مفتاح
2024 . الإثنين 22 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

مقدمة:

بقيت القدس حتى منتصف القرن التاسع عشر تنحصر في البلدة القديمة، أما المناطق المحيطة بها فقد كانت خاوية. بدأت بدايات إقامة الأحياء خارج الأسوار عام 1860 وتطورت في عهد الانتداب البريطاني من جميع الجهات وظهرت الأحياء العربية باتجاه الجنوب الغربي، أما الأحياء اليهودية فأخذت اتجاه شمال غرب، وغرب. ومع اندلاع حرب عام 1948، وجدت الأحياء اليهودية في القدس الغربية نفسها بدون عمق يهودي حقيقي مع الساحل، وعملياً كانت معزولة تماماً من جميع الجهات، مما اربك القيادة الإسرائيلية في توفير المؤن وفك الحصار المفروض عليها من الجانب الفلسطيني. وكانت الخطوة الأولى بعد حرب 1948 تتمثل في تنظيف الممر من القرى العربية الموجودة بين الساحل والقدس، فهدمت وهجرت حوالي 15 قرية عربية. وكان لتقسيم المدينة أثره في إعاقة تطور المدينة فبقيت المدينة مكشوفة مهمشة تقبع في طرف الممر لنهاية الطريق الساحلي، فانعكس أثر ذلك على طريقة البناء الذي أقيم فيها، والذي يشبه القلاع المحصنة، وعلى دور المدينة في أداء دورها كعاصمة معلنة من الجانب الإسرائيلي.

حرب حزيران :-

حدث تطور جوهري في طابع القدس بعد عام 1967، حيث جرى تطبيق نظرية توسيع "الممر" شمالاً وجنوباً وشرقاً وذلك ضمن سياسة واضحة كانت قد وضعت استراتيجيتها من قبل المحافل الأمنية. وكان لتوحيد شطري المدينة الأثر الكبير في تحويلها إلى مركز للمحور الرئيسي بين البحر والنهر، وارتباطها بباقي الأجزاء. فكانت الخطة الرئيسية اقامة الأحياء اليهودية في المناطق التي تم ضمها إلى إسرائيل بعد عام 1967، فأنشأت إسرائيل (15) مستوطنة يسكنها الآن 180 ألف مستوطن، غير أن القضية الرئيسية أن القدس الشرقية بقيت عربية مثلما كانت، على الرغم من السياسية الإسرائيلية المبرمجة في تهويد المدينة قد حققت بعض النجاحات على الصعيد الجغرافي. لكن المشكلة السكانية بقيت تؤرق صانعي السياسة الإسرائيلية في هضم المدينة.

نعم قامت إسرائيل بتطوير وزيادة حجم المستوطنات القائمة في ممر القدس، وهذه المستوطنات تعززت وتطورت بشكل مذهل وبوتيره سريعة فأقيمت المستوطنات داخل الخط الأخضر وخارجة بدءاً من شمال غرب القدس (كتلة جبعات زئيف، وجنوب غرب القدس كتلة كفار عتصيون) حتى وصلت إلى الجنوب الشرقي (كتلة تقواع) وتم وصلها بالشوارع الإقليمية ومشاريع النجوم التي أقيمت في منطقة اللطرون. إلا أن هذا التواصل غير مكتمل لوجود فراغات جغرافية كبيرة بين هذه الكتل. وعلى الرغم من ان إسرائيل تحاول أن تحول هذه المدينة من مدينة هامشية إلى مدينة في قلب الدولة بفضل موقعها الجغرافي ودورها الاستراتيجي، إلا إنها وبعد 35 عاماً من الاحتلال فشلت في ذلك بالرغم من إقامة كتل استيطانية وصلت شرقاً حتى مشارف الغور وشمالاً حتى مشارف رام الله، لأن هنالك جهوداً جبارة من الجانب الفلسطيني لوقف كل محاولة للتفكير بالتوسع الإسرائيلي شرقاً من اجل إغلاق القدس من الناحية الشرقية وذلك بإقامة تواصل جغرافي يمتد من شمال شرق القدس/ حتى منطقة بيت لحم (جبع، حزما، عناتا، الزعيم، العيزرية ابو ديس، صور باهر). وفي محاولة محمومة، قامت إسرائيل بإقامة حي (جبعات هماتوس) في منطقة بيت صفافا، بهدف قطع التواصل الجغرافي بين الكتل العربية في القدس وبيت لحم، وجبل ابو غنيم في الجزء الجنوبي الشرقي من المدينة. وخوفاً من بقاء المدينة مدينة هامشية، وللتغلب على المخطط الفلسطيني في إرجاع المدينة مدينة أطراف، بدأت إسرائيل في طرح فكرة عزل المدينة (غلاف القدس) من اجل تحقيق مجموعة كبيرة من الأهداف الاستراتيجية:

1- الطرح الديمغرافي وحسمه للصالح الإسرائيلي ، بعد أن تم الحسم الجغرافي .

2- منع إقامة تواصل جغرافي عربي داخل حدود بلدية القدس الحالية، بإقامة كتل استيطانية داخل الأحياء العربية (راس العمود، جبل الزيتون، جبل المكبر، وادي الجوز، الشيخ جراح). وإقامة شارع الطوق الذي يحدد الحدود الشرقية للمدينة وينقل المعركة من داخلها إلى حدودها.

3- وصل المستوطنات الواقعة خارج حدود نفوذ البلدية بالمدينة وبالتالي تحويل هذه المستوطنات إلى غلاف خارج يحمي المدينة ويمنع التواصل العربي للقرى العربية، وسيخلق التواصل الاستيطاني حزاما أمنيا للقدس من الشرق.

4- منع التطور العربي للقرى بعد إقامة جدار الأمني وبالتالي حدوث فراغ سكاني وجغرافي يحمي المدينة من الناحية الشرقية، نتيجة هجرة عربية من هذه القرى باتجاه مناطق أخرى.

5- ضم مساحات كبيرة من الأراضي خارج حدود نفوذ بلدية القدس مع اقل عدد من السكان كما حدث في منطقة جنوب شرق القدس (صور باهر، بيت ساحور، بيت لحم)، رغبةً في ملء الفراغ بالبؤر الاستيطانية.

6- جعل شارع الطوق الذي تم المصادقة عليه وبعد أن تم تسويغ المشروع عن طريق الموافقة الفلسطينية على التعديلات على مساره، جرى إقامة الجدار خلف هذا المشروع كجدار أمني ومنع أي استفادة من هذا الطريق لخدمة التطور العربي (يقع الجدار الأمني شرق شارع الطوق).

7- تم إخراج ما يزيد عن 25 ألف فلسطيني بهذا الجدار الأمني بالرغم من أن هذه المناطق تقع تحت نفوذ بلدية القدس التي تم توسيعها بعد عام 1967. (مناطق شمال القدس، قلنديا، ام الشرايط، كفر عقب، سميرا ميس).

وفي خطوة غير مسبوقة وقع وزير الدفاع شاؤول موفاز على أوامر، بمقتضى أنظمة الطوارئ (1945) تغطي بصورة قانونية نشر الحواجز والاسيجة والعراقيل الأخرى في ثلاثة اماكن بالقدس. وهذه الخطة التي أعدها اللواء عوزي ديان وقائد لواء القدس في الشرطة (ميكي ليفي) بعد مشاورات مع رئيس الوزراء، اصدر شارون أوامره بإزاحة هذا الخط شرقاً وجنوباً وشمالا.ً والاعتبار الذي استند إليه شارون لم يكن أمنياً صدفة بل استغل الظروف الأمنية لتحقيق أهداف سياسية وفرض أمر واقع إسرائيلي جديد على مسألة تقسيم القدس. وما يسعى اليه شارون الآن هو إزاحة حدود بلدية القدس إلى مناطق يطلق عليها اسم "القدس الكبرى".

وهكذا امتزجت الرؤية الأمنية بالرؤية السياسية لتحقيق مجموعة من الأهداف:-

1- تحسين الدفاع عن القدس.

2- تحقيق نظرية القدس الكبرى.

3- خنق تطور القدس الفلسطينية (ابو ديس، العيزرية) باعتبارها مناطق بؤر فلسطينية.

4- ضم أحياء معاليه ادوميم وجبعات زئيف وجميع المستوطنات الواقعة اليوم خارج بلدية القدس اليها، وبالتالي رسم حدود كامب ديفيد حول القدس وإعادة خلخلة التوازن الديمغرافي لصالح الإسرائيليين بعد ان تبين بالدراسات الحديثة أن العرب اصبحوا يشكلون 35% من المجموع العام للسكان في القدس (الموحدة).

5- إخراج قرى ومناطق عربية من حدود البلدية وبالتالي التخلص من السكان العرب (كفر عقب، منطقة مطار القدس).

وتهدف الخطة الإسرائيلية إلى ما يلي:-

1- الاهتمام بغلاف القدس ((والمقصود تقوية وتعزيز الوجود الإسرائيلي الأمني والاستيطاني خارج حدود بلدية القدس ضمن ثلاث حلقات)).

أ. الحزام الأول مكون من حزام قلنديا(عطروت) (جبع) (مستوطنتا كوخاف يعقوب وبسجوت)، جبعات زئيف.

ب. حزام ثان ٍ(جبع،عناتا) ويضم مستوطنات آدم،علمون، معاليه ادوميم.

ج. حزام ثالث (جبل ابو غنيم، جيلو).

2- إنشاء لواء عسكري خاص يكون مسؤولاً عن (اغلاق القدس).

3- فصل مناطق كثيرة بواسطة حواجز عسكرية (وليس شرطية)عن مركز المدينة.

