مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
من يتابع التحركات الإسرائيلية الرسمية والإعلامية في هذه الأيام، يلاحظ أن شغلها الشاغل لا يتعلق بالسلام، بل بشن حرب عالمية سياسية لإفشال خطوة الفلسطينيين في الأمم المتحدة للحصول على اعتراف بدولتهم، وبعضوية كاملة للفلسطينيين في الجمعية العمومية، فإسرائيل والولايات المتحدة تتحركان بشكل عصبي لإجهاض المشروع الفلسطيني، وهذا يكشف بصورة جلية كذب ادعاءات إسرائيل عن حل الدولتين، فهي لا تريد إقامة دولة فلسطينية، حتى وإن كانت منزوعة السلاح، فاتفاق اوسلو الذي حدد عام 1999 لإنهاء الاتفاقيات المرحلية والانتقال لاتفاق المرحلة النهائية والتسوية الدائمة لم ينفذ، فإسرائيل تزعم بأن إقامة الدولة الفلسطينية يجب أن تتم من خلال المفاوضات، وليس الذهاب للأمم المتحدة من جانب واحد، والحقيقة أن الفلسطينيين أخطأوا بالذهاب إلى مؤتمر كامب ديفيد 2000، قبل إنهاء الاستحقاقات المرحلية، أما توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة فإنه يستند إلى قرارات أممية سابقة.

إن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (181) الذي اتخذ بتاريخ 29/11/1949 المعروف بقرار التقسيم، كان بمثابة توصية لا أكثر، بإقامة دولتين على أرض فلسطين، يهودية، وعربية، وبالعودة إلى الوراء فإسرائيل أعلنت عام 1948 عن إقامة دولتها من طرف واحد وليس بالاتفاق مع الجانب الفلسطيني، وعلينا أن نذكر بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعترفت بتاريخ 5/12/1988 في قرارها رقم 177/43 بما أعلنه المجلس الوطني الفلسطيني في جلسته بالجزائر بتاريخ 15/11/1988 بإعلانه عن إقامة دولته الفلسطينية، وقد أيد هذا الاعتراف (104) دول من بين أعضاء الجمعية، بينما عارضه كل من إسرائيل والولايات المتحدة فقط، وبامتناع (36) دولة عن التصويت، وتأكيده بأن الدولة ستقام على حدود عام 1967.

ونعود إلى اتفاقات اوسلو، فإن المادة (1) من هذا الاتفاق تنص على أن مدة الاتفاق خمس سنوات، تنتهي في شهر أيلول من عام 2000، لتؤدي إلى تسوية دائمة، تقوم على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 و 338، فقد كان هناك رسالة ضمانات أميركية للفلسطينيين بتنفيذ هذا الاتفاق، إلا أن الولايات المتحدة كعادتها لا تحترم الضمانات، بل أنها تسير وفقاً للمواقف الإسرائيلية.

رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة "جوزيف ديس" يقول بأن فلسطين لا تستطيع الانضمام للأمم المتحدة، دون توصية من مجلس الأمن الدولي، وهو يرى بأن على الفلسطينيين عبور ثلاث مراحل لكي يصبحوا عضواً في الجمعية العمومية، بتوجههم لمجلس الأمن الدولي للحصول على موافقته كتوصية للجمعية العمومية، لكن في هذه الحالة فإن "الفيتو" الأميركي جاهز لإحباط مثل هذه الموافقة، لكن هناك اجتهادات قانونية أخرى تقول أنه إذا تمكن الفلسطينيون من تجنيد تأييد (128) دولة لصالحهم- أي ثلثي أعضاء الجمعية العمومية- فإن على الجمعية الاعتراف بطلبهم وتصبح فلسطين الدولة رقم (193) في عضوية الجمعية العمومية، بيد أنها ليست كاملة العضوية.

