مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

مازال أكثر الشوارع حيوية وأهمية على الإطلاق في مدينة رام الله، ألا وهو شارع الإرسال، يبدو وكأنه منطقة منكوبة إثر زلزال سبعي على مقياس ريختر، أو إثر إعصار "كاتريني" قد مر به، أو حتى مثل "المربع الأمني" أثناء حرب لبنان، وما أود الحديث عنه قبل التطرق لعملية إعادة تأهيل الطرق برمتها في مدينتنا، هو إجراءات السلامة التي يتوجب على الجهة المسؤولة عن هذه الأعمال اتخاذها ليس فقط للعاملين فيها بل للمارة على جانبي الطريق المعاد تأهيله.

فقد ذهبت مضطرة لشارع الإرسال الذي يبدأ من دوار المنارة وسط رام الله ويمتد رابطاً سردا وبيرزيت بالمدينة، وهو شارع لا غنى عنه بأي حال من الأحوال لكل العاملين في منطقة الإرسال، المهم إني كنت أمشي على الرصيف الذي جاء بمحاذاة أخطر الخنادق وأعمقها للعمل على شبكات الصرف الصحي ومياه الأمطار، فيما الرصيف نفسه أصبح جزءاً من المحال التجارية التي تملؤه ببضائعها، ناهيك عن كم الحفر الموجودة في الرصيف، يضاف إلى كل ذلك عجلة المارة واستعجالهم في يوم حار وفي شارع كشارع الإرسال المنتعش دوماً بالهواء، الذي تحول إلى ريح تحمل أتربة كل المنطقة المغبرة نتيجة أعمال التحفير، ووسط كل ذلك وجدت نفسي على قاب قوسين أو أدى من أن أسقط في أحد هذه الخنادق المفتوحة، دون أن يلحظني أحد، والسبب الرئيسي في ذلك بالإضافة إلى كل ما سبق هو عدم وجود حماية حديدية أو حتى خشبية أو إشارات تحذيرية على حافة الشارع المتاخم للعمل!!!، فقد نجوت أنا بأعجوبة، لكنني فكرت ماذا لو سقط طفل يركض للحاق بأمة وهو على الرصيف، ليجد نفسه في أحد هذه الحفر، أو سقطت عجوز لم تستطع أن تسيطر على خطواتها وسط زحام المارة والريح المغبرة؟؟.

مشهد آخر لاحظته في هذا الشارع، وهو مرور المواطنين -اختصاراً للوقت والجهد- من فوق الخنادق المذكورة على بضع خشبات متهالكة، ووسط كل التجهيزات وأدوات الحفر والجرافات المتحركة، و"العدة" المتناثرة على الأرض لأغراض العمل، فيما اضطررت أنا لأن ألف "رأس الرجاء الصالح" للوصول إلى المكان الذي أريده، بعيدا ًعن المجازفة بالمرور من فوق كل تلك التحديات غير المحسوبة، فعملت بمبدأ "إخسر دقائق من عمرك ولا تخسر عمرك"، إلا أن معظم الناس وكما نعلم لا يفكرون بهذه الطريقة، لكن في الحقيقة أنها ليست مسؤوليتهم الفردية وحدهم، بل هذه مسؤولية الجهة المسؤولة عن منطقة العمل والتي يتوجب عليها عدم السماح لأحد بالمرور في المنطقة وخاصة أثناء عمل "الجرافات" الضخمة و"القلابات"، ومع وجود كل هذه المخاطر من خنادق وأدوات خطرة وغيرها.

ومع تقديرنا لإعادة تأهيل الشارع وما يحتويه من شبكة خدمات مختلفة، والتي تحظى بإعادة التأهيل منذ 52 عاماً حسب قول أحد المسؤولين عن المشروع، إلا أنه من حق المواطنين أن يعلموا بالمدة الزمنية التي سيستغرقها العمل، أي أنها ستبدأ من تاريخ كذا وحتى تاريخ كذا، بالإضافة إلى ساعات العمل، رغم علمنا أن المشروع من المفترض أن يستغرق 28 يوماً مضى منهم 20، فهل يُعقل أن ينتهي العمل في الشارع الذي مازال شكله يوحي وكأن حرباً ضروساً مرت خلاله، في ثماني أيام فقط؟؟، كيف ذلك وهم يشرعون بدوامهم مع الموظفين وينتهون معهم، على خلاف كل أعمال البناء وإعادة التأهيل في العالم، التي من المعروف أنها تعبد الشوارع وتأهلها في الفترة الليلية عندما تقل حركة المرور، أو على الأقل تعمل بنوبات صباحية ومسائية، فيصلون الليل بالنهار للانتهاء من العمل بأسرع وقت ممكن، ولا أعتقد أن (نظرية الإمكانيات لا تسمح) مقبولة هنا، لأننا إذا ما حسبنا الفترات المسائية فهي أيام أعمال إضافية لإنهاء المشروع.

والطريف أننا كنا نطالب سابقاً بإشارات تنبيهيه حول الشوارع المغلقة، لكننا رأيناها هذه المرة ماثلة عند الشارع المُراد العمل فيه، أي أن على السائق أن يصل إلى الشارع المغلق، ومن ثم يعود أدراجه للبحث عن بديل آخر، ومن المفترض بالطبع أن توضع هذه الإشارات التحذيرية قبل أمتار من الوصول للمنطقة، فلا حاجة لها عند الوصول للشارع المغلق!! أم أن المطلوب أن نتأكد بأنفسنا!!؟.

مطلب آخر مهم، وهو أن ترافق أعمال البناء والتأهيل هذه، وخاصة في المناطق الحيوية، حملة إعلامية متواصلة في الصحف والإذاعات قبل وأثناء العمل لتنبيه المواطنين وإعطائهم بدائل للطرق التي اعتادوا يومياً استخدامها للوصول إلى أعمالهم. وفي ختام القول، نود التأكيد أننا ومثل جميع المواطنين الصالحين لسنا ضد العمران والتشييد والتأهيل وإعادة التأهيل، لكن المطلب البسيط المرافق لكل ذلك هو إتباع أبسط شروط السلامة العامة لكلا الطرفين سواء العاملين في هذه المخططات أو للمواطنين المرتبطة حياتهم بها، مع وضوح خطة إستراتيجية من أجل استثمار الوقت والجهد، فنحن نعلم أنكم تأسفون لإزعاجنا..وتعملون لأجلنا، لكن حتى يعي المواطن هذه المقولة، فهو بحاجة لأكثر من شعار، قبل أن يحولها بامتعاضه من التطبيق الخاطئ إلى "نأسف لراحتكم..نعمل لإزعاجكم"، كما قالها من قبل الزميلان سائد كرزون وصالح دوابشه في برنامجهم "دبابيس".

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required