مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
رام الله- شهد واقع الحريات الإعلامية في الأرض الفلسطينية مؤخرا انخفاضا في مؤشراته، وفق عديد الدراسات والاستطلاعات التي تنشرها مؤسسات تعنى باستطلاع الرأي العام الفلسطيني أو بمتابعة هذا الواقع.

المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية 'مدى' سجل في عام 2011 '206 انتهاكات، 106 منها كانت من قبل الجانب الفلسطيني.

واعتبر العام الجاري استمرار للعام السابق، فشهد احتجاز وإيقاف عدد منهم، وإغلاق عدد من المواقع الإخبارية الإلكترونية، واستدعاء عدد من الصحفيين.

المشاركون في مؤتمر الإعلام العدلي، الذي عقد بعد سلسلة من هذه الانتهاكات، واختتم أعماله في 17 أيار الجاري، أوصوا بتخصيص قضاة مختصين بنظر القضايا التي تقدم بحق الصحفيين على خلفية عملهم الصحفي، وذلك تعزيزا لضمانات حرية الرأي والتعبير، وحقوق الصحفيين في النشر.

كما أوصى المؤتمر بوجوب احترام المبادئ الدستورية والقانونية المتعلقة بضمان حرية الرأي والتعبير والحق بالحصول على المعلومات، ونشرها، وضرورة مراجعة التشريعات الناظمة لقطاع الإعلام وتحديثها وتطويرها بما يعزز من حرية الرأي والتعبير وحق الحصول على المعلومات، واستبدال العقوبات الصادرة بحق الصحفيين على خلفية عملهم الصحفي بالغرامة بدل العقوبات السالبة للحرية حسب القانون، وتعزيز التواصل بين مؤسسات قطاع العدالة والمؤسسات الإعلامية بما يلبي احتياجات المواطن الفلسطيني وحقه في الحصول على المعلومات.

وبحسب الاستطلاع الأخير لمعهد دراسات العالم العربي أوراد، الذي نشر الأسبوع الماضي، تبين أن 88% من الفلسطينيين يعتبرون اعتقال الصحفي أمرا غير مبرر.

وحسب نتائج استطلاع أوراد، تنتشر المخاوف بين الفلسطينيين من تزايد الانتهاكات لحقوق الإنسان وارتفاع مستويات كبت الحريات الشخصية والعامة، وتشير النتائج إلى أن (47%) يعتقدون بأن الحكومة في الضفة الغربية تتحكم بحرية الرأي والتعبير.

المادة (2) من قانون رقم (9) لسنة 1995 بشأن المطبوعات والنشر تشير إلى أن 'الصحافة والطباعة حرتان، وحرية الرأي مكفولة لكل فلسطيني، وله أن يعرب عن رأيه بحرية قولا، كتابة، وتصويرا ورسما في وسائل التعبير والإعلام'، كما تشير المادة (3) إلى: 'تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الأخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي إطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرية الحياة الخاصة للآخرين وحرمتها'.

كما تنص المادة (19) من القانون الأساسي على أن 'لا مساس بحرية الرأي، ولكل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غير ذلك من وسائل التعبير أو الفن مع مراعاة أحكام القانون'.

الزميل رامي سمارة، الذي تعرض للاختطاف من مكان عمله، من قبل أفراد في الأجهزة الأمنية، على خلفية تعليق وصورة على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي 'الفيسبوك'، يقول 'إن محور التحقيق معه انصب على نشر التعليق والصورة، وما السبب الذي دعاه لنشرهما، ويعتبر أن المشكلة الأساس كانت في طريقة إحضاره، عبر انتحال شخصية شركة لنقل البضائع'.

تتعدد الأسباب التي تؤدي لانتهاك الحريات الإعلامية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفق العديد من المراقبين والمتابعين لهذا الشأن، الذين التقتهم 'وفا' في إطار الإجابة على تساؤلاتها.

حيث يعتبر مدير مركز 'مدى' موسى الريماوي أن 'أحد أسباب ارتفاع الانتهاكات خلال السنوات من 2007 لغاية الآن؛ هو الانقسام في الساحة الفلسطينية'، ومقتنعون أن الانقسام سبب الانتهاكات'.

وأضاف: 'ما أقلقنا هذه السنة الرقابة الزائدة على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأننا كنا نفتخر أن الإنترنت مفتوح وغير مراقب، بعكس كثير من الدول، حيث ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بتعزيز حرية الرأي والتعبير في فلسطين، لكن المشكلة ظهرت بشكل فاقع مؤخرا، إلى جانب ملاحقة المدونين والصحفيين، والاعتقالات التي حصلت مع عدد منهم وإغلاق مجموعة من المواقع الإلكترونية'.

أما مدير مؤسسة 'الحق' المعنية بحقوق الإنسان شعوان جبارين فاعتبر أن 'واقع الحريات لم يتمأسس، وهو خاضع أحيانا لظرف سياسي معين، وقد يكون خاضعا لقرار فردي معين، إلى جانب عدم وجود ضمانة حماية مطلقة متمثلة في سياسات وقانون محترم ينفذ ويطبق، أو في قضاء فاعل يحميها، وأكبر دليل عليها، عندما كانت ترتفع حرارة الاختلاف السياسي، لم يكن هناك احترام للحريات العامة، فيضرب بعرض الحائط المبادئ التي ينص عليها القانون'.

وأضاف جبارين: 'عندنا قانون جيد، يأخذ بالحد الأقصى من ناحية النص الجميل، ولكن من الناحية التطبيقية ليس له علاقة بالموجود'.

ويتفق نقيب الصحفيين عبد الناصر النجار جزئيا مع ما قيل سابقا، فيعتبر أن 'وضع الحريات لم يتغير، كان بشكل أساسي أفضل من غيره في المنطقة المجاورة وإن كان هناك ما يعكره من بعض الأجهزة الأمنية في ظل الانقسام، وربما في الأسابيع الماضية ظهرت غيمة سوداء في سماء الحريات الإعلامية، لكن استطعنا العودة للوضع السابق'.

أما مدير معهد العالم العربي للبحوث والتنمية 'أوراد' نادر سعيد فيرى الوضع في الضفة 'ارتباط لاستمرار الاحتلال، وقوة الأجهزة الأمنية، ما يؤدي لخلاف في كيفية علاج بعض القضايا، الأمر الذي يؤدي لبعض الانتهاكات وخاصة في حقوق الصحفيين والإعلاميين'.

ويعارضهم تماما، عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الصحفي حسام عز الدين الذي يقول إن المشكلة تكمن في المؤسسات الصحفية نفسها، وإن الكل، في إشارة إلى المؤسسات العامة والخاصة، يتغنى بالحريات الإعلامية، ويريد فتح الباب على مصراعيه للإعلام، ما يخلق حالة فوضى، وكأن الجسم الإعلامي ولد معاق، غير قادر على انتزاع حقه وينتظر ما ستوفره له المؤسسات الأخرى'.

وأضاف معللا الحال القائم، 'لا يوجد حراك منظم في الوسط الصحفي، هناك حديث من قبل بعض الصحفيين وهو حديث غير منظم وفوضوي'.

وزير العدل علي مهنا اعتبر أن أركان العدالة في أي مجتمع تتكون من؛ القضاء والنيابة ووزارة العدل والتعليم القانوني والمجتمع المدني إلى جانب المستشار القانوني للرئيس والدائرة القانونية في المجلس التشريعي والإعلام، الذي لا يقل أهمية عن بقية الأركان، لأن من شأنه لعب دور أساسي في التثقيف العدلي والردع القانوني من خلال نشر قرارات المحاكم.

