مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

مزيد من الوقت كفيلٌ بإزالة الضبابية التي تلف النتائج المتمخضة عن المؤتمر السادس لحركة فتح، والذي يعقد في مدينة بيت لحم في سابقة هي الأولى من نوعها بحيث يأتي داخل الأراضي الفلسطينية، وذلك بعد 20 عاماً هي أكثر من كافية لخلق مواضيع لا حصر لها على أجندة المؤتمر.

فتح التي تعاني من حالة الترهل هي في أشد الحاجة لهذا المؤتمر الذي يأتي في ظروف انقسام لم تشهد الحركة لها مثيل من ذي قبل، وانعكس على المؤتمر جزء من هذا الانقسام والجدل والسجال الذي جاء تحت طائلة صراع الأجيال، خاصة بين الجيل الأول – الجيل المؤسس- وبين الجيل الثالث الذي عاصر الانتفاضة الأولى والثانية بكل ثناياها وتبعاتها ورغبته في أن تتاح له الفرصة ليأخذ دوره القيادي، وما بينهما الجيل الذي نعم بامتيازات السلطة وترفها.

وهذا الصراع أخذ مكانه في اليومين الماضيين حيث قال الإصلاحيون أن الحرس القديم الذي شاخ في مناصبه قد تلاعب بالمؤتمر فهناك اتهامات بحدوث شراء للأصوات وبتفشي المحسوبية وتبادل لاتهامات غاضبة في كواليس المؤتمر.

ورغم كل ذلك لم يتضح بعد ما إذا كان الجيل الجديد قد حصل على شرعية اللجنة المركزية، أو استطاع الجيل القديم أن يفرض رأيه على الجميع، لكن في كل الأحوال لا بد عن المزاوجة بين حكمة الشيوخ وقدرة الشباب.

وفيما يرى البعض أن ما جرى في المؤتمر من خلافات ومشادات هو ضرورة وحاجة، وإن دل على شيء فهو يدل على المساحة المتاحة لحرية التعبير عن الرأي والديمقراطية، وأن ما يحدث في المؤتمر لا يمثل بالضرورة حركة فتح بتاريخها النضالي ولا بمضمونها السياسي، فالبعض الآخر يرى أنه شيء متوقع كجزء من التمسك بالمواقع والمحاصصة وما هو إلا صراع دائر على السلطة كما هو معتاد.

إن الأحزاب والفصائل الوطنية نشأت وأُقيمت على أكتاف الشباب، وأن الفصائل التي دخلت المنظمة في العام 1969 كانوا أبناءها شباباً، ومن هنا يجب السعي إلى تطوير مشاركة ووصول الشباب إلى المراكز القيادية، وتمثيل أنفسهم بأنفسهم، سيما وأنهم يمثلون الشريحة الأكبر في المجتمع الفلسطيني.

وتأتي هذه الصراعات وسط تشكيك في شرعية اللجنة المركزية التي لم تخضع لانتخابات منذ عام 1989، ولم تقدم خطة واضحة منذ عودتها في 1994، وانغمست في ثنايا السلطة والتنعم بامتيازاتها.

لذا فإن عدم إفساح المجال أمام الجيل الجديد للمشاركة من شأنه أن يكون القشة التي ستقسم ظهر البعير، وذلك فيما يتعلق ببنية فتح وتنظيمها، مما سيدفع بمزيد من التشرذم والانقسام بين أعضاء الحركة.

غير أن العقبة التي تعترض الجيل الشاب، هي ليست فقط تشكيك المحاربون القدامى في قدرات القيادات الشابة في تحمل المسؤولية والمهام الجسام، بل أيضاً التخوف من إمكانية أن تكون هذه القيادات إحدى الأيدي التي تسعى لتمرير مخططات خارجية أو غيرها، وما عزز هذه المخاوف هو ما تعرضت له الحركة سابقاً من مقتل رمزها ياسر عرفات،- دون أن يفتح تحقيق جدي في حادثة تسميمه-، وترك موته فراغاً لم يستطع أحد أن يملئه، بالإضافة إلى التصريحات الأخيرة لرئيس الدائرة السياسية بمنظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي، ناهيك عن أن هذه الشكوك والمخاوف باتت مطلوبة من قبل أعضاء حركة فتح نتيجة خلافها مع حماس ومحاولة كلِ منها للإطاحة بالأخرى.

وكان واضحا في الفترة السابقة انخراط فتح في السلطة بشكل شبه كلي، بحيث فقدت استقلالها ودورها كتنظيم، الأمر الذي أحدث في مسيرتها الكثير من الكبوات والأخطاء، كما تعالت الأصوات التي تتهمها بالفساد وسوء استخدام السلطة، والأصعب من ذلك تحول هذا الوضع لواقع يصعب تغييره بالنسبة لكثير من أبناء الشعب.

ودفعت في المقابل ثمن كل هذا، فخسرت في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وانتهى المطاف بسيطرة حماس على قطاع غزة، بالإضافة إلى انقسامها الداخلي.

فتح التي تأتي لمؤتمرها رغم جراحها الداخلية، مطالبة أن تعمل جاهدة لإنجاح مؤتمرها الذي لم يأت كمطلب فتحاوي فحسب بل ووطني وإقليمي ودولي، وهذا النجاح من شأنه أن ينعكس على ديمقراطية كافة الأحزاب والفصائل الأخرى، لتتهيأ بذلك لانتخابات عامة قادمة في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني المقبل.

وفي كل الأحوال من المهم أن تنأى فتح بأزمتها عن الشارع الفلسطيني وخاصة في هذه المرحلة الحرجة، في محاولة لتقديم المصلحة العليا على المصلحة الخاصة، إذ يتوجب عليها أن تعمل على ترتيب بيتها الفتحاوي، وأن تستجيب للحوار الداخلي.

في المقابل مطلوب من الجميع الاتحاد والتعاون، في سبيل التوصل إلى برنامج سياسي وطني شامل، وإحياء الدم من جديد في منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الوطنية، وذلك برفدهما بالجيل الشاب، والاحتكام لصناديق الاقتراع وإجراء الانتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الفصائل وتحتكم لبرنامج وطني موحد.

لذا فعودة فتح إلى مسارها الحقيقي هو مسؤولية ملقاة على عاتقها، من أجل استكمال تحقيق الأهداف الوطنية، وتوحيد شقي الوطن ونبذ الانقسام، لتستكمل بذلك العملية السياسية، حيث أن أي عملية سلام أو مفاوضات أو غيرها مع الطرف الإسرائيلي لا بد أن تكون فتح جزءً منها.

والسؤال المطروح هل نتائج المؤتمر السادس كفيلة بحل أزمة فتح الداخلية والتي لم يستطع المجلس الثوري أو اللجنة المركزية أن يحدان منها؟.

وأياً كانت الإجابة فإن أكثر ما يهمنا جمعياً بعد المؤتمر السادس، ما هو مطلوب من الحركة، حيث لا يجب تضييع فرصة هذا اللقاء لإجراء عملية إصلاح وتجديد، بحيث تلتئم جراحها وتستعيد دورها القيادي النضالي، من خلال التخطيط لاستيراتيجية تمكنها من استعادة ما فقدته خلال الفترة السابقة سواءً على الصعيد الوطني أو الإقليمي والدولي، وانتخاب قيادة جديدة توقظها دماءٌ شابة تتحلى بالانتماء الوطني والكفاءة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required