مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

قد لا يعتبر العنف الموجه ضد المرأة الفلسطينية من قبل المجتمع خطيرا من ناحية انتشاره، فالنساء في المجتمعات المختلفة، المتحضرة منها والأقل تحضرا، يعانين اضطهادا من أنواع متعددة، إما جسديا، أو نفسيا، أو مهنيا.

لكن الخطورة الفلسطينية هي أن مشكلة العنف ضد النساء تحمل بعدين سلبيين يقفان أمام معالجتها؛ أحدهما رضا المجتمع، والآخر شرعنة القوانين لذلك العنف.

وتحت سطوة العادات والتقاليد التي لا يحترم بعضها خصوصية الفرد وحرية تفكيره، تجد الأم تربي أبناءها على قيم عدم احترامها، وبناتها على الخضوع للمجتمع الذي يحمل بيده سكين "السمعة"، مجتمع قاس يصل غضبه حد أن يقتل الأب ابنته، والأخ أخته.

وإنْ لم يعن ذلك السكين قتل المرأة الجسدي، فهو يؤدي في الغالب إلى قتل نفسي تنبذ خلاله أو أسرتها كونها "مختلفة".

لن أنسى تلك الحصة المدرسية التي يفصل خلالها الشباب عن الشابات في الصفوف الإعدادية. وبينما يطرح الأستاذ للشباب من أبناء صفنا موضوعات كالثقافة الجنسية، لا تتوقف معلمتنا عن تذكيرنا بأننا كـ"لوح الزجاج" الذي إذا شق ولو قليلا فقد صلاحيته.

قصة أخرى بطلها شاب اغتصب ابنة خاله سنوات عدة، وبعدما اُكتشف الأمر رُحّلت الفتاة إلى الولايات المتحدة، درءا "للفضيحة". أما الشاب الذي برر أصدقاؤه فعلته "بهرمونات زائدة"، تزوج بفتاة أحبته رغم معرفتها بالقصة وأنجبا طفلا، لعلها هي الأخرى تقول هرمونات زائدة.

مواقف كتلك –وما أكثرها- تخلق قيودا على تفكير الإناث منذ الصغر، تذكرهن بأن أهمية الفتاة تنبع من نظرة الناس لها ورضاهم عن طريقة حياتها، وبأن سطوة المجتمع عليها وحريتها وتصرفاتها كبيرة، وأن عقاب الاختلاف مرير. هذا عدا عن دور قضايا كتلك في الحد من تطور المجتمع الذي بات غارقا في شؤون ثانوية، وسطحية ومادية بامتياز، وغريب أن أمورا كضياع الوطن والنخوة والشهامة والكرم لا تعد شرفا مفقودا يتطلب أن يفور الدم من أجله.

وما دامت المرأة وهي منشئة الأطفال تستسلم للتقاليد وتهابها، فليس متوقعا من الرجال أن يخرجوا منادين بالعدالة وحرية المرأة. إذا لم تنهض المرأة لتحرير ذاتها وتفكيك السيطرة الذكورية على حياتها وتفكيرها، ستبقى أسيرة تقاليد بالية، لا شيء إنما لصمتها.

أما العقوبة المخففة والعذر المحل في قانون الأحوال الشخصية فكأنها تقول للذكر: "فورة الدم تبرر القتل"، وتمنحه الحق في إنهاء حياة أخته، أو ابنته أو إحدى قريباته على خلفية ما يسمى "بشرف العائلة". وهذا العنف ضد المرأة أشد بأسا من أب يقتل ابنته هنا أو أخته هناك، لأنه عنف يصبح فيه القانون شريكا بدلا أن يكون رادعا.

وفي خطوة رسمية، شهد اليوم إطلاق الإستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة التي تم إقرارها من قبل مجلس الوزراء. ومساهمة اللجنة الوطنية لمناهضة العنف التي تشمل ممثلين عن القطاع العام والأهلي والخاص فيها يؤمل أن تعطي هذه الإستراتيجية مزيدا من الزخم لتحقيق نتائج ملموسة وواقعة.

إذاً، إدراك دور قادة الرأي ومربيْ الأجيال، والسعي لتعديل التشريعات والقوانين من أجل تمكين المرأة ومناهضة العنف ضدها، هو مسؤولية المجتمع بأكمله، ومهمة كل أحرار فلسطين.

نداء ابراهيم هي كاتبة في دائرة الإعلام والمعلومات في المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية-مفتاح. يمكن الاتصال بها عن طريق البريد الالكتروني:mid@miftah.org

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required