مفتاح
2024 . الإثنين 22 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 


رام الله - وفا- فيما يلي نص تقرير الحكومة الفلسطينية الربع سنوي المقدم إلى المجلس التشريعي:

بسم الله الرحمن الرحيم الأخ رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الأخوات والأخوة الأعضاء السيدات والسادة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسمحوا لي قبل أن أبدأ في تلاوة هذا التقرير أمامكم، أن أترحم وإياكم على روح الشيخ الجليل الشهيد أحمد ياسين، القائد الفلسطيني الذي اغتالته يد إرهاب الدولة بدم بارد، لتضيف بذلك جريمة أخرى إلى سلسلة الجرائم المرتكبة بحق هذا الشعب، وبحق قادته الغر الميامين، هؤلاء القادة الذين أشعلوا بدمائهم الطاهرة، دائماً وأبداً، روح الكفاح والصمود والمقاومة، وظلوا منارات مضيئة على الطريق المفضي إلى فجر الحرية والكرامة والاستقلال.

ولا يفوتني أن أجدد أمامكم استنكارنا البالغ، وشجبنا العميق لهذه الجريمة التي تمثل عدواناً سافراً، واستفزازاً متعمداً، خطط له بعناية، لاغتيال رمز فلسطيني بارز، واستدراج ردود فعل انتقامية واسعة، من شأنها أن تصب الزيت على النار، وأن تفاقم حدة العنف والمواجهة، وأن تخلق المسوغات والذرائع المفتعلة، لتبرير سياسة الحصار والاجتياح والقتل والاغتيال والتدمير، والتهرب من تنفيذ خارطة الطريق، الأمر الذي ننبه له وإلى تجنب اللعب في الملعب الإسرائيلي، بقواعد اللعبة الإسرائيلية وشروطها القائمة على منطق العنف والقوة والتفوق العسكري.

ونحن على ثقة بأن دم الشيخ أحمد ياسين، وإخوانه الذي قضوا في ذلك الفجر الدامي، لن يذهب هدراً.وبأن هذه الجريمة النكراء لن تضعف إرادة شعبنا في مواصلة كفاحه الوطني المشروع، ولن تزعزع تمسكه بحقه الثابت في انتزاع حريته واستقلاله، وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس مهما عظمت التضحيات.

وبإرادتنا، وصمودنا سننتصر، وبأرواح شهدائنا الأبرار نعزز حتمية انتصارنا، تماماً على نحو ما ظل يقصه ببلاغة شديدة، تاريخ شعبنا المجيد، الحافل بالعطاء العظيم، على مدى العقود الطويلة الماضية. وبعد

يسرني أن أقدم لكم تلخيصاً لتقريرنا ربع السنوي عن أداء الحكومة، في الفترة الواقعة من تاريخ نيلها ثقة مجلسكم الموقر يوم 12/11/2003، وحتى أوائل آذار/مارس 2004، هذا التلخيص المبني على تقارير الوزراء الربعية المقدمة بموجب القانون، وأداء رئيس مجلس الوزراء خلال تلك الفترة، كي نتمكن معاً من تعزيز وتطوير أواصر الثقة وتوطيد علاقات التعاون القائمة بين السلطتين: التشريعية والتنفيذية، وتفعيل الخطى على طريق بناء الحكم السليم، الذي يطمح إليه شعبنا الصامد الصابر المكافح.

أيتها الأخوات. .أيها الأخوة لقد تشكلت هذه الحكومة في ظروف بالغة الصعوبة، أنتم خير من يدركها، ومنذ أن مَثُلَتْ أمام مجلسكم قبل أكثر من ثلاثة أشهر، لنيل ثقته، لم يتغير المشهد السياسي من حولنا كثيراً، ولم تختلف معطيات البيئة السياسية والأمنية الراهنة عما كانت عليه عشية تشكيل الحكومة: عدوان وحصار مستمر، وحال اقتصادي متدهور، ووضع أمني داخلي يدعو للقلق بشكل متزايد.لقد استمرت هذه الأوضاع تعمل بصورة مشتركة على وضع مزيد من التحديات أمام الحكومة، ولمنعها من القيام بواجباتها الموكولة لها، وعرقلة مهامها على كل الصعد وفي سائر المجالات.

ومما زاد من تفاقم الوضع بصورة مطردة، هذه الأعمال التوسعية الاستيطانية الجارية على قدم وساق، والتي كان أخطرها مواصلة بناء جدار الضم والتوسع، الجدار الذي يشكل تصعيداً سافراً وخطراً ويمثل تهديداً مباشراً، ويجسد عدواناً فظاً، كونه يشكل أكبر عملية نهب استيطاني للأرض الفلسطينية، وأبشع استهتار بالحقوق الأساسية للإنسان الفلسطيني، لا سيما وأنه يصادر الأرض ويقطع سبل الرزق وأوصال الوطن، وتكمن خطورة هذا المشروع الاستيطاني في حالة استكماله، في أنه يكرس الاحتلال، ويمنع إقامة الدولة الفلسطينية، ويقوّض فرص الحل القائم على مبدأ إنهاء الاحتلال، ويلغي قاعدة إقامة دولتين مستقلتين منفصلتين، وفق قرارات الشرعية الدولية، وخارطة الطريق ورؤية الرئيس بوش.وفي حال تنفيذه بالكامل فإنه سيمتد نحو 750 كم، ويتفرع منه جدار فرعي يقطع التواصل الإقليمي للضفة الغربية، ويحولها إلى معازل عنصرية، ستكون بمثابة سجون كبيرة، ويلتهم ما يزيد عن 2490 كم مربع من مساحة الضفة الغربية. وفي غضون ذلك كله، لم تتوقف سياسة الاغتيال والاعتقال، والحصار والإغلاق، بما في ذلك الحصار الغاشم المفروض منذ عامين على رئيسنا المنتخب الأخ أبو عمار.كما تواصلت أعمال هدم المنازل وتجريف المزارع وتخريب الطرق والمرافق والمعامل، وصعدت سلطات الاحتلال مؤخراً أعمالها الإجرامية باقتحام بعض البنوك والسطو المسلح عليها، وغير ذلك من انتهاكات مروعة استهدفت حقوق الإنسان الفلسطيني، بما في ذلك حقه في العمل والتنقل والتعلم والاستشفاء، مما يبرز بوضوح شديد مواصلة إسرائيل حربها الشاملة، وخططها الرامية إلى تقويض الحياة الاقتصادية، وتضييق فرص العيش الكريم للمواطن الفلسطيني، وإضعاف بنية السلطة الفلسطينية، وتبديد قدراتها على القيام بدورها الأمني والسياسي والاقتصادي، وعرقلة أعمالها المتعلقة بالخدمات الحياتية للمواطنين، وفضلاً عن تعزيز عوامل إشاعة الفوضى وانعدام النظام العام، حيث يجري ذلك كله في ظل صمت دولي مريب، وفي ظل تحيز أميركي سافر.

ولا بد من الإشارة هنا بكل صراحة، إلى أن مقاومة الشعب الفلسطيني لمخططات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي، قد عانت من تداعيات العمليات التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين، تلك العمليات التي استخدمت كذرائع مفتعلة لمواصلة العدوان الشامل، وفرض العقوبات الجماعية، بما في ذلك الممارسات اللاإنسانية على الحواجز، والمداهمات التي تمس يومياً حياة وكرامة مئات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين الأبرياء، سيما الأطفال والنساء والمسنين.وكما تعلمون فقد أدنا هذه العمليات المرفوضة أخلاقياً، وها نحن نؤكد اليوم رفضنا لها من على هذا المنبر، لأنها تثقل على صورة كفاحنا الوطني المشروع، وتخلق التباساً غير مفهوم من جانب المجتمع الدولي، وتدمر اقتصادنا، كما أنها تشكل فوق ذلك غطاءً للحكومة الإسرائيلية لمواصلة مخططات الاستيطان وجدار الضم والتوسع.إن رفضنا لهذه العمليات لا ينبع من كونها تتناقض مع خيارنا لطريق السلام فقط، بل لأنها تساهم أيضاً في مراكمة الكراهية والعداء وانعدام الثقة بين الشعبين، وتضع عقبات أمام انطلاق عملية السلام من جديد، علاوة على أنها تلحق ضرراً جسيماً بحركة التعاطف والتضامن الدولي معنا، وتضعف كذلك معسكر السلام في إسرائيل.

أيتها الأخوات والاخوة أعضاء المجلس على الرغم من حجم الأذى الذي أصابنا منذ الثامن والعشرين من أيلول/سبتمبر 2000، والمستمر حتى اللحظة، فإن إيماننا الراسخ بخيار السلام لم يتزعزع، وتمسكنا بضرورة العودة إلى مائدة المفاوضات لم يضعف، ونحن لسنا بحاجة إلى إثباتات جديدة على صدق موقفنا وتوجهنا، فقد وافقت القيادة الفلسطينية على كل المبادرات التي استهدفت الخروج من دوامة العنف، ابتداء من تفاهمات جورج تنت وتقرير جورج ميتشيل، إلى خطة خارطة الطريق، ونحن لم نأل جهداً خلال ذلك كله، لتحقيق التقدم المنشود في تنفيذ تلك المبادرات، وإعادة عملية السلام إلى طريقها الصحيح.وما تزال يدنا ممدودة للسلام العادل المستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وما فتئ اعتقادنا بأن طريق المفاوضات هو أسلم الطرق للوصول إلى تحقيق أهدافنا الوطنية المشروعة، وأنجع البدائل المتاحة لوقف المعاناة الفلسطينية، وأفضل السبل لإنهاء سيل الدماء المراقة، سيما وأن ضياع خيار السلام لن يكلل بالغار رأس أحد ولن يقرب طرفاً من أهدافه المشروعة.ومن يتعظ من عبر التاريخ ودروسه الثمينة، فلا بد له أن يتحقق من أن تجارب الشعوب لم تسجل على مدى التاريخ انتصار الاحتلال الأجنبي في أي مكان من كوكبنا، وقهر شعب مهما كان صغيراً. فكل احتلال زائل، ومصير الاحتلال الإسرائيلي لن يكون هو الاستثناء.

مقاومة جدار الضم والتوسع الاستيطاني لقد وضعت حكومتنا هدف مقاومة جدار الضم والتوسع على رأس قائمة أولوياتها، من منطلق إدراكها بأن هذا الجدار، في حالة مواصلة بنائه، سيترك نتائج خطرة جداً على حاضر ومستقبل القضية الوطنية.وإذا كانت المستوطنات قد شكلت العقبة الأبرز أمام عملية السلام لغاية الآن، فإن مواصلة بناء الجدار في أراضي الضفة الغربية، لا يشكل تصعيداً غير مسبوق في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي وللحق الفلسطيني فقط، وإنما يحول دون تحقيق السلام ذاته.وانطلاقاً من هذا الإدراك، فقد وظفت الحكومة لهذه الغاية طاقتها السياسية وعلاقاتها الدبلوماسية وجهدها الداخلي لمجابهة هذا الجدار، وأصرت على أن يكون على رأس جدول أعمال أول اجتماع بين رئيس الحكومة ورئيس الوزراء الإسرائيلي في حال انعقاده. كما وعملت الحكومة على كشف الأبعاد السياسية والاقتصادية الخطيرة للجدار في مختلف الأروقة الدولية، وقامت بهذه المهمة خير مقام، جنباً إلى جنب مع سائر مؤسسات م.ت.ف، ومع حركة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني.

ولقد كان من أبرز محطات العمل الفلسطيني على هذا الصعيد مبادرة البعثة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة، للدعوة لعقد اجتماع استثنائي للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، ذلك الاجتماع الذي تقرر فيه إحالة قضية الجدار إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي. ومنذ تلك اللحظة وظفت الحكومة كل الجهود والخبرات الفنية لوزارتي شؤون المفاوضات والتخطيط، لدعم التحضيرات المتعلقة بالمرافعة القانونية.وبالنتيجة المباشرة، فقد وضع هذا القرار إسرائيل أمام مواجهة قضائية دولية هي الأولى من نوعها في تاريخ النزاع العربي- الإسرائيلي، وجعلها تدرك أنها أمام خطر العزلة، وأمام احتمالات حقيقية لتداعيات شبيهة بما حدث لجنوب إفريقيا أيام حكم نظام التمييز العنصري.وفضلاً عن ذلك فإن هذه الخطوة الدبلوماسية قد أثارت نقاشاً واسعاً داخل أروقة المؤسسات الإسرائيلية، ولدى أوساط الرأي العام الإسرائيلي.

وعلاوة على ذلك قامت الحكومة في هذا المجال بعدة إجراءات، من بينها تكليف جميع الوزارات بمتابعة الانتهاكات، سواء ما تعلق منها بالجدار، أو بعمليات تهويد القدس والتوسع الاستيطاني فيها.كما سعت الحكومة وتسعى إلى مضاعفة ما يمكن من الجهود لتعزيز صمود القدس وتعزيز التحامها اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً مع باقي الأٍراضي الفلسطينية المحتلة، ووضع برنامج تنموي يستجيب لأولويات محافظة القدس، ويساعد في تعزيز صمودها.وتصدر مجموعة الرقابة الفلسطينية التي تشارك فيها عدة وزارات تقريراً يومياً باللغتين: العربية والإنجليزية، يوزع بشكل واسع محلياً ودولياً، يضع الرأي العام المحلي والدولي في صورة الانتهاكات الإسرائيلية اليومية بجميع أنواعها وأبعادها، وتقوم الوزارات المعنية بكل ما يمكن عمله لدعم صمود المواطنين المتضررين مباشرة، وإفشال الأهداف الإسرائيلية الكامنة وراء تلك الممارسات الاحتلالية.

وقد ظلت هذه القضية في مقدمة أولوياتنا في الحديث مع الوفود الزائرة، وخلال زياراتنا وزيارات الوزراء للخارج، نعرضها في سياق تعرية مخططات الحكومة الإسرائيلية، وفضح إجراءاتها أحادية الجانب، الهادفة إلى تجاوز خارطة الطريق وفرض حلول يرفضها شعبنا بكل إصرار، كما يرفضها المجتمع الدولي كله.

كما شكل مجلس الوزراء لجنة وزارية لمتابعة آثار بناء جدار الضم والتوسع على المواطنين، ومنح صفة الأولوية الأولى لتنفيذ المشاريع في المناطق المهددة بالجدار، وذلك من أجل تعزيز صمود المواطنين، ومقاومتهم لأكبر عملية نهب استعماري للأرض الفلسطينية.

خطة الحكومة الإسرائيلية بشأن غزة

أيتها الأخوات. .أيها الأخوة :

أعلن رئيس حكومة إسرائيل عن ما أسماه "الانسحاب من غزة وتفكيك سبع عشرة مستوطنة فيها" بقرار وإجراء أحادي الجانب، وبصراحة لا نعلم ما إذا كانت هذه خطة أم مجرد اقتراح، وإذا كانت خطة فما هي حيثياتها والجدول الزمني؟؟ وهل تشمل انسحاب قوات الاحتلال والمستوطنين بالكامل أم لا؟؟ وهل يشمل الانسحاب المعابر الدولية البرية والجوية وخاصة المعابر مع الشقيقة مصر؟؟ وهل سيجري سحب المستوطنين من قطاع غزة إلى داخل إسرائيل، أم إعادة توطينهم في الضفة الغربية؟؟ وهل ستكون هناك قوات دولية تشرف على الانسحاب، بما يكفل نقل السلطة والحفاظ على الأمن وسيادة القانون؟؟ أم أن حكومة إسرائيل ستعمل على وضع القطاع في حال من الفوضى والفلتان، وتحويل انسحابها منه إلى عقوبة جماعية جديدة ضد المواطنين في القطاع ؟ ونتساءل أيضاً هل سيتم الاتفاق المسبق على الممر الآمن للربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة؟؟ أسئلة وقضايا كثيرة يجدر التحقق منها، وإننا نقوم بمتابعتها بشكل مباشر مع الإدارة الأمريكية ومع الشقيقة مصر واللجنة الرباعية.

الأخوات والأخوة

إننا نرحب من حيث المبدأ بانسحاب إسرائيل عن كل ذرة تراب فلسطينية، وهذا هو موقفنا تجاه الانسحاب من قطاع غزة أو أي جزء آخر من الأراضي الفلسطينية المحتلة.ولكن، وحتى يكون لهذا الانسحاب قيمة حقيقية بالنسبة لنا، وبالنسبة لشعوب المنطقة، فإنه يجب أن يفتح الطريق أمام استئناف عملية السلام، واستكمالها بانسحاب إسرائيل الكامل من الضفة الغربية أيضاً، وليس انسحاباً من شأنه أن يؤدي إلى وضع عقبات جديدة أمام انطلاقة العملية السلمية.

