مفتاح
2024 . الأحد 21 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء قطاع غزة من التواجد العسكري و جميع المستوطنات التي كانت متمركزة به في العديد من المحاور و النقاط العسكرية و التي كانت تغطي قطاع غزة من شماله و حتى جنوبه، إضافة إلى المستوطنات الإسرائيلية التي كانت تبتلع ما يقارب 39% من أراضي قطاع غزة. وقد جاء إخلاء قطاع غزة بعدما أقرت حكومة الاحتلال خطة من جانب واحد تقتضي بالانفصال و إخلاء قطاع غزة و تسليم إدارته و السيطرة عليه إلى السلطة الوطنية الفلسطينية.

وأمام هذه التغييرات التي بدأت تؤسس لمجموعة من التوجهات و الرؤى المتباينة و المتضادة، و في ظل ما تشهده الساحة من خطى محمومة نحو قراءة المستقبل و الاستنباط به و محاولة استكشافه، فإننا نضع هذه الورقة لتقديم تصور قانوني بما يتناسب مع فهم و قراءة المؤسسة لمجموعة المتغيرات من وجهة نظر القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب و التي تعتبر القاعدة و المعيار القانوني الدولي الذي يتم الاحتكام إليه لقياس مدى اتفاق و انسجام تلك المتغيرات مع القانون الدولي الإنساني، و على وجه الخصوص ما يتعلق بأوضاع الأسرى و المعتقلين الفلسطينيين بعد إخلاء قطاع غزة.

لقد جاء الاحتلال الحربي الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة خروجا و إبداعا عن كل حالات الاحتلال التي شهدها التاريخ الحديث، و استخدم من الوسائل و الآليات ما لا يقارن بأي نموذج آخر لإبداعه المستمر و الدائم، وحاول على مدار احتلاله إعطاءه صبغة الشرعية القانونية و الانسجام بأحكام و معايير القانون الدولي و القانون الدولي الإنساني.

منذ ذلك التاريخ و لم تدخر دولة الاحتلال أي جهد لتسويغ تصرفاتها و قراراتها بما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة على أنها منسجمة مع القانون الدولي و القانون الدولي الإنساني، وتجلت تلك التصرفات و القرارات خاصة بما يتعلق بالأسرى و المعتقلين الفلسطينيين في سجونها ومعتقلاتها.

وأمام هذه المعطيات فإننا ومن خلال هذه الورقة سنقدم تصور قانوني لأوضاع الأسرى و المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي خاصة معتقلو قطاع غزة بعد إخلائه من التواجد العسكري الإسرائيلي.

تزعم دولة الاحتلال الإسرائيلي بأن ما قامت به من إخلاء لقطاع غزة هو انسحاب و تحاول تسويقه أمام الرأي العام الدولي على أنه كذلك، و لكن المتطلع و المتفحص لما قامت به دولة الاحتلال يجد أن الأمور ليست كذلك بل أن حالة الاحتلال الحربي الإسرائيلي لقطاع غزة لم تزل قائمة بشقيها المادي و القانوني.

ولتخصيص هذه الورقة حول أوضاع الأسرى و المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بعد إخلاء قطاع غزة من التواجد العسكري الإسرائيلي، فقد عقدت العديد من المؤتمرات و الأوراق سواء على الصعيد الرسمي أو الأهلي و قدمت موقفا واحدا و محددا حول الوضع القانوني لقطاع غزة بعد إخلاءه من التواجد العسكري الإسرائيلي و تم إعطاء تصور واضح حول ذلك و انعكس ذلك على الخطاب الرسمي الذي تتبناه المؤسسة الرسمية في تعاطيها مع هذا الحدث، و التي تؤكد في كل المناسبات و المنابر على عدم انتهاء حالة الاحتلال لقطاع غزة على الرغم من إخلاءه فعليا من التواجد العسكري الإسرائيلي.

أما فيما يتعلق بملف الأسرى و المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد إخلاء قطاع غزة و إعادة الانتشار فيه فإنه يجب النظر إلى بعض المحددات و ذلك لمحاولة توصيف الملف من الناحية القانونية.

1. تحتكم دولة الاحتلال الإسرائيلي في معالجة ملف الأسرى و المعتقلين إلى الأوامر العسكرية الإسرائيلية و التي تنظم عملية الاعتقال منذ لحظة الاعتقال الأولى و حتى الإفراج عن المعتقل.

2. تستخدم دولة الاحتلال ما يسمى " الاعتقال الإداري" بحق المعتقلين الفلسطينيين حيث الاعتقال دون وجود أية تهمة بحق المعتقل و يتم اعتقاله بموجب قرار صادر من القائد العسكري الإسرائيلي للمنطقة التي يخضع المعتقل لإدارتها.

3. تنظر جميع القضايا الخاصة بالأسرى والمعتقلين الفلسطينيين محاكم عسكرية مكونة ومشكلة من قضاة عسكريين تكون مهمتهم تنفيذ الأوامر العسكرية الخاصة بهذا الشأن.

4. على مدار الاحتلال استخدمت دولة الاحتلال هذا الملف كأحد الوسائل الضاغطة و المؤثرة لإحداث أكبر ضرر و ألم في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

5. اعتقال الفلسطينيين في سجون و معتقلات داخل إسرائيل و ليس بالأراضي المحتلة.

وأمام هذه المحددات فإننا نجد أن هذا الملف قد حظي باهتمام خاص من جانب دولة الاحتلال بإمعان الانتهاك السافر لحقوق الإنسان و للقانون الدولي الإنساني و محاولة إحداث أكبر ضرر و ألم ممكن في صفوف هذه الفئة من المدنيين الفلسطينيين.

