مفتاح
2024 . الإثنين 22 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


نشرت صحيفة هأرتس في ملحقها الاسبوعي وثيقة "مسقبل اسرائيل الاستراتيجي" التي اعدها مركز اريئيل الصهيوني التي ترسم ملامح المستقبل في المنطقة. وفي هذا الصدد يقول الكاتب رؤبين بدهاتور:-

منذ حوالي الى ستة أشهر قدمت لرئيس الحكومة و وزير الدفاع إحدى أهم الوثائق الإسرائيلية التي كتب على الاطلاق في المواضيع الأمنية ومن المدهش أن الوثيقة التي كتبت تحت عنوان "مستقبل اسرائيل الاستراتيجي" والتي أعدت بإشراف مركز ارئيل، قد سمحت الرقابة بنشرها بالكامل وهو أمر مدهش لأنها تناقش بالتفصيل سياسة اسرائيل النووية بغية تطوير قدرتها على توجيه "ضربة نووية ثانية" وبالضرورة التبكير بمهاجمة الدولة التي تطور سلاحاً نووياً ، و كل هذا لم يصغ بعبارات او أساليب غامضة او ملتوية وإنما في شكل حقائق وتوصيات واستنتاجات توضح ان نقطة انطلاق معدي الوثيقة هي ان اسرائيل تملك مخزوناً من الأسلحة الووية.

وربما لم تكن هناك حاجة الى الاهتمام أو التأثر بمغزى توصيات هذه الوثيقة المتطرفة و دلالاتها لو ان معديها كانوا مجرد شخصيات اكاديمية بحتة لكن وجود أربعة من كبار العسكريين السابقين الذين تقلدوا مناصب مختلفة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية يكسب الوثيقة أهمية أكبر وهؤلاء العسكريون الأربعة من بين معديها الستة، اللواء احتياط بروفيسور يتسحاق بن يسرائيل الذي كان يشغل حتى عهد قريب منصب رئيس الوزراء إدارة أبحاث و تطوير الأسلحة والبنية التكنولوجية بوزارة الدفاع و د.آدير فريدور كبير الباحثين في هيئة تطوير الأسلحة بهيئة الأركان ونعمان بلاكند المساعد السابق لنائب وزير الدفاع في ميدان "الأسلحة الخاصة" والعقيد متقاعد و عضو الكنيست السابق يؤاش تسيرون والشريكان الآخران في اعداد الوثيقة أمريكيين وهما من الأكاديميين الأمريكيين .

و نظراً لأن الوثيقة تناقش قضايا مهمة للغاية لأمن اسرائيل و نظراً لأنه من المحتمل ان يتبنى صناع السياسة في اسرائيل أسسها وتوصياتها التي تتفق في معظمها مع فكرهم الأمني فإنه ينبغي تلقي قراراتها بشيء من القلق والسبب ان توصياتها المتعلقة بجيران اسرائيل وبمستقبل النزاع تبدو وكأننا نعيش في الخمسينات.

من ذلك على سبيل المثال إن معدي الوثيقة يقران بأن النزاع بالنسبة لبعض دول المنطقة يبدو و كأنه نزاع محصلته صفر، اي أنه نزاع هدفه الاوحد والوحيد هو تدمير دولة اسرائيل، وهذا على حد تقديرهم " تصور لا يسمح في أيامنا هذه بأي احتمال للتوصل الى حل و تحقيق المصالحة، ويقررون ان الخطر كل الخطر يتمثل في أن هذه الدولة تعد"دولاً انتحارية" ولو انها تملك سلاحاً نووياً فإنها سوف تطلقه على اسرائيل أي أن زعماؤها غير عقلانين ومن غير الممكن ردعهم حتى بالسلاح النووي ان التاريخ قد أثبت ان زعماء المنطقة يتصرفون بعقلانية كبيرة خاصة إذا كان الامر متعلقاً بأسلحة غير تقليدية من ذلك على سبيل المثل ، صدام حسين الذي لم يطلق صواريخ كيماوية على اسرائيل عام 1991 خوفاً من رد اسرائيل النووي.