بناء على ذلك، ومن أجل أن يكون الانسحاب من قطاع غزة انسحاباً له قيمة حقيقية، فإن هذا يتطلب ما يلي :

أولاً : أن يكون الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة انسحاباً شاملاً، وأن تُخلى جميع المستوطنات وأن يتم سحب جميع المستوطنين إلى داخل إسرائيل، فضلاً عن الانسحاب من المعابر والحدود الدولية البرية والجوية والبحرية وخاصة حدودنا مع جمهورية مصر العربية، وإزالة الحصار البحري عن شواطئ القطاع.

ثانياً : أن يجري نقل السلطة إلى أيدي السلطة الوطنية بصورة نظامية، وبوجود قوات ومراقبين دوليين، يشرفون على كل هذه الخطوات.

ثالثاً : أن لا تكون هذه الخطة بديلاً عن خارطة الطرق ورؤية الرئيس بوش حول إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ حزيران 1967 بل خطوة على طريق تنفيذها.ونأمل من المجموعة الرباعية، والولايات المتحدة الأميركية، بصفتهم جميعاً رعاة خارطة الطريق وأصحابها، العمل على دمج خطة الانسحاب من قطاع غزة في خارطة الطريق، كخطوة على طريق تنفيذها، وفق الجدول الزمني المنصوص عليه بإقامة الدولة الفلسطينية سنة 2005، على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والقدس عاصمتها.

رابعاً : أن لا تقبض إسرائيل أي ثمن لخطوتها الأحادية الجانب، كأن يجري نقل المستوطنين، أو بعضهم، إلى مستوطنات في الضفة الغربية، أو إضفاء الشرعية على أي من المستوطنات أو الكتل الاستيطانية غير الشرعية القائمة في الضفة الغربية، أو التسامح مع مسار جدار الفصل العنصري، أو المساس باي من حقوقنا المعترف بها دولياً وخاصة منها قضايا القدس واللاجئين أو غير ذلك.

خامساً : إسقاط مقولة أن ليس هناك شريك فلسطيني بتأكيد وجود الشريك الفلسطيني المنتخب، الراغب والقادر على صنع السلام العادل والشامل القائم على أساس الحق والعدل والشرعية الدولية والقادر على اتخاذ القرارات الضرورية واللازمة لصنع هذا السلام.وإننا نحذر الحكومة الإسرائيلية والأطراف الدولية أن أية مشاريع أو مقترحات أو حلول أو مبادرات تستثني الجانب الفلسطيني ولا تتعامل معه هي حلول ومشاريع ومقترحات ومبادرات لا ترتب علينا أية التزامات.وأن الالتزامات والتعهدات لا تترتب إلا من خلال الاتفاقيات التي يتم التفاوض والاتفاق عليها مع الجانب الفلسطيني المعترف بها عربياً ودولياً وهو منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني.

إن عدم تحقق أي من الشروط سوف يضع عقبات جديدة أمام عملية السلام، ولن يساعد في نهاية الأمر على إخراج الطرفين من حالة المواجهة القائمة ودوامة العنف المتفاقمة.

إن خطة الانسحاب الإسرائيلي من غزة، إذا ما صيغت بنوايا طيبة، وفي إطار خارطة الطريق، وتم تنفيذها بإشراف المجموعة الرباعية، وبوجود دولي مناسب، فإنها يمكن أن تخلق زخماً جديداً لانطلاقة عملية السلام من جديد، وبناء جسور الثقة التي تهدمت على مدار الأعوام الثلاثة الأخيرة.إذ من شأن ذلك أن يوفر بيئة مواتية لإطلاق العمل التنموي لإعادة بناء الاقتصاد المدمر في مدن وقرى ومخيمات قطاع غزة، وأن يعجل في تطوير البنية التحتية، بما في ذلك المطار والميناء، وإنتاج الغاز الطبيعي والمياه والكهرباء، وحل معضلات البطالة والفقر التي باتت تشكل تحدياً كبيراً لكافة الأطراف.

إننا ندرك أن كل المعطيات من حولنا لا توحي بأن حكومة إسرائيل جادة فعلاً، أو راغبة حقاً، في وضع حد لحالة المواجهة ودوامة العنف، بل إننا نشعر أننا بحاجة إلى حدوث معجزة لتسير بنا خطة حكومة إسرائيل الغامضة بشأن غزة إلى طريق السلام والمفاوضات.ومع ذلك، ومن أجل حقن الدماء ووقف التدمير، فإننا لن نوصد الباب أمام أي بصيص أمل يمكنه المساعدة في تحقيق ذلك.

الأخوات والاخوة

إن مقترح الانسحاب من غزة قد يشكل فرصة يجب أن نتعاون جميعاً على اقتناصها بكل وعي وحكمة وشجاعة، سلطة وطنية بكل مكوناتها التنفيذية والتشريعية والقضائية وشعباً وقوى وفصائل لتكون خطوة على طريق تحقيق حقوقنا الوطنية المشروعة المعترف بها دولياً، وقد تشكل هذه الخطوة فخاً يجب أن ننتبه ونتعاون جميعاً على عدم الوقوع في شباكه.وأن من أولويات إدراج هذه الخطوة في سياقها الصحيح هو الوقوف صفاً واحداً حول إعادة ترتيب أوضاعنا وخاصة منها الأوضاع الأمنية التي تحتاج عملية إعادة ترتيبها إلى تضافر جميع الجهود الرسمية والشعبية. ولغرض متابعة الخطة الإسرائيلية بشأن قطاع غزة بشكل يومي، ولمعرفة وفحص كل ما يرشح عن هذه الخطة، ولوضع الحكومة في صورة مستجداتها، ولاقتراح أساليب التعاطي مع تبعات هذه الخطة من جانب مجلس الوزراء، فقد قمنا بتشكيل لجنة وزارية خاصة بهذا الموضوع، وسنعمل على تشكيل لجنة وطنية إلى جانب اللجنة الوزارية، وسيحرص مجلس الوزراء على وضعكم في صورة الوضع أولاً بأول.

القدس في مركز اهتمام الحكومة

وفي إطار مقاومة جدار الضم والتوسع، ومقاومة النشاط الاستيطاني بشكل عام، فقد أولت الحكومة اهتماماً خاصاً لمقاومة المخططات الإسرائيلية التي تستهدف عزل مدينة القدس وتهويدها. ومن أجل تطوير جهود الحكومة وعزمها على تحقيق ذلك، تم تشكيل لجنة وزارية خاصة لمتابعة شؤون القدس.وتتمثل مهمة هذه اللجنة في بلورة سياسات، وإعداد برامج تخدم دعم الوجود والصمود الفلسطيني في المدينة المقدسة، وتحقق سياسة الحكومة الرامية إلى إعادة دمج القدس سياسياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وجغرافياً مع بقية الأراضي الفلسطينية، وتعمل على تنمية عناصر وعوامل بقاء القدس كعاصمة أبدية للشعب الفلسطيني، وعاصمة الدولة الفلسطينية عند قيامها.

ومن أبرز المهمات التي بدأت الحكومة العمل على تحقيقها، هي توحيد الأطر المرجعية للعمل التنموي، بما يضمن المشاركة في وضع البرامج وتوحيد الجهود المتعلقة بالتخطيط والتنفيذ، من جانب مؤسسات المجتمع المدني المقدسية، وإيجاد آليات لتقييم العمل وتجنب الهدر في المصادر الشحيحة المتاحة.وقد كلفت الحكومة لهذه الغاية، وزير التخطيط، لإعداد خطة وبرنامج تنفيذي موجه لدعم توجهات الحكومة بتوفير احتياجات القدس والاستجابة للمتطلبات التي تحقق الأهداف التالية :

1. تعزيز وتقوية الصلاحيات الوظائفية والهيكلية الموجودة حالياً بيد السلطة الفلسطينية، خاصة في المجالات الخدماتية الملموسة مثل التعليم، الصحة، السياحة، الثقافة والرياضة. 2. تعزيز بنية وفعالية الدور المؤسساتي الفلسطيني القائم في القدس، واستخدام المؤسسات الرسمية الفلسطينية وشبه الرسمية، ومختلف مؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والبنية الاجتماعية والسياسية، لصالح القيام بهذا الدور. 3.إيجاد وظائف جديدة مرتبطة بالبنية التحتية، وإنشاء مشاريع مادية تعزز الوجود والرباط الفلسطيني بالقدس، وتحوّل المناطق التي سيحاصرها الجدار حول المدينة إلى مناطق تضمن وجود كثافة سكانية عالية، وخدمات اجتماعية ونشاطات تجارية واقتصادية متنوعة. 4.تأهيل بنى وهيئات محلية، لمساعدة السلطة في تحقيق الأهداف المطلوبة. 5.مواصلة الجهود لإعادة فتح وعمل مؤسسات القدس التي أغلقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي. هذا وسيتم تنسيق هذه الخطة مع الرئيس، ومع اللجنة القيادية الخاصة بالقدس برئاسته، ومع اللجنة الخاصة بالقدس في المجلس التشريعي، قبل رفعها إلى مجلس الوزراء، لوضعها موضع التنفيذ من قبل الوزارات والهيئات المختلفة.