إذن فمخالفة دولة الاحتلال للقانون الدولي الإنساني وعلى وجه الخصوص اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب و قانون حقوق الإنسان هو المعيار و المنهج الذي انتهجته طوال فترة احتلالها. ولنا في سبيل استعراض المخالفات و الانتهاكات التي ارتكبتها ما لا يتسع المجال هنا لاستعراضه و توضيحه.

أما ما يتعلق بأوضاع الأسرى و المعتقين بعد إخلاء قطاع غزة فإن الأمر للا يختلف كثيرا حيث مسلسل الانتهاكات و المخالفات القانونية مازال مستمرا و متواترا ومتصاعدا و لكن هنا يجب استعراض بعض العناصر وهي:

1. بعد إخلاء قطاع غزة من التواجد العسكري الإسرائيلي فإن الجيش الإسرائيلي قد أصدر منشور يعلن فيه إنهاء الحكم العسكري لقطاع غزة وتسليم الإدارة و السيطرة على القطاع إلى السلطة الفلسطينية.

2. بانتهاء الحكم العسكري لقطاع غزة وفقا لهذا المنشور قامت حكومة الاحتلال بالعديد من الخطوات وهي:

أ‌- تم إلغاء المحكمة العسكرية و كذلك النيابة العسكرية في إيرز " شمال قطاع غزة".

ب‌- تم نقل جميع القضايا المتعلقة بالمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة إلى المحاكم المدنية و إلى المدعي العام المدني.

ت‌- ابتدعت إسرائيل مفهوما جديدا في تكييف اعتقالها لبعض المعتقلين الفلسطينيين تحت مفهوم "مقاتل غير شرعي حيث كانت قد أصدرت قانونا يجيز بموجبه لرئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي بأن يصدر أمر باعتقال اثنين من المعتقلين الإداريين و هم رياض سعدي عياد 32 عاما من غزة و حسان مسعود عياد 32 عاما من غزة.

و أصدرت بتاريخ 12/9/2005 أمرا عسكريا يقضي باستمرار اعتقالهم باعتبار أنهما " مقاتلان غير شرعيان ".

وبناءا على ما تم استعراضه تبين لنا حجم الخروقات و الانتهاكات و الاستهتار و الاستخفاف الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسرى و المعتقلين الفلسطينيين و كم هي الوسائل و الآليات التي تحاول تسويغها لإضفاء الشرعية القانونية على جميع التصرفات و القرارات و على وجه الخصوص تلك المتعلقة بقضية الأسرى و المعتقلين في سجونها.

وكما ذكرنا سابقا فإن دولة الاحتلال تحاول تسويق ما قامت به في قطاع غزة على أنه انسحاب بالمفهوم المادي و القانوني و ذلك لتحقق من خلال تعميق تلك التصورات و القناعات العديد من النتائج التي تتفق و تنسجم مع مصالحها و فهمها لطبيعة الصراع ومنحنياته التي يجب أن يمر من خلالها.

فموقف القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بحالة الأسرى و المعتقلين بعد جلاء الاحتلال من الأراضي المحتلة واضح و محدد.

فقد أكدت المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب على أن " يسلم الأشخاص المحميون الذين اتهموا أو أدانتهم المحاكم في الأراضي المحتلة مع الملفات المتعلقة بهم، عند إنهاء الاحتلال إلى سلطات الأراضي المحررة ".

وعليه ووفقا للقانون الدولي الإنساني فإنه يجب على دولة الاحتلال في حال الانسحاب من الأراضي التي تحتلها أن تسلم جميع المعتقلين لديها إلى السلطة التي تتولى الأراضي المحررة.

وعليه فإن مؤسسة الضمير تؤكد على الآتي:

1. ان ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من إخلاء لقطاع غزة و إعادة الانتشار فيه لا يمثل انسحابا لا بالمعنى المادي ولا القانوني. و استمرار اعتقال المواطنين من قطاع غزة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي إنما هو أحد الدلائل و المؤشرات لذلك.

2. ان ما تسوقه قوات الاحتلال الإسرائيلي على أنه إنهاء لحالة الاحتلال في قطاع غزة إنما هي محاولة لتضليل الرأي العام الدولي و صولا إلى التهرب من المسؤوليات و الالتزامات القانونية المترتبة عليها و ذلك تطبيقا و إعمالا للقانون الدولي الإنساني و اتفاقيات و مواثيق حقوق الإنسان.

3. استمرار الانتهاكات و المخالفات بحق الأسرى و المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إنما يمثل رؤية ومنهاج تتبعه قوات الاحتلال في استهتار و استخفاف واضح و بيّن للقانون الدولي الإنساني و قاموس حقوق الإنسان.

4. إلغاء المحكمة العسكرية في إيرز شمال قطاع غزة و النيابة العسكرية و صدور منشور يلغي من خلاله الحكم العسكري لقطاع غزة و أخذ مجموعة من الإجراءات القانونية الجديدة لا يعتبر مؤشرا قانونيا بأي حال من الأحوال على إنهاء حالة الاحتلال لقطاع غزة الأمر الذي يعني استمرار مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين و انطباق اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب على قطاع غزة.

5. الإفراج عن جميع الأسرى و المعتقلين في سجون الاحتلال هو أحد الاستحقاقات الرئيسية الذي يجب أن تلتزم بها حكومة الاحتلال لما تسميه إنهاء الحكم العسكري لقطاع غزة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required