عند سؤالنا عن النص القانوني، وهل حقيقة يلبي طموح الصحفيين، وأركان العدالة، نجد أن معظم الإجابات تتركز على أن نص القانون جيد، ولكنه قديم، إلى جانب إساءة استخدامه في بعض الاحيان أو استخدامه وفق مصالح معينة.

إذ يعتبر مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين أن في القانون، نص جيد وضمانة جيدة وفهم جيد، مستدركا 'في رأيي لا توجد إرادة ولا يوجد فهم ولا توجد ثقافة'.

ويوضح أن 'قانون العقوبات وضع في الستينات، وفق ظروف تناسب ذلك الزمن، وبالتالي لا يجب أن يشكل مرجعا للحكم على مسائل متعلقة بالحريات'، ورغم ذلك يشير جبارين إلى أن في هذا القانون ورغم قدمه ما يسمى بالذم المباح، 'هذا كان في الستين فما بالك في 2012'؟

أما الصحفي عز الدين فيقول: 'في قانون، وهذا شيء جيد، وقضايا اعتقال وتوقيف الصحفيين التي حصلت استندت لقانون، إلى جانب استغلال القانون لقمع الحريات، وهذا شيء طبيعي لأنه ما في حراك من قبل الوسط الإعلامي'.

ويضيف: 'في بعض الحالات يتم الاستقواء بالقانون لقمع الحريات، فالجهات التنفيذية تطبق القانون دون أي اعتبار آخر في إطار ثقافة لا تحترم مهنة الصحافة'.

ويرى سعيد أن هناك الكثير من القوانين المتعارضة، خاصة مع تعطل العملية التشريعية، خاصة وأن قانون العقوبات الساري هو القانون الأردني الذي صيغ لمرحلة معينة ولنوع معين من الجمهور، لكن الآن كل شيء تغير والقانون بقي مكانه، فبقاء القوانين وعدم تجديدها وعدم التفكير فيها بشكل مستقبلي تعطي درجة عالية من الارتباك حول تفسير القوانين.

واعتبر سعيد أن الاعتقالات الأخيرة، رغم أنها حالات معدودة إلا أنها مهمة، وتشكل فرصة لورشة عمل متكاملة لقانون يتم إصداره من خلال مرسوم، لكنه يحتاج كثيرا من العمل والإرادة السياسية وبضغط من المجتمع المدني.

وينظر وزير العدل علي مهنا إلى القانون على أنه يوفر أشكال المساءلة، رغم أنه يعتريه الكثير من النقص، حيث بالإمكان التقدم بشكوى في حال ارتكب عضو من النيابة أو قاضٍ تجاوزا إلى التفتيش القضائي.

وأوضح مهنا أنه بالإمكان إجراء تعديلات من الناحية الفنية والدستورية على القوانين، رغم غياب المجلس التشريعي، تحقيقا للمصلحة العامة، حيث يتولى الرئيس الصلاحية التشريعية استنادا للمادة (43) من القانون الأساسي.

مضيفا، نطمع في نفس الوقت أن تعمل نقابة الصحفيين على سن قوانين وأنظمة خاصة بها لإرساء قواعد تتناسب مع مفهوم سيادة القانون، دون انتهاك حقوق الآخرين أو توجيه التهم جزافا، ودون الاستناد لبينات حقيقة.

ويرى الصحفي حسام عز الدين أن الوسط القضائي لديه استعداد لفتح نافذة مع الوسط الإعلامي، و'هذا شيء جيد، لكن ما جرى في أريحا، أن ممثلي أركان العدالة أضعاف الصحفيين، وكانوا يتحدثون حول كيفية مساعدة الوسط الصحفي، وهذا دليل على أن الوسط الصحفي لا يمتلك زمام أموره'.

وتساءل: المؤتمرون رفعوا توصيات، فلمن رفعت، إذا كان المعنيون بالموضوع موجودون؟ معتبرا أن ما يجري هو حديث فقط، وورشات عمل'.