العلاقات مع الأشقاء العرب

وفي خضم انشغالنا بمجابهة الهجمة الاستيطانية التوسعية الإسرائيلية، لم نهمل السعي لتجنيد المزيد من الدعم العربي لموقفنا، وللحفاظ على أفضل العلاقات وأمتنها مع الأشقاء العرب.وبادرنا للقيام بعدد من الزيارات التي شملت مصر والأردن والسعودية والجامعة العربية وتونس، وإجراء لقاءات متعددة مع وزراء الخارجية العرب، وركزنا في غضون ذلك على إطلاع الأخوة العرب على حقيقة الأوضاع الفلسطينية، وطلبنا منهم القيام بكل الجهود الدبلوماسية الممكنة لوقف العدوان الإسرائيلي، خصوصاً وقف بناء جدار الضم والتوسع، وتهويد مدينة القدس وحصار الشعب الفلسطيني.وأكدنا لهم على ضرورة تفعيل الطاقات العربية الكامنة لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة العربية، وفي مقدمتها العدوان الإسرائيلي واستمرار احتلال الأراضي العربية.

وقد تمخض عن هذه الجهود قيام تحركات ومساعٍ دبلوماسية عربية مكثفة، مع الولايات المتحدة وأعضاء اللجنة الرباعية الدولية، ظهرت نتائجها في استمرار التأكيدات الأميركية على الالتزام بخارطة الطريق، وحل الدولتين وفق رؤية الرئيس الأمريكي، وكذلك التحفظات الأمريكية على خطط إسرائيل المتعلقة بمسار جدار الفصل، وتجاه خطة الفصل من جانب واحد.

ولكن، مع الأسف الشديد فإن القرار المفاجئ عن تأجيل اجتماع القمة العربية في تونس، قبل يوم واحد من الموعد المقرر لانعقادها قد شكل صدمة حقيقية لنا نحن أبناء الشعب الفلسطيني، لأن العمل العربي المشترك هو في مصلحة قضيتنا ونضالنا، سنظل نناضل للحفاظ عليه وعلى تطويره وتفعليه كحاضنة لنضالنا.وإننا نرحب بجهد مصر الشقيقة وبكل الجهود العربية التي تسعى لعقد القمة العربية وانتظام أعمال جامعة الدول العربية.

العلاقات الدولية

أيتها الأخوات، أيها الأخوة :

أولت الحكومة اهتماماً خاصاً بتطوير الاتصالات على الصعيد الدولي.وكان من الطبيعي أن نركز جهودنا على توضيح أبعاد مسار جدار الضم والتوسع وآثاره على الشعب الفلسطيني، وعلى مستقبل المنطقة واستقرارها وأمنها، حيث قمنا بسلسلة من الزيارات الرسمية شملت إيرلندا وإيطاليا والفاتيكان وبلجيكا وألمانيا والمملكة المتحدة، وفرنسا والنرويج.وقد أبدى رئيس الوزراء الأيرلندي ووزير خارجيته استعداداً عالياً للقيام بدور فاعل ومؤثر لتفعيل الجهود الرامية لتنفيذ خارطة الطريق، حيث تتولى إيرلندا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.كما أبدى رئيس الوزراء الإيطالي استعداداً لدعم الموقف الفلسطيني والدفاع عنه لدى الإدارة الأمريكية، وأعرب في مؤتمر صحفي عن معارضته لمسار جدار الضم والتوسع.كما كان موقف قداسة البابا متعاطفاً ومتفهماً لعدالة قضيتنا، حيث أكد في بيان صادر عن قداسته، أن الوضع القائم في البلاد المقدسة يحتاج إلى التسامح وليس إلى الانتقام، وإلى إقامة الجسور وليس الجدران.وأكد المستشار الألماني ووزير خارجيته على مواصلة دعمهم للسلطة الوطنية، والتزامهم بدعم خارطة الطريق، وكانت لقاءاتنا مع رئيس الوزراء البلجيكي ومع رئيس المفوضية الأوروبية السيد ريموني برودي، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي السيد خافيير سولانا، لقاءات مثمرة للغاية.أما جولتنا الأخيرة والتي اشتملت على زيارات رسمية لكل من بريطانيا وفرنسا والنرويج، فقد ركزت مباحثاتها إلى جانب قضايانا النضالية بما في ذلك جدار الفصل العنصري وقضايا العلاقات الثنائية كذلك على موضوع الانسحاب من غزة وكيف يمكن لهذه الخطوة أن تكون خطوة في سياق خريطة الطريق وعلى طريق تنفيذها، وقد تمخضت لقاءاتنا هذه مع رئيس الوزراء البريطاني ووزير خارجيته ومع الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس وزرائه ووزير خارجيته وكذلك مع رئيس وزراء النرويج ووزير خارجيته، تفهماً لموقفنا إزاء جدار الضم والتوسع بصورة أفضل، وعن الاتفاق على ضرورة أن تكون عملية إخلاء غزة جزءاً من خارطة الطريق.كما عبرت هذه الدول بوضوح عن اهتمامها بدعم جهودنا لفرض سيادة القانون ومواصلة عملية الإصلاح.

الاتصالات مع الجانب الإسرائيلي

كان لهذه الحكومة وجهة نظر خاصة في كل ما يتعلق بالاتصالات مع الجانب الإسرائيلي، ملخصها: أننا لسنا ضد الاتصالات أو اللقاءات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وعلى مستوى باقي اللجان التفاوضية، ولكن أردنا أن يكون هناك إعداد جيد من خلال لقاءات تحضيرية هدفت إلى الحرص على إبقاء الاتصالات ضمن إطار مرجعية عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة وخارطة الطريق ووصولاً إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 بما فيها القدس الشريف.

من هذا المنطلق عقدت ستة لقاءات تمهيدية مع الجانب الإسرائيلي للتحضير للقاء بين رئيسي الوزراء، ونحن مبدئياً لسنا ضد هذا اللقاء وأردنا عبر هذه اللقاءات التحضيرية إيجاد الأرضية المناسبة للالتزامات والاستحقاقات المترتبة على الجانبين وفقاً لخارطة الطريق وبعيداً عن نهج الاملاءات التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية، ومن أجل وضع الضوابط على الاتصالات الرسمية مع الجانب الإسرائيلي قررت الحكومة ان تجري هذه الاتصالات من قبل الجهات المختصة بإشراف ومتابعة وزارة شؤون المفاوضات - دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية والوزارات المختصة بناء على خطة وبرنامج وقرار مسبق.

