مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ملامح التراجع في الموقف الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية عما كان عليه سابقا بدت جلية خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من حيث انحصار بل حتى انعدام الضغط الأوروبي على إسرائيل لوقف عدوانها على القطاع، ترافقت مع تصريحات مخيبة للآمال في بداية العدوان أبرزها تصريحات المتحدث باسم وزير خارجية التشيك الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي بتبريره العدوان، والتي تراجع عنها فيما بعد، في وقت استعاض الأوروبيون عن الضغط على إسرائيل بتحركات سياسية مكوكية مكثفة إلا أنها بعيدة عن أي ضغط فعلي، وهي التحركات التي قادتها فرنسا وزعيمها نيكولا سركوزي الذي أعلن مع الرئيس المصري حسني مبارك ميلاد المبادرة المصرية، بالتزامن مع الموافقة البريطانية والفرنسية على التصويت على قرار من مجلس الأمن يدعو لوقف إطلاق النار بل والإسهام في إقناع الولايات المتحدة بذلك.

صحيح أن الاتحاد الأوروبي أقر العام الماضي بحث أو حتى رفع مستوى العلاقات السياسية والتجارية مع إسرائيل في مجالات تعزيز التعاون السياسي وضم إسرائيل إلى برامج ووكالات أوروبية ودراسة إمكانية دمج إسرائيل في السوق الأوروبية الموحدة، برغم احتجاج مسؤولين فلسطينيين، وهي الخطوة التي علقها الاتحاد لاحقا، إلا أن التصريحات الأوروبية الأخيرة والمواقف التي عبر عنها منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي قال إن العلاقات بين الاتحاد وإسرائيل تتوقف على التزام الحكومة الإسرائيلية بحل الدولتين في عملية السلام مع الفلسطينيين، وكذلك ما تلاه من كشف عن رسالة من رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانولي باروزو إلى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل يدعوه فيها الموافقة على مبدأ قيام دولة فلسطينية، هي تعبير عن عقلانية السياسة الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، فأكثر من مسؤول أوروبي أكدوا على رسالة الأوروبيين لنتنياهو التي تتمثل بأن أوروبا تربط تحسن العلاقات مع إسرائيل بالالتزام بحل الدولتين.

مقارنة بالموقف الرسمي الأميركي، طالما كان الاتحاد الأوروبي ودوله مجتمعة مواقفه متقدمه تجاه القضايا العربي وخاصة القضية الفلسطينية، وهي مواقف يمكن دائما للفلسطينيين والعرب العمل على تطويرها، واستخدامها في حث الولايات المتحدة وإدارتها الجديدة التي تقول أنها تسعى للتعامل بشكل مختلف عن سابقتها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، على انتهاج سياسة متوازنة في التعامل مع الملف الفلسطيني الإسرائيلي.

الموقف الشعبي الأوروبي متقدم أكثر بل ومبادر في الدفاع والتضامن مع الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، على العكس من غالبية المؤسسات الإعلامية الأوروبية التي يمكن بوضوح رؤية معالم مناصرتها لإسرائيل ودفاعها عن سياساتها إلى حد ما.

أما سياسيا فان الإشكال في الاتحاد الأوروبي ككل، يكمن في أن سياسته هي محصل مواقف عدة دول مختلفة، منها دول مؤيدة ومتعاطفة ومتحمسة لحقوق الشعب الفلسطيني وأخرى اقل حماسة وتأييدا للفلسطينيين، في وقت ترتكز السياسيات الأوروبي بشكل عام على مواقف الأعمدة السياسية الرئيسية فيها المتمثلة بفرنسا وألمانيا وبريطانيا.

وربما الموقف الأوروبي الأخير الرابط بين العلاقات مع إسرائيل بالالتزام حل الدولتين، هو رسالة قوية إلى نتنياهو الساعي لتشكيل حكومة إسرائيلية لا تلتزم بحل الدولتين ولا يوجد على أجندتها ما يمكن البناء عليه لإطلاق العملية السياسية من جديد، الأمر الذي يتطلب متابعة عربية فلسطينية للبناء على هذا الموقف الأوروبي وتطويره، وصولا إلى إجراءات عملية تعاقب بموجبها إسرائيل على سياستها تجاه الشعب الفلسطيني وتنصلها من استحقاقات السلام.

وتطوير الموقف الأوروبي سيكون له الأثر الأكبر على المواقف الأميركية أيضا بحكم قرب الساسة الأوروبيون وامتلاكهم القدرة على التأثير على الموقف الأمريكي، بل إن الموقف العربي أيضا ذات تأُثير على الولايات المتحدة، فان عملت الدبلوماسية العربية بشكل موحدة واستخدمت جميع أوراقها للضغط على اللاعبين الدوليين، فعندها يمكنها إحداث تعديل في موازين السياسية الأمريكية المائلة لصالح إسرائيل وسياسياتها التوسعية الاحتلالية، خاصة في ظل حكومة إسرائيلية متشددة قادمة، ترفض إعلان التزامها بالعملية السياسية وبالإرادة الدولية المتمثلة بإنهاء الاحتلال وصولا إلى حل الدولتين.

وكما هو الحال مع السياسية الأمريكية فان للعرب أوراق تأثر وقوة على المواقف الأوروبي إن أحسنوا استغلالها، ليس اقلها مبادرة الشركة المتوسطية، والعلاقات التجارية المشتركة، والتي يمكن للعرب أن يستفيدوا منها في تطوير الموقف الأوروبي لجهة الضغط على إسرائيل، وإلزام حكومتها أي كانت، بالرؤية الدولية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وهو موقف تحتاج القمة العربية القادمة في الدوحة أن تناقشه وتعد العدة له وتبنى نهجا لمواجهة مخططات نتنياهو وحليفه في الحكومة الجديدة افيغدور ليبرمان المتطرف الذي لا يخفي عنصريته ورفضه لأي حل مع الفلسطينيين.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required