إن التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة، جاء وفقاً لقرار عربي، اتخذ في شهر أيار الماضي في اجتماع الدوحة، وفي اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي عقدت برام الله بتاريخ 26/6/2011، أقرت التوجه للأمم المتحدة للحصول على عضويتها، والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، انطلاقاً من قرار الشرعية الدولية الخاص بفلسطين عام 1947، وعملاً بحق تقرير المصير لجميع شعوب العالم وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، لكن الرئيس "محمود عباس" ترك هامشاً محدوداً للتراجع عن القرار، في حال استئناف المفاوضات مع إسرائيل على أساس حدود عام 1967، ووقف الاستيطان، ووفقاً للمرجعيات الفلسطينية المعروفة، فالرئيس الفلسطيني - وفق "يديعوت احرونوت 21/6/2011"- يتعرض لضغوط أميركية لإنزاله عن شجرة التوجه إلى الجمعية العمومية في أيلول القادم، فالإدارة الأميركية منحازة لإسرائيل كلياً، وفشلت في إلزامها برؤيتها بحل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967، وبوقف شامل للبناء في المستوطنات، فأميركا "تتشاطر" على الطرف الفلسطيني الضعيف، ولا تُلزم إسرائيل باحترام الاتفاقات وبقرارات الشرعية الدولية، فالرئيس الفلسطيني لا يتجاهل الضغوط من قبل الولايات المتحدة عليه، فبغياب بديل وغياب البدائل، لا تبقى أمام الفلسطينيين أية خيارات سوى التوجه للأمم المتحدة، وحتى إذا توصلت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى بديل-أي العودة إلى التفاوض، باعتماد حدود عام 1967 كمنطلق للتفاوض، وبوقف البناء في المستوطنات- فإن ذلك سيكون بنظرنا خدعة جديدة، ترمي لمنع الفلسطينيين من التوجه للأمم المتحدة، وبالتأكيد لن تسفر العودة للمفاوضات عن أي شيء.

لقد اعتبرت جريدة "هآرتس 26/6/2011" أن شهر سبتمبر القادم سيكون شهراً حاسماً في مستقبل العملية السلمية خاصة والمنطقة عامة، وقد اعترف رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" وفقاً لجريدة "هآرتس 31/5/2011" أمام لجنة الخارجية والأمن، بعدم وجود أية فرصة لمنع اعتراف الجمعية العمومية بالدولة الفلسطينية، ويضيف أنه من المستحيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، دون عبور مجلس الأمن الدولي، لكن محاولة إنجاحه ستبوء بالفشل نظراً للجوء الولايات المتحدة إلى إفشاله عبر "الفيتو".

إسرائيل تسعى بكل طاقاتها، لتقليص عدد الدول التي ستؤيد المطلب الفلسطيني في الجمعية العمومية، وهي تعمل على تشكيل كتلة من الدول المعارضة، وخاصة الأوروبية، أطلقت عليها "كتلة الدول الأخلاقية"، والحقيقة كان يجب تسميتها بالدول اللاأخلاقية، ووزارة الخارجية الإسرائيلية زودت جميع ممثلياتها في العالم بوثيقة جاء فيها:" أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يتعارض مع جميع الاتفاقات الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين، متجاهلين أن إسرائيل هي التي لم تحترم وخرقت جميع هذه الاتفاقات، ووزارة الخارجية الإسرائيلية أيضاً، تهدد بسحب بطاقات الشخصيات الهامة (V.I.P) من القياديين الفلسطينيين وتوسيع عمليات التفتيش على الحواجز لهذه الشخصيات، واستهداف مضايقتهم بشكل كبير، إضافة إلى عدم تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية.

من جانبه اتخذ مجلس الشيوخ الأميركي قراراً بأغلبية (87) صوتاً، لوقف المساعدات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية التي تبلغ نحو (500) مليون دولار سنوياً، وكنت أتمنى أن نسمع من دولة أو دول عربية عن استعدادها لتقديم مثل هذا المبلغ إلى السلطة الفلسطينية - رداً على قرار مجلس الشيوخ الأميركي- ولكن هيهات.

إسرائيل التي تحاول إقناع دول العالم بعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تلجأ إلى حملة نفسية ضد الفلسطينيين إضافة للضغوط، فهي تروج عن خلافات حادة وتشكيك في صفوف القيادة الفلسطينية، وهذه خلافات مشروعة في وجهات النظر، إضافة لمسؤولين كبار يحذرون من أن هذا التوجه للأمم المتحدة سيضر بالمصالح الفلسطينية، وأن هذه القيادات حذرت في جلسات مغلقة من مغبة إلحاق الأضرار بالعلاقات بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، والسؤال: لماذا هذه المعارضة الإسرائيلية الشرسة والجواب: أن عملية السلام وصلت إلى طريق مسدود، واعتراف الأمم المتحدة بالطلب الفلسطيني سيشكل رافعة بأن إسرائيل العضو في الأمم المتحدة تحتل أراضي فلسطينية العضو أيضاً في الأمم المتحدة، كما أن إسرائيل تخشى تثبيت حدود عام 1967 من خلال هذا الاعتراف، يضاف إلى ذلك، بإن مثل هذا الاعتراف ترفضه إسرائيل لأنها في الأساس ضد إقامة دولة فلسطينية التي ستؤثر عليها سياسياً، واقتصادياً، ولنفترض الحصول على هذا الاعتراف، فهل هناك آلية حقيقية تستطيع تنفيذه على أرض الواقع؟ أم أن الفلسطينيين سيتراجعون عن التوجه للأمم المتحدة؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required