وبالفعل، فإن هذه اللقاءات التي شارك بها عن الجانب الفلسطيني د.صائب عريقات وزير شؤون المفاوضات والدكتور حسن أبو لبدة رئيس ديوان مجلس الوزراء، وصلاح عليان مدير عام مكتب رئيس الوزراء، تحاول التوصل الى جدول أعمال يستند الى استحقاقات والتزامات مترتبة علينا وعلى الجانب الإسرائيلي من قرارات الشرعية الدولية ومرجعية عملية السلام في مدريد والاتفاقات الموقعة وخارطة الطريق وبما يشمل :

أولاً : تثبيت انعقاد اللجنة الأمنية العليا، وذلك لوضع جدول زمني وآليات تنفيذ وتعاون أمني ثنائي لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 28 سبتمبر 2000 بكافة المجالات وبما يشمل الانسحاب ورفع الحصار والإغلاق وإزالة الحواجز وكذلك الحال بالنسبة للمعابر الدولية والمسائل الاقتصادية والمدنية. ثانياً : تأكيد سعينا للتوصل إلى إعلان عن وقف متبادل لإطلاق النار ووقف متبادل للتحريض وإقرار خيار دولتين من الجانبين، وفقاً لخارطة الطريق. ثالثاً : ضرورة وقف بناء جدار التوسع والضم ووقف النشاطات الاستيطانية بشكل فوري حسب ما ورد في خارطة الطريق، لأنه لا معنى لأية مفاوضات مع استمرار بناء جدران التوسع والضم داخل الأراضي التي احتلت عام 1967. رابعاً : حرية حركة الرئيس المنتخب ورمز الشعب الفلسطيني ياسر عرفات. خامساً : وأكدنا على ضرورة الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين بشكل جدي وبما يشمل القيادات السياسية (البرغوثي، ملوح، حسام خضر، راكاد سالم، حسن يوسف) وحل قضية أريحا (سعدات، الشوبكي). سادساً : رفع الحصار والإغلاق وإزالة الحواجز العسكرية عن مدننا وقرانا ومخيماتنا وطرقنا في الضفة الغربية وقطاع غزة. سابعاً : فتح المكاتب والمؤسسات المغلقة في القدس الشريف. ثامناً : وتحويل الأموال المحجوزة. تاسعاً : تفعيل لجنة التوجيه والإشراف على المفاوضات Steering and Monitoring Committee

وبكافة لجانها المحددة في الاتفاقات الموقعة بما فيها لجنة الشؤون المدنية وعقدها بانتظام. ولا أريد رفع سقف توقعات أحد من نتائج هذا اللقاء، ولكن نعود ونؤكد أن الذي بيننا وبين الجانب الإسرائيلي هي التزامات واستحقاقات ترتبت على الجانبين من خارطة الطريق.ولن نخضع لمنطق القوة أو لسياسة الاملاءات وفرض الحقائق على الأرض، فالسلام لن يقوم إلا على أساس معادلة الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس وإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف إلى جانب دولة إسرائيل وحل قضية اللاجئين استناداً للقرار 194.

وعلى صعيد آخر، لم توقف الحكومة اتصالاتها مع القوى والأحزاب الإسرائيلية، وسمحت بإجراء العديد من الاتصالات، على مستويات متفاوتة، وفي أماكن مختلفة، من أجل تعزيز خيار السلام وبناء أفضل العلاقات مع القوى الإسرائيلية المؤمنة بخيار السلام.

وبخصوص الاتصالات غير الرسمية مع الجانب الإسرائيلي، نود أن نعلن أمامكم بأن مجلس الوزراء يرحب بأي جهد أو نشاط أو حوار بين الفعاليات غير الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني من كلا الجانبين، وخصوصاً مع أطراف معسكر السلام، وبشرط الالتزام ببرنامج م.ت.ف وبقرارات الشرعية الدولية لحل القضية الفلسطينية.فمن شأن ذلك تعزيز فرص تحقيق السلام بين الشعبين، ويوضح حقيقة موقف القيادة الفلسطينية، ويزيل التشويهات التي ألحقها المسؤولون الإسرائيليون والإعلام الإسرائيلي بهذا الموقف.

الجبهة الداخلية

على صعيد الجبهة الداخلية، واصلت الحكومة جهودها لتنقية أساليب عملنا الوطني من الممارسات الخاطئة، ولسحب المسوغات التي تتذرع بها إسرائيل لمواصلة عدوانها وجرائمها.فقد باشرنا في تنشيط الحوار الوطني الداخلي، لتوسيع قاعدة المشاركة حيال القضايا الوطنية المصيرية، ووضع جميع القوى أمام مسؤولياتها. وستواصل الحكومة هذا الحوار لغرض تمتين الجبهة الداخلية، وتعبئة كافة الجهود الخيرة، لمواجهة حالة الفوضى وانعدام الأمن وضعف سلطة القانون والنظام العام، هذه الحالة التي باتت تشكل خطراً شديداً يهدد المشروع الوطني من أساسه.وهناك الكثير من الشواهد التي تقودنا للاعتقاد أن أعداء الشعب الفلسطيني يراهنون على استفحال هذه الظواهر السلبية، لتحقيق ما عجزوا عنه على مدار عقود لإفشال مشروعنا التحرري.إننا نرى أن التردد إزاء مواجهة حالة الفوضى سوف يفاقم من ظاهرة التعدي على القانون، وسيعمل على تقويض السلطة الوطنية، ويؤدي بمصداقية كل المرجعيات الوطنية التمثيلية، ويفتح الطريق أمام هزيمة من الداخل، بعد أن فشلت جميع المحاولات على مر العقود الماضية في إلحاق الهزيمة بشعبنا من الخارج.

إن الخروج من هذه الحالة، وفرض النظام وسيادة القانون، يشكل شرطاً رئيسياً للنجاح في مواجهة الاحتلال، الذي أوجد المناخ الملائم للحالة الراهنة.ونود أن ننبه إلى أنه لا يجوز الخلط بين مقاومة الاحتلال والفوضى الأمنية، أو قبول الإدعاء بأن مواجهة مظاهر الفوضى والفلتان الأمني يفضي إلى حرب أهلية.لقد آن الأوان كي نعمل بكل طاقتنا لتجنيب شعبنا الاستسلام للخيار البائس في الجمع بين المقاومة المشروعة للاحتلال من جهة، وفوضى السلاح واستخدامه والتظاهر به من جهة ثانية.أن مسؤولية إنهاء هذه الظاهرة تقع علينا كسلطة وطنية، وإننا لعلى ثقة أن جماهير شعبنا، وقواه المنظمة الواعية، ومؤسسات مجتمعنا المدني، ستقف إلى جانبنا في اجتثاث تلك الظواهر المتناقضة مع أخلاقياتنا، وديننا، وتقاليدنا الوطنية.

لقد اتخذنا بضع خطوات على طريق إعادة تنظيم الأجهزة الأمنية، كإقامة غرف عمليات مركزية موحدة في كل من الضفة والقطاع، وغرف عمليات فرعية في كل محافظة تتبع غرفة العمليات المركزية، وكذلك البدء بنشر قوات الشرطة بالزي الرسمي، وغير ذلك من إجراءات وتدابير إدارية وميدانية.لكننا نصارحكم القول أن نتائج ما حققناه يظل محدوداً جداً، لأسباب ذاتية وأسباب موضوعية تتعلق بالانفلات والصراع بين الأجهزة وبين قادتها، ناهيكم عن العدوان الإسرائيلي المستمر والدائم ضد شعبنا وسلطته الوطنية.وإنني أؤكد لكم اليوم مرة أخرى أن الحكومة عاقدة العزم على تحقيق الأمن وترسيخ سلطة القانون والنظام العام وحماية حقوق المواطنين، وهي لن تقبل التخلي عن مسؤولياتها، أو التقاعس عن سلطتها وصلاحياتها للدفاع عن الشرعية، والذود عما تبقى لدينا من مكتسبات تهددها الفوضى بدرجة كبيرة.

ومن هذا المنطلق، فإن استكمال عملية الإصلاح الأمني وتطوير أجهزة الأمن الفلسطينية، يعتبر من أبرز القضايا التي تجدر معالجتها بشكل سريع وحاسم، وذلك من أجل إتاحة المجال لقيام هذه الأجهزة بدورها في ضبط الأمن وإنهاء الفوضى وإرساء سيادة القانون والنظام، وتعزيز سلطة القضاء واستقلاليته.ومن بين أولويات التطوير وشروط الإصلاح يقف في المقدمة منها شرط تحقيق الوضوح التام في التعليمات الموجهة لأجهزة الأمن، وتحديد مصادر مرجعياتها بكل شفافية ومسؤولية.كما لا بد من تقديم كل أشكال الدعم والمساندة المادية والسياسية والقانونية للأجهزة الأمنية، من جانب السلطة الوطنية، فضلاً عن التعاون التام معها من قبل القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، وتأمين احتياجاتها من المعدات والتجهيزات، وإبعاد هذه القوات عن الصراعات والتدخلات السياسية، لتنصرف بكل حزم وإتقان نحو أداء واجباتها بشكل مهني، وهذا ما يستوجب إجراء المناقلات بين قياداتها وكوادرها، وفق الأصول الإدارية والقانونية المتعارف عليها.