4- إغلاق جميع المؤسسات الفلسطينية الموجودة في القدس (وتطهير) المدينة. كما حدث في السنوات الماضية للمؤسسات الفلسطينية التي تم إغلاقها.

5- إبعاد الشخصيات الوطنية أو التحقيق معها وإبلاغها بأنها شخصيات غير مرغوب فيها.

6- سحب الهويات الإسرائيلية من المواطنين المقدسيين الساكنين في المناطق التي سيتم تحويلها إلى مناطق فلسطينية (بيت حنينا، كفر عقب، قلنديا) وتسليمهم هويات فلسطينية، مع إبقائهم تحت السيطرة الإسرائيلية منطقة (ج).

7- اعتقال من يعملون في أجهزة السلطة الفلسطينية وإبعادهم إلى مناطق خارج حدود البلدية.

8- تقليص الوجود السكاني الفلسطيني في منطقة القدس حيث تتم السيطرة الأمنية والاقتصادية عليهم وجعلهم نسبة عددية لا تتجاوز 12% من المجموع العام للسكان داخل البلدية (الآن 35%).

9- ربط حزام القدس الشرقي بالقدس الغربية عن طريق الأنفاق التي تشق الآن (جبل المشارف) (جبل الزيتون).

10- ربط المستوطنات خارج حدود بلدية القدس مع مستوطنات داخل حدود البلدية (آدم، نفي يعقوب).

11- إقامة الحواجز في عدة معابر خصوصاً في الأحياء الشمالية المكتظة (مخيم شعفاط ، حاجز الزعيم، المسالك الترابية المؤدية للعيزرية وابو ديس).

12- إغلاق عدة مكاتب تابعة للسلطة الفلسطينية في العيزرية وابوديس على حدود (المنطقة ب).

13- زيادة البؤر الاستيطانية داخل الأحياء الفلسطينية وإسكانها بالمستوطنين (من المرجح: إسكان 205 وحدة سكنية في راس العمود خلال الأسابيع المقبلة وإقامة حي استيطاني جديد في جبل المكبر).

14- فصل خدمات الكهرباء المزودة لهذه البؤر عن شركة كهرباء محافظة القدس، والبدء بإقامة شبكة كهرباء خاصة بالمستوطنات مرتبطة مباشرة بشركة الكهرباء الإسرائيلية لتزويد البؤر الاستيطانية بالكهرباء بشكل مباشر.

15- تخصيص مبالغ مالية تقدر بـ 11 مليون دولار من اجل تطوير البنية التحتية في القدس الشرقية وربطها بالقدس الغربية . وتقدّر مصادر بلدية القدس أن البلدية بحاجة إلى مليار شيكل من اجل تحقيق المساواة بين القدس الشرقية والغربية.

وتطويراً للمفهوم السياسي بإقامة القدس الكبرى، وإقامة مشاريع الكانتونات، تنفيذا لمشروع شارون الذي طرح في عام 1983، وبعدها في 1990 تم الإعلان عن مجموعة من الأوامر العسكرية الصادرة من قبل الحكم العسكري بإقامة جدار الفصل في منطقة جنوب القدس والذي نص على إقامة سياج أمنى ضاماً ما يزيد مساحته عن 1300 دونماً من أراضى مدن بيت لحم ، بيت ساحور، بيت جالا) داخل حدود بلدية القدس وإخراج جميع المناطق العربية المأهولة بالسكان، بدون إزعاج أو ردود فعل دولية، باستخدام حجة (الدفاع عن النفس) في رسم ما تراه مناسباً لها لتحقيق الأهداف التالية:

أ- إقامة تكتل عربي مكون من ثلاث مدن تم محاصرتها من جميع الجهات وتشكيل تطبيقاً للرؤية الإسرائيلية في إقامة دولة فلسطينية مكونة من ثماني كانتونات مرتبطة محاطة بإسرائيل من جميع الجهات

ب- إقامة القدس الكبرى دون الإعلان عنها وتطبيقاً للمفهوم الإسرائيلي الذي تم طرحه في مباحثات فلسطينية إسرائيلية سابقه وهذا المفهوم يندرج ضمن إطار اكبر مساحة من الأرض والمستوطنات المحبطة بالقدس من اقل عدد ممكن من السكان العرب.

على ضوء ما سبق، فإن جدار الفصل المقام الآن بالضفة الغربية أو خطة عزل مدينة القدس بإمكانها أن تحل مشكلة أمنية لإسرائيل، ولكنها لا توفر حلولاً على المدى الطويل، بل أن مشاريع إسرائيل المطروحة الآن والمنفذة على ارض الواقع ستكون لغماً مؤقتاً سينفجر بين لحظة وأخرى.

*مدير دائرة الخرائط- جمعية الدراسات العربية/ القدس.

عن (أمين) www.amin.org

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required