ومن وجهة نظر عز الدين فإن الخلل يكمن في الواقع الصحفي نفسه، 'فالحريات تكون حقيقية عندما تنتزع انتزاعا من قبل الجسم الصحفي، صحيح أن الواقع يقول نعم لمنح الحرية الإعلامية، ولكن هل الوسط الإعلامي يطالب بهذا الشيء.

واعتبر الحقوقي شعوان جبارين أن غياب المجلس التشريعي يضر كثيرا بموضوع الحريات والحقوق وسيادة القانون، هذا إلى جانب عدم احترام قرارات القضاء في مرات كثيرة، داعيا لنقاش مجتمعي حول الرقابة المجتمعية على المؤسسات التفيذية والقضاء.

وأضاف، 'إذا توفرت الإرادة بإمكاننا حتى، في ظل القانون السيئ، أن نحوله لممارسة جيدة، ولكن إذا وجد نص جيد وغابت الإرادة عندها يكون التنفيذ سيئا، والموضوع يتوقف على الإيمان بحرية الرأي والتعبير، معتبرا أن غياب المساءلة واحد من العوامل التي تبقي حالة التردي وتراجع الحقوق العامة'.

وأكد جبارين 'أننا بحاجة لنيابة لديها ثقافة الحقوق والحريات أكثر من ثقافة النص بمفهومه الجامد، أو التعامل برد الفعل، أو الاستجابة للضغط، ومن المفترض أن تكون الحقوق والحريات العامة هي المحرك الأساسي في النظر بأي شكوى'.

ويرى نادر سعيد ضرورة وجود جسم صحفي قوي يتحدث ويطالب بحقوقه، وعلى الأقل يطالب بتثبيت الحق في الحصول على المعلومة.

واعتبر الوزير علي مهنا أن التجربة الفلسطينية ما زالت غضة بالنسبة للتجارب الأخرى، وأن القوانين هي علوم إنسانية يختلف في تطبيقها أحيانا، ومن هنا قد يكون هناك فهم خاطئ للنص القانوني، أو نوع من التعسف في استخدامه، لذلك علينا أن نذهب للبحث في غاية المشرع في تشريع القوانين.

ويؤكد مهنا أن من حق النيابة أن تتهم ومن حق المواطن أن يشتكي، مستدركا 'لا يجوز أن نتعامل مع الشخص على أنه مدان، بل علينا أن نتعامل مع قرينة البراءة التي يتمتع فيها كل شخص، والتركيز على أن التوقيف إجراء وليس عقوبة ولا يجوز استخدامه إلا في حدود مصلحة التحقيق'.

واعتبر مهنا أن 'من أهم وسائل الوصول لحالة السلم المجتمعي التوعية والتثقيف القانوني، حيث من المهم التشديد على تدريب القضاة وأعضاء النيابة من خلال التعليم المستمر والتركيز على أن هذه الجهات هي خصم شريف، وتبحث عن أدلة البراءة كما تبحث عن أدلة الإدانة، حتى لا يكون هناك تعسف في استخدام القانون'.

وقال مهنا 'هناك إجماع على أن أحوال أركان العدالة ليست على مستوى الطموح، ومستوى التحدي، لكنها تحظى بالأولوية الخاصة لدى الرئيس ورئيس الوزراء والمستوى السياسي، حيث ستولي الوزارة الموضوع اهتماما خاصا، ليس من قبيل التدخل في القضاء، بل المساهمة في رسم السياسات والرؤى القضائية وتوفير المناخات الصحية والصحيحة لعمل عدلي يليق بالشعب الفلسطيني، إلى جانب العمل على استصدار قوانين من خلال التقدم بمشاريع تقود إلى الإسراع في إنجاز الدعوى وتقليص أمد التقاضي والعمل على الحفاظ على سيادة القانون وكرامة المواطن'.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required