مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على دعوة الحراك الشبابي في 15 آذار الماضي، للحشد والاعتصام في كل مدن الضفة الغربية وفي قطاع غزة، من أجل إنهاء الانقسام والاحتلال، وتلبية الدعوة من قبل مختلف فئات المجتمع، فكانت الفوضى والارتباك والحزبية عنوانا ً للاعتصام، ما أعطى مؤشراً على شكل هذا الحراك الشبابي ومصيره مستقبلاً، فما الذي حل بهذا الحراك الآن وفي أي اتجاه يسير؟.

فهذا الحراك الذي لقي الكثير من الحشد والتأييد في باكورة انطلاقه أطاح بتوقعات وآمال المؤيدين له بل وحتى المشاركين فيه أنفسهم بعد أشهر قليلة من الدعوة له، وشهد فتورا ً كبيراً حتى كأنه غاب عن الساحة الشعبية والسياسية، فلم تتراكم الجهود الشبابية على مدى الأشهر الثلاث السابقة، وغابت الإستراتيجية والآليات والهدف الموحد، وانقسم الشباب على أنفسهم فعمتهم الفوضى وسكتهم الارتباك والتشتت، الذي كانت أهم أسبابه تغلغل الفئوية والفصائلية، فباتوا صورة مصغرة لحالة المشهد السياسي الفلسطيني، فانطفأت شعلتهم وتراجع حراكهم بدل أن يخطو إلى الأمام.

فالشباب افتقدوا إلى أهم عامل من عوامل التغيير وهي الثقة، الثقة بأنفسهم وبطاقاتهم وبقدرتهم على التأثير في صناع القرار، بعد أن فشلت محاولتهم في أن يكونوا من صانعي القرار الفلسطيني، وحتى وإن امتلكوها فقد كانت الثقة وللأسف مفقودة فيهم من قبل القادة والنخب المجتمعية، وبالتالي فهم إلى جانب افتقادهم للثقة فقد فقدوا الدعم والمحفزات، فاصطدموا بجدار الإحباط والعجز الذي شل حركتهم، كما لاقوا الاعتراضات الأمنية سواءً في الضفة وفي غزة ... ما أجهض هذه الجهود بدل أن يدعمها.

وقد تكون هذه الحالة مشابه لحالة الحراك الشبابي العربي بعد الثورات العربية، إذ وقع على عاتقهم مسؤولية البناء المجتمعي من جديد وإن لم يكونوا مستعدين لمثل هذا الحجم من المسؤوليات، حتى وإن كانوا هم أنفسهم وقود تلك الثورات التي قادت للتغيير، ومع أننا لا نقلل من المحاولات الشبابية، لكن لابد من رؤية الواقع من زواياه المختلفة.

ورغم غياب فلسطين عن الثورات العربية إلا أن الحراك الشعبي الفلسطيني له خصوصية مختلفة تميزه عن أي حراك شعبي في الدول العربية، لذا كان من المهم أن لا يأتي هذا الحراك كتقليد لما حدث في الدول العربية، بل كان ينبغي أن يكون نابعاً من حاجة الشعب الفلسطيني وهمومه وتجرحاته.

إن الشباب بحاجة لإعادة إحياء حراكهم بمختلف الوسائل كالبحث في محفزات لتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في ذلك الحراك، وتطوير وسائل نضالية شعبية ليس فقط من أجل إحياء جهود المصالحة المتعثرة، ومن أجل إنهاء الاحتلال بل أيضاً على مستوى الشأن الفلسