال سياسات "طائشة!" مثل إبقاء العلاقات مفتوحة مع إيران وحزب الله أو الانجرار إلى حرب مع إسرائيل في حالة الحرب على إيران.

لهذا مارست الدول الثلاث ضغوطاً على قادة "حماس" في الداخل لإعادة اختيار مشعل رئيساً للحركة. نعتقد بأن هذه الضغوط "مالية" و"تنظيمية" و"وهمية" . مالية من جهة حكومة قطر التي أخذت مكان إيران في تمويل "حماس" وسلطة غزة أيضاً.. والمفارقة هنا، هي إن إسرائيل نفسها بحاجة إلى وجود سلطة فاعلة في غزة حتى لو كانت تختلف معها بهدف تحميلها مسؤولية أية "صواريخ طائشة" تنطلق من غزة باتجاهها. وكلما كانت السلطة فاعلة كان ذلك في مصلحة إسرائيل، لأن استهداف السلطة الفاعلة يفرض عليها القيام بدور الحارس الأمين على قاعدة حساب الربح والخسارة. لا نستبعد هنا أن تكون زيارة أمير قطر لغزة قبل أشهر قد أتت في هذا السياق.. ربما لم يقل صراحة "سمو" الأمير إن الأموال والمشاريع مرتبطة بإعادة انتخاب مشعل رئيساً.. ولكن قد يكون وزير خارجيته قد قال ذلك صراحة، لأن "الرجل" صريح بطبعه!

تنظيمياً من جهة القاهرة.. ونقصد بذلك تدخل إخوان مصر لإعادة انتخاب مشعل. قيادة مصر الجديدة لها مصلحة كبيرة في الحفاظ على التهدئة بين "حماس" وإسرائيل، لأن أي حرب على غزة تحرج قادتها كثيراً بسبب تصريحاتهم السابقة أيام وجودهم في المعارضة عن استعدادهم لإرسال عشرات الآلاف من المتطوعين للدفاع عن فلسطين ولبنان. في الحكم، المسألة ليست كذلك.. الأولوية ليست للتضامن "الأخوي" ولكن للاتفاقات الدولية وللملفات الاقتصادية والسياسية الداخلية. المرشد العام لإخوان مصر الذي افتتح اجتماعات مجلس شورى "حماس" ربما لم يقل في الاجتماع إن على المجتمعين انتخاب مشعل.. لكنه بالتأكيد قد دعم انتخابه وأبلغ ذلك لقادة "حماس" رسمياً.

وهمية من قبل تركيا لأنها ليست ضغوطاً حقيقية ولكن "وعود مخادعة" قدمت لقادة "حماس" في الداخل بأنهم كتنظيم سيحصلون على اعتراف دولي وسيتم رفع اسم "حماس" من قائمة الإرهاب.. مخادعة لأنها لم تقل صراحة إن عليهم "نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل" حتى يتم الاعتراف بهم دولياً. الوهم في إمكانية تحقيق ما لم تحققه "فتح" سابقاً هو عامل ضغط داخلي على التنظيم يؤثر على خياراته السياسية والتنظيمية.. مشعل مقبول عربياً وله بعض القبول "الدولي".. أعطوه فرصة حتى يحقق الاختراق الدولي المأمول.

مجلس شورى "حماس" إذاً لم يختر مشعل رئيساً للمكتب السياسي.. من رشحه ومن اختاره هي حكومات قطر ومصر وتركيا.. هل الرجل بريء مما جرى.. لا نعتقد ذلك.. إشاراته المتكررة بتفهم سياسات هذه الدول وقبوله لها كان المحرك لاختياره من قبلها.. تصريحاته السابقة بأنه لن يترشح لولاية جديدة يمكن تفهمها كرسالة لهذه الدول للتدخل لإعادة تعيينه رئيساً لـ"حماس".

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required