لقد تعرضت قوات الأمن الفلسطينية إلى عملية تدمير إجرامية من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية، وقد استهدفت تلك العملية كوادر وقيادات وإدارات ومكاتب وتجهيزات قوات الأمن وبنيتها التحتية والمؤسسية، مما يستدعي ويتطلب دعماً عاجلاً من السلطة والدول المانحة.وقد أثرنا هذا الأمر فعلاً مع الأشقاء والأصدقاء، وسنتابع جهودنا من أجل توفير الإمكانات الضرورية لإعادة تأهيل وتدريب وتنظيم وتوحيد هذه القوات، وتوفير كل ما تحتاج إليه، للوفاء بالتزاماتها، وقيامها بالواجبات الملقاة على عاتقها تجاه المواطنين والمجتمع الفلسطيني بشكل عام. وعلى صعيد إنجازات الحكومة في دعم صمود المواطنين ومواجهة العدوان أولت الحكومة أهمية خاصة لمواجهة نتائج العدوان والانتهاكات الإسرائيلية، وكل ما يتعلق بمساعدة المواطنين على الصمود، بما في ذلك تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، في حدود الإمكانات المتاحة.وفي هذا المجال تندرج سلسلة طويلة من الإجراءات والأعمال المتخذة، يمكن تلخيصها بما يلي :

1: متابعة شؤون الأسرى ورعاية المحرومين : لقد حظيت قضية المعتقلين والأسرى البواسل باهتمام خاص ودائم من قبل مجلس الوزراء، وظل المجلس يتابع أوضاعهم بشكل حثيث، وهو لا يدخر أي جهد في ملاحقة قضاياهم كمناضلين سياسيين وسجناء حرية، وفي تلبية احتياجاتهم واحتياجات أسرهم الإنسانية، حيث تجسد ذلك في قرارنا زيادة المعونات والخدمات المقدمة لهم ولأسرهم.وقد أدان مجلس الوزراء استمرار سياسة القمع والعزل المتخذة بحقهم.وثابرنا خلال ذلك كله على دعوة المجتمع الدولي، والمنظمات الإنسانية والحقوقية، لوضع حد لمعاناة أسرانا في سجون الاحتلال. وسنظل نتابع هذه القضية كأولوية هامة وأساسية في جدول أعمالنا واتصالاتنا.

2: إسكان الأسر التي دمرت مساكنها : عمل مجلس الوزراء بشكل حثيث على مواجهة المأساة التي خلقها الاحتلال بتدمير منازل مئات الأسر الآمنة، خصوصاً في منطقة رفح وجنين ونابلس، وذلك بواسطة اللجنة الوزارية الخاصة المشكّلة لهذا الغرض.وقد جرى تأمين المأوى والاحتياجات الأساسية بصورة مؤقتة لهذه الأسر المنكوبة، في حدود الإمكانات المتاحة، ويجري العمل حالياً على بناء مجمعات سكنية كاملة تضم 902 وحدة بديلاً لمنازلهم المدمرة في رفح.وسيموّل هذا المشروع بمساعدة كريمة من المملكة العربية السعودية.وكذلك الأمر في جنين، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أيضاً.وسنظل نواصل جهدنا في هذا السياق سواء من خلال الإمكانات المحدودة للسلطة أو من خلال اتصالاتنا مع الأشقاء والأصدقاء.علماً أن جهودنا هذه قد حققت بعض النتائج الهامة التي سنواصلها بكل الاهتمام.

3: إعادة بناء أو إصلاح المباني والمرافق المتضررة من القصف : أنهت وزارة الأشغال أعمال إصلاح وترميم نحو 2887 منزل في محافظة غزة، كما جرت إحالة عطاءات لإصلاح 1506 منزل آخر في القطاع.أما في الضفة الغربية فقد أحيلت عطاءات لترميم وإصلاح 1721 منزل، إضافة إلى إحالة عطاءات لإصلاح عدد من الفنادق في بيت لحم ورام الله والخليل.

4: إصلاح الطرق والأراضي التي دمرتها سلطات الاحتلال : يجري العمل على إصلاح الطرق ومرافق البينة التحتية من قبل وزارة الأشغال العامة وبكدار، وفق أولويات المواطنين، وبحسب ما يتيسر من الموارد المالية.وقد تم إنجاز الطريق الساحلي في غزة، ويجري العمل على استكمال عدد من الطرق في محافظات شمال غزة، وطريق سكة الحديد، وبيت لاهيا – المنطار.أما في الضفة الغربية فإن وزارة الأشغال تواصل الإشراف على تنفيذ طرق كفر نعمة – بلعين – صفا وطريق عطارة – عجول.

5: مساعدة الأسر المتضررة من جدار الضم والتوسع على الصمود في أراضيها: قرر مجلس الوزراء إعطاء الأولوية في المشاريع والخدمات والمساعدات الإنسانية للقرى والتجمعات السكانية المتضررة من بناء جدار الضم والتوسع العنصري، وتعمل كل وزارة وفق اختصاصها لتنفيذ هذا القرار، وقد جرى اهتمام خاص بوصول المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة والتيار الكهربائي، إلى المناطق المتضررة، وهناك عرض لما تم إنجازه على هذا الصعيد في تقارير الوزارات المختلفة.

ومن أجل تنسيق الجهود الحكومية وتحسين استجابتها لأولويات القرى والتجمعات المتضررة، وتفعيل جهود المجتمع المدني، قرر مجلس الوزراء كما تعلمون، تشكيل لجنة وزارية خاصة لمتابعة ملف جدار الفصل العنصري والأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنه.

6: مواجهة مشكلة البطالة : شكلت قضية البطالة، ومنذ (أيلول/سبتمبر2000) التحدي الأكبر لنا ولشعبنا ولجميع الحكومات الفلسطينية السابقة، وهي كذلك بالنسبة لحكومتنا.وعليه فقد التزمت الحكومة أمامكم ببذل كل ما من شأنه التخفيف من حدة هذه المشكلة.وتجدون في تقارير الوزارات المختلفة الإنجازات التي تم تحقيقها على هذا الصعيد.وأود الإشارة هنا إلى إقرار الحكومة، لاستراتجية خلق فرص العمل، التي أشرفت على إعدادها وزارة التخطيط ووزارة العمل، بهدف توجيه البرامج والمشاريع، وفق معايير تحقق الفعالية والشفافية، كما قررت الحكومة إنشاء صندوق التشغيل والتنمية الاجتماعية، بمبادرة وزارة العمل.

7: محاربة عملية الإفقار: أدى تردي الوضع الاقتصادي وارتفاع نسبة العاطلين عن العمل إلى زيادة عدد الأسر الواقعة تحت خط الفقر.وتشير تقديراتنا الأولية إلى أن الفقر بات يمس حياة أكثر من ثلثي الأسر الفلسطينية داخل الوطن.من هنا فإن حكومتنا تواصل مساعي سابقاتها لتنفيذ برامج معدة لمكافحة الفقر، وذلك من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية والوزارات الأخرى، ولا بد هنا من الإشادة بمؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، والبنك الإسلامي، والصليب الأحمر، والبنك الدولي، والمنظمات الدولية العاملة في حقل المساعدات الإنسانية، خاصة منظمات الأمم المتحدة – وكل أولئك الذين لعبوا دوراً بارزاً في مساعدتنا لمواجهة هذه المشكلة المتفاقمة.

8: العمل على التخفيف من حدة الأزمة على القطاع الخاص والمواطنين: أدت حالة المواجهة المستمرة منذ نحو ثلاث سنوات ونصف السنة، إلى هبوط حاد في النشاط الاقتصادي.وقد تفاوت هذا الهبوط من قطاع إلى آخر، حيث تكبدت معظم منشآت القطاع الخاص جراء ذلك خسائر جسيمة، أضعفت من قدرة هذا القطاع على لعب دوره الريادي في التنمية والتشغيل.وقد واظبت الحكومة على حث الجهات الدولية المانحة، على دعم البرامج الضرورية لإنهاض ومساعدة القطاع الخاص لتجاوز الصعوبات، خصوصاً إيجاد الحلول لمشكلة المديونية. وفي حدود الإمكانات المتواضعة المتاحة، اتخذت الحكومة عدداً من الإجراءات للتخفيف من حدة الأزمة، كعمل خصومات تصل إلى 50% من رسوم المهن.وصادق مجلس الوزراء على تخفيض رسوم ترخيص المركبات، وتسديد الديون عن السنوات المقبلة.كما قرر المجلس تمديد التخفيض على رسوم إيجار رخص المركبات العمومية لسنة أخرى.ونجحت وزارة الاتصالات بتخفيض تعرفة المكالمات الهاتفية.