إن الاستنتاج الذي خرج به معدو التقرير هو انه ينبغي منع هذه الدول من التزود بأسلحة نووية، حتى عن طريق توجيه ضربات وقائية للاماكن والمنشآت التي تستخدم في تطوير سلاح نووي كذلك توصي الوثيقة أيضاً بالتصفية الجسدية لبعض النخب الحاكمة في تلك الدول وبقتل العلماء العاملين في برامجها النووية. و إذا فضلت محاولات منع الدول المعادية من التسلح بسلاح نووي فإن اسرائيل سوف تضطر الى نبذ سياسة الغموض النووي التي تتبعها ، و الانتقال الى سياسة الردع النووي العلني والعملي و ذلك سوف يتطلب اتخاذها إجراءات دقيقة يمكن تمييزها بوضوح وبسهولة لاقناع الأعداء تماماً باستعداد وبقدرة اسرائيل على استخدام سلاحها النووي ضدهم ولكي يكون ذلك فإن عليها بناء قدرة على توجيه ضربة نووية ثانية وعلنية بقدرتها تدمير حوالي 15 مدينة من دول العدو من إيران و حتى ليبيا.

و في مقابل تطويرالقدرة على توجيه ضربة نووية ثانية فإن على إسرائيل اقامة تشكيل دفاعي مضاد للصواريخ الباليستية العابرة للقارات متعدد للطبقات ويتضمن الى جانب منظومة صاروخ حيتس، نظاماً يعتمد على الطائرات التي تسير بدون طيار المحملة بالصواريخ لمهاجمة منصت الصواريخ في عمق أراضي العدو وضرب صواريخه وهي في المجال الجوي للعدو بمجرد اطلاقها وباستثناء العقبات التقنية الصعبة والتكليفات المالية الباهظة جداً لتطوير هذه الانظمة الدفاعية المضادة للصواريخ النووية – فإن الوثيقة توصي باعتبار هذه الأنظمة عنصراً رئيسياً من عناصر الاستعداد الإسرائيلي الأمر الذي يتعارض مع المنطق الاستراتيجي الذي من المفترض ان يوجه الفكر الإسرائيلي في العصر النووي.

لقد اكثر معدو الوثيقة من الاستشهاد بالسياسة الامريكية و كان من الأجدر بهم أن يتعلموا من الامريكيين في موضوع الوقاية من الصواريخ، لقد توصل الأمريكيون في نهاية الستينات الى استنتاج مؤداه انه ليس هناك سوى احتمال واحد فقط في مواجهة الصواريخ النووية وهو احتمال الرد لقد أدرك الأمركيون واقتنعوا السوفييت أيضاً بأن محاولة الدفاع عن انفسهم ضد الصواريخ هي محاولة محكوم عليها مسبقاً بالفشل وأن نصب أنظمة دفاعية في مواجهة صواريخ الطرف الآخر ان يؤدي إلا الى عدم الاستقرار والى الأضرار بمصداقية الدولتين .

لقد تجاهل معدو الوثيقة التطورات الايجابية التي حديث بالمنطقة ولم يغيروا من تقديراتهم المتشائمة في الملحق الذي أضافوه الى الوثيقة في الشهر الماضي حتى بعد خروج العراق من دائرة التهديدات الموجهة لإسرائيل و بعد قرار ليبيا بالتخلص من أسلحتها غير التقليدية إن منطقهم الذي لا يؤمن بان التفاعلات السياسية سوف تؤدي الى الحد من التهديدات الوجودية يمثل مشكلة كبيرة لأن تبنيه سوف يتطلب استثمارات ضخمة في الاستعدادات لمواجهة التهديدات التي لم تعد قائمة في أغلبيتها كما ان احتمالات تحقق الجزء الباقي منها أصبحت ضئيلة جداً إن المشكلة تكمن في ان هذه الوثيقة تتفق تماماً مع هوى و فكر رئيس الحكومة و وزير الدفاع وبقية صناع السياسة الحالية الذين لا يؤمنون بالتسويات السياسية ويفضلون تضخيم تهديدات وهمية، ويواصلون رصد الموارد المالية الهائلة لميزانيات الدفاع.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required