مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

استضافت الضفة الغربية بالأمس حفيد زعيم الاستقلال المهاتما غاندي راجموهان غاندي، والذي شاهدنا صوره وهو يتجادل مع أحد أفراد حرس الحدود الإسرائيلي الذي حاول منعه هو زوجته من الوصول إلى الحرم الإبراهيمي، وقد صرح قائلاً: "شاهدت المعاناة في الخليل والله عادل ولا يسمح بهذا الاضطهاد الإسرائيلي"، وأطرق لاحقاً للحديث عن تجربه جده في قيادة التحرر والاستقلال لبلاده.

وتأتي هذه الزيارة في الوقت الذي ازداد فيه الحديث مؤخراً عن المقاومة الشعبية أو السلمية، كخيار استراتيجي للخروج من حالة الجمود السياسي التي تفرضها الغطرسة والتعنت الإسرائيلي، وانسداد الأفق فيما يتعلق بالعودة للمفاوضات سواءً المباشرة أو غير المباشرة، بالإضافة إلى مشاركة بعض القيادات الرسمية والسياسية وخاصة من حركة فتح، في بعض هذه النشاطات، ما أضفى إليها طابعاً رسمياً، وربما بالفعل خياراً استراتيجياً بديلاً عن الحلول والتوجهات السابقة.

لكن هل المقصود بخيار المقاومة الشعبية هو المقاومة السلمية، أي مقاومة اللاعنف تماماً كما أرادها المهاتما غاندي، وهل نحن قيادة وشعباً قادرون على الالتزام بهذا النوع من المقاومة بالفعل وليس بالكلام؟، أما إذا كانت الإجابة بنعم فالتجربة تستحق المحاولة بل والمجازفة، وفي كل الأحوال فالخيارات المطروحة محدودة جداً، وقد طرقنا بالفعل أبواب كل الوسائل الأخرى؟، فلا ضير من التجربة، فلربما لم يبقى ما نخسره أكثر مما خسرناه.

وإذا ما اتفقنا بالفعل حول ماهية هذه المقاومة الشعبية المُرادة وأساليبها ووسائلها، -وهو أمر قد يكون صعب التحقيق نظرًا للتعددية الحزبية والفصائيلية لمجتمعنا الفلسطيني-، حينها لا بد من الاستفادة من تجربة المهاتما غاندي في مواجهته للاستعمار البريطاني، حيث قاد هذا السياسي البارز والزعيم الروحي الهندي حركة تحرر وطنية لبلاده، من خلال مقاومة الاستبداد والعصيان المدني الشامل أو اللاعنف الكامل، والتي أدت إلى استقلال الهند وألهمت الكثير من حركات الحقوق المدنية والحرية في جميع أنحاء العالم، فهو الذي عُرف بالمهاتما أي 'الروح العظيمة'، وقد تم تشريفه رسمياً في الهند باعتباره أبو الأمة؛ حيث يتم الاحتفال بعيد ميلاده، 2 أكتوبر كعطلة وطنية، وعالمياً هو اليوم الدولي للاعنف.

لذا يجب الإنفاق أولاً على رؤية موحدة لماهية المقاومة الشعبية، فلا يمكن المضي بمقاومة شعبية بنصف الشعب، بل حتى أن مشاركات القيادات الرسمية والسياسية وإن كانت مطلوبة وضرورية، إلا أنها جاءت بصورة عفوية وغير منظمة ولم توضع في إطار محدد وواضح، فهي متذبذبة وغير متسقة، بل ولم تُعلن بشكل رسمي، فيجب أن تأتي المشاركات ضمن رؤية سياسية متفق عليها، فتكون ممنهجة ومنظمة.

وقد يقول البعض إن المؤشرات والمعطيات القادمة من أجهزة الأمن والقيادات السياسية تؤكد على التزامها بالسيطرة على الأمور، وعدم الرغبة للانسياق وراء انتفاضة ثالثة، لكن لاشك أن هناك فروق جلية بين المقاومة الشعبية إذا ما أردنا لها أن تكون سلمية وليست مسلحة، وبين الانتفاضة الشعبية، وإن اشتركت الاثنتان في الهبة الجماهيرية الشعبية، إلا أنه من المعروف أن الانتفاضة متاح فيها استخدام كل الوسائل والطرق السلمية والمسلحة.

ومما لاشك فيه أن الذهاب لخيار المقاومة الشعبية السلمية سيعيد القضية الفلسطينية إلى مربع الاهتمام والتعاطف الدولي، بعد تراجعه في السنوات التي تلت انتفاضة الأقصى، الأمر الذي استغله الاحتلال الإسرائيلي بتمرير مخططاته التوسعية بضم مزيد من الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات والجدار، وتهويد القدس، وكل ذلك مع تشويه صورة الشعب الفلسطيني في الإعلام الغربي، والترويج إلى كونه شعب دموي وإرهابي.

ومع اختلاف الظروف والمعطيات التي قادت إلى نجاح مقاومة غاندي ضد الاستعمار البريطاني، وبين حالة القضية الفلسطينية، حيث كان أحد الشروط التي اشترطها غاندي لنجاح هذه السياسة تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح حوار موضوعي مع الطرف الآخر، وهو أمر صعب مع العدو الإسرائيلي الذي يتميز بموت الضمير، إلا أن هناك احتمال ولو بسيط لأن تقودنا المقاومة السلمية إلى التحرر، فالمسألة مجربه وإن كانت غير مستساغة لدى المعظم الذي يؤمن ب"أن ما أوخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"، لكن إلى حين توفر القوة فالنجرب ما هو متاح، مع التمسك بالثوابت الوطنية وكسب التعاطف الدولي، لاستعادة حقوقنا المشروعة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required