إنجازات الحكومة على نطاق التطوير والإصلاح الإداري والمالي: سبق أن أكدنا لمجلسكم الموقر، التزام حكومتنا بمواصلة عملية الإصلاح الشامل التي بدأتها الحكومات السابقة.وقد أولى مجلس الوزراء جزءاً مهماً من وقته وجهده لهذا الملف، وانعكس ذلك بوضوح في سلسلة قرارات صادرة بهذا الشأن.ففي 29/11/2003، أقرت الحكومة خطة إصلاح مرحلية للأشهر الستة المقبلة، تمتد من بداية كانون الأول 2003 وتنتهي في نهاية أيار 2004.وأود هنا أن أشير إلى ما حققناه من هذه الخطة، والذي يمكن تلخيصه في النقاط التالية:

1- على صعيد الإدارة العامة والخدمة المدنية تم إنجاز الدارسات اللازمة لإعادة هيكلة خمس وزارات، ويجري العمل حالياً لوضع الدراسات المناسبة لإعادة هيكلة أربع وزارات أخرى.وقد بدأ بتطبيق الدراسات المنجزة بشكل متفاوت في الوزارات المعنية.كما اتخذ مجلس الوزراء إقراراً باعتماد الهيكلية النموذجية للوزارات أيضاً، هذه الهيكلية التي سيكون لها تأثير إيجابي على الإنتاجية ووضوح الصلاحيات وتحقيق المسائلة.كما بدأنا في تطوير نظام تقاعد عصري، ويجري العمل حالياً مع البنك الدولي بهذا الشأن.

2.على صعيد الحكم المحلي يجري العمل على تقوية قدرات الحكم المحلي على الصعيدين: المركزي والبلديات.وقرر مجلس الوزراء تخصيص نسبة ثابتة من الإيرادات العامة لصالح الهيئات المحلية، على أن تقوم اللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء بتحديد هذه النسبة.كما قرر المجلس تطبيق قانون المرور رقم (5) لسنة 2000، بحيث تحوّل إلى الهيئات المحلية حصتها من رسوم وغرامات النقل على الطرق.إضافة إلى ذلك، فقد تم تطوير خطة عمل لتنفيذ الإصلاحات الخاصة بالحكم المحلي.

3.الإصلاح المالي واصلت الحكومة تطبيق خطة الإصلاح المالي، حيث شرعت وزارة المالية في تطبيق نظم مالية تعتبر من أفضل النظم في العالم، مما مكن الحكومة من إحكام الرقابة على الإيرادات والنفقات، وإدارتها بصورة رشيدة وبشفافية. كما تم استكمال إعداد مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2004، باعتباره واحداً من أهم أولويات وزارة المالية.إذ تم تقديم المشروع للمجلس التشريعي بتاريخ 3/12/2003، وتم إقراره بتاريخ 15/1/2004، وبهذا تكون الموازنة العامة المعتمدة من مجلسكم الموقر قد بدأ العمل بموجبها، ولأول مرة، منذ الشهر الأول.وبالإضافة إلى ذلك، قامت وزارة المالية بإنجاز ما كانت الحكومة قد التزمت به، من حيث استكمال عملية تعديل رواتب العاملين في الخدمة المدنية، وذلك في إطار الجهد المبذول لتنفيذ قانون الخدمة المدنية.

ومن جهة أخرى، شهدت الفترة المذكورة تكثيفاً للجهد الرامي إلى تطوير الدور الرقابي لوزارة المالية في إدارة المال العام، وبما ينسجم مع خطة الإصلاح المعتمدة.وفي هذا الصدد، قررت الحكومة إلحاق وحدات الرقابة والتدقيق في سائر وزارات السلطة ومؤسساتها بوزارة المالية، وبدأت عملية تدريب أولي لرفع كفاءة العاملين في هذا المجال الهام، كما بدأت عمليات تدقيق واسعة النطاق في عدة مجالات، أهمها إدارة الرواتب والإيرادات.وشهدت هذه الفترة تكثيفاً للجهود الرامية إلى استحداث تحسينات إضافية في إدارة الإيرادات، حيث تم توريد إيرادات الطوابع إلى حساب الخزينة الموحد.وقد انعكس ذلك كله في اطراد التحسن في أداء الإيرادات.

وكان استكمال دفع رواتب منتسبي أجهزة الأمن في حساباتهم الشخصية من خلال البنوك، من أبرز النجاحات على صعيد الإصلاح المالي.فقد صادق الرئيس على قرار مجلس الوزراء بهذا الشأن، مما أغلق أحد الثغرات الرئيسية في طريقة دفع الرواتب من جهة، وأكد على تصميمنا وجديتنا في المضي في الجهد الإصلاحي في المجال المالي من جهة أخرى.

4.الإصلاح الأمني وضعت الحكومة موضوع إصلاح أجهزة الأمن على قمة جدول أعمالها، واعتبرت أن الاجتماعات المشتركة الشهرية لمجلس الأمن القومي ومجلس الوزراء، تشكل آلية مناسبة لتحقيق إنجازات ملموسة في هذا الملف، الذي يعتبر مطلباً داخلياً قبل أن يكون شرطاً من هنا أو هناك.وقد أشرنا إلى الاحتياجات الإدارية والتنظيمية لتوحيد عمل الأجهزة الأمنية، ونأمل أن تشكل هذه الخطوات، وما سبقها من خطوات في إطار تنظيم المسائل المالية، تقدماً أساسياً على طريق توحيد وزيادة قدرة هذه الأجهزة وعلى رفع كفاءتها، كي تكون قادرة على فرض سيادة القانون وتوفير الأمن والأمان للمواطنين، وتعزيز إمكاناتها في الدفاع عن المشروع الوطني في التحرر من الاحتلال، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ولا زلنا بحاجة إلى بذل مزيد من الجهد في هذا المجال، سواء على صعيد الهيكلة أو على صعيد الخطة ومتابعة تنفيذها، حتى يكون بمقدور هذه الأجهزة فرض سلطة القانون والنظام وهيبة السلطة واحترامها، وإنهاء الفوضى والفلتان.

إنجازات الحكومة على صعيد النشاط التنموي

على الرغم من الظروف الصعبة التي واجهت الحكومة، واضطرارها إلى تحويل جزء كبير من عملها نحو مواجهة العدوان الإسرائيلي الشامل، فقد بذلت الحكومة جهوداً كبيرة لتطبيع أساليب العمل، والارتقاء بأدائها في تقديم الخدمات الحكومية الاعتيادية للمواطنين، إلى جانب تنشيط العمل التنموي في سائر القطاعات، وتطوير الإمكانات التمويلية، التي أصبحت شحيحة للغاية، وترشيد استخدامها، سواء تلك المتحصلة من خلال الموازنة العامة، أو المتأتية من المساعدات الخارجية. وقد وضعت الحكومة خطة طوارئ لتثبيت الوضع الاقتصادي والاجتماعي، في أعقاب تدهور الوضع الاقتصادي.وركزت هذه الخطة على تغطية العجز في الموازنة العامة، وعلى دعم البرامج الإنسانية والاجتماعية، وعلى تطوير البنية التحتية العامة في مختلف القطاعات، وكذلك إصلاح وترميم ما دمره الاحتلال، إضافة إلى دعم القطاع الخاص وعملية الإصلاح، وقدمت هذه الخطة إلى الدول المانحة لطلب دعمها.وتعمل الحكومة بشكل مكثف على تأمين الدعم اللازم لتلبية احتياجات هذه الخطة.

نحن ندرك أن مسؤولية الحكومة تجاه تنشيط فعاليات الاقتصاد الوطني والنهوض به، باتت اكبر بكثير مما كانت عليه من قبل.حيث بات القطاع الخاص الفلسطيني في وضع صعب للغاية، وأصبح المناخ الاستثماري محبطاً للاستثمارات الخاصة، الأمر الذي يستوجب منا زيادة السيولة في الاقتصاد بقدر ما نستطيع، سوءاً كان ذلك من خلال الانتظام في دفع رواتب موظفي القطاع العام، أو من خلال زيادة مشاريع محاربة البطالة، أو من خلال تنفيذ مشاريع البنية التحتية والإسكان، وحث الجهات الدولية المانحة على تنشيط جهودها التنموية في مختلف القطاعات.وقد حرصنا على توجيه المشتريات الحكومية لأغراض الاستهلاك أو التنمية نحو المدخلات المحلية، لزيادة الطلب على الإنتاج المحلي وزيادة مستوى التشغيل في الاقتصاد الوطني.

ولتحقيق هذه التوجهات عملنا على اتخاذ سلسلة تدابير هامة في إطار إحكام الرقابة على العطاءات العامة، ومواصلة السياسة التقشفية في الإنفاق الاستهلاكي، ومضاعفة الجهود لزيادة المصادر المالية لتمويل المشاريع التنموية.وقد انعكست هذه التوجهات في الخطط السنوية لجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية.

أما إنجازات الحكومات على صعيد إعداد واقتراح القوانين والأنظمة

فقد واظبت الحكومة على متابعة الاستجابة المطلوبة للاحتياجات اللازمة، في مجال تطوير القوانين واللوائح التنظيمية المختلفة، وفق الأولويات المقررة في مختلف القطاعات.وخلال الفترة السابقة جرى العمل على عدد كبير نسبياً من القوانين واللوائح.

وبخصوص التحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية

والتزاماً بما كنا قد تعهدنا به أمامكم، وبالرغم من استمرار العدوان الإسرائيلي، وتفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد وضعنا ملف الانتخابات العامة على رأس قائمة أولوياتنا، وعقدنا لهذه الغاية عدة لقاءات مع اللجنة المركزية للانتخابات لمتابعة التحضيرات اللازمة، وقدمنا كل الدعم الممكن للجنة من أجل القيام بمهامها.حيث خصصنا الموازنة المطلوبة للجنة الانتخابات ضمن الموازنة العامة للسلطة الوطنية وقد قامت هذه اللجنة فعلاً بإعداد برنامج متكامل لعملها، وهي جاهزة للشروع بعملية تسجيل الناخبين. وعلى صعيد استكمال الاستعدادات للانتخابات، فإننا نرجو من مجلسكم الموقر العمل على إنهاء إقرار مشروع قانون الانتخابات المعدل، بعد أن تم بعناية دراسة المقترحات المقدمة من القوى والفصائل الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، سيما ما يتعلق منها بنظام الانتخابات أو باستحداث حصة (كوته) من المقاعد لتمثيل النساء، والنظر في زيادة عدد أعضاء المجلس، هذا المشروع الموضوع الآن بين أيديكم للبت فيه واتخاذ القرار المناسب حياله.

وعلى صعيد انتخابات الحكم المحلي، فقد جرى إقرار مسودة قانون الانتخابات المحلية من جانب السلطة التنفيذية، وجرى رفع مسودة القانون إلى مجلسكم الموقر لمناقشتها وإقرارها حسب الأصول.

وستظل قضية الانتخابات من القضايا الأساسية التي تحظى بأولوية اهتمام الحكومة، وفي جميع اتصالاتها وعلاقاتها العربية والدولية للضغط على الحكومة الإسرائيلية لتهيئة الأجواء لتمكيننا من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية.وستظل حكومتنا تتابع هذه القضية بكل ما تستحقه من اهتمام وأهمية.

وبالنسبة لبناء مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء والأمانة العامة

فبعد حصولنا على ثقة مجلسكم الموقر، بدأنا العمل بكل ثقة وتصميم لتحقيق ما التزمنا به أمامكم، مدركين حجم المسؤولية التي أوكلت لنا، وعبء الأمانة التي عُلّقت في أعناقنا، وتعقيدات البيئة الداخلية والخارجية التي تؤثر علينا، وبات من الواضح أن نجاحنا في مجابهة التحديات التي تواجهنا، تستوجب منا جميعاً العمل المنظم الجاد، كل في حدود اختصاصه وصلاحياته ومسؤولياته، والالتزام بالعمل بروح الفريق، توجهنا رؤية واحدة، وتحفزنا رسالة مشتركة.وقد قمنا بالفعل بتطبيق المادة رقم(82)، في القانون الأساسي، المتعلقة بالذمة المالية للوزراء، واعتمدنا نظاماً داخلياً للجلسات، يضمن العمل بطريقة مهنية ومُمُأسَسَة، وطورنا آلية سلسة وشفافة لصنع القرار، مكنتنا من البت في القضايا المدرجة على جدول أعمالنا أولاً بأول.ومن أجل تحقيق ذلك كله كنا قد منحنا اهتماماً خاصاً لتطوير إدارات الأمانة العامة وديوان رئيس الوزراء، وذلك بالاستفادة من أفضل التجارب المعمول بها على هذا الصعيد، وقد قطعنا شوطاً هاماً في تحقيق ذلك.

ومن أجل ترشيد عمل مجلس الوزراء ورفع كفاءته، قمنا بتشكيل ست لجان وزارية دائمة في مجالات الاختصاص المختلفة : اللجنة السياسية، اللجنة الاقتصادية، اللجنة الاجتماعية، لجنة البنية التحتية، لجنة الإصلاح ولجنة القدس.كما تم تشكيل لجنة مقاومة جدار الضم والتوسع، ولجنة الشؤون الإدارية.ويقوم مجلس الوزراء بتحويل ما يلزم من القضايا الموضوعة على جدول أعماله إلى اللجان الدائمة، حسب الاختصاص، للدارسة وتقديم التوصيات بشأنها، وتجتمع هذه اللجان بشكل دوري مرة كل أسبوعين، لمناقشة القضايا التي تحال إليها أو كلما دعت الحاجة إلى ذلك. وعلى صعيد مأسسة الأمانة العامة على أسس سليمة ثابتة، وقادرة على تقديم مثال جيد للمؤسسة الحكومية الفلسطينية، يجري العمل الآن لإعداد اللوائح التنظيمية ودليل الإجراءات، لمتابعة تنفيذ الوظائف في الأمانة العامة والديوان.وسنواصل العمل على تطوير وبناء هذه المؤسسة الهامة جداً. العلاقة مع مؤسسة الرئاسة

لقد أكدنا منذ البداية حرصنا الشديد على الحفاظ على علاقة وثيقة وحثيثة مع مؤسسة الرئاسة، ومع الرئيس شخصياً، وفاءً واحتراماً وتقديراً منا لأهمية توجيهاته في كل القضايا المحورية والهامة.وكنا حريصين على تنسيق كافة قرارات الحكومة الهامة مع الرئاسة، والتزمنا الشفافية التامة في تدفق المعلومات إليها، وذلك لإضفاء روح الشراكة، ولمنع أي تأويلات أو سوء فهم لمواقف الحكومة وقراراتها.كما كانت الحكومة أمينة لالتزامها بالعمل على إزالة الحصار الإسرائيلي الإجرامي الظالم والمتغطرس على رئيسنا المنتخب، وطالبنا بإزالة هذا الحصار في لقاءاتنا مع جميع الأطراف والقوى الدولية.وبالرغم من كل ذلك، فإن جهودنا لم تنجح تماماً في إزالة كل الهواجس والشكوك، أو في توفير أجواء الثقة التامة الملائمة لانطلاقنا بصورة أسرع، لتحقيق التزاماتنا وتعهداتنا تجاه جماهيرنا وتجاهكم.إننا نرى أن العمل وتطويره وسلامة انسيابه ممكن تماماً إذا ما سادت روح الثقة والتعاون، وزالت الظروف غير الطبيعية التي فرضت ظلماً وعدواناً على الرئيس ومؤسسة الرئاسة، التي هي رأس السلطة الوطنية.ونحن نأمل أن تكون المرحلة القادمة مرحلة أكثر صفاء وثقة وأن تكلل الجهود المتواصلة التي نبذلها لرفع الظلم والحصار عن شعبنا وعن رئيسه المنتخب، ونؤكد أمامكم أننا سنواصل جهودنا بلا كلل في هذا المجال، مع إصرارنا على الاستمرار في قيام الحكومة بدورها الذي وجدت من أجله.

الأخوات والأخوة في الختام اسمحوا لي أن أشكركم على تعاونكم الذي أبديتموه على مدار الأشهر السابقة، وأقول لكم أننا الآن بحاجة أكبر من ذي قبل إلى ثقتكم ودعمكم وتعاونكم، على طريق تحقيق الأولويات الوطنية وفي مقدمتها وقف العدوان ومنعه من تحقيق أهدافه، والدفاع عن مشروعنا التحرري، على طريق خدمة شعبنا العظيم الصابر الصامد، والمصمم على انتزاع حقوقه المشروعة في إزالة الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. شكراً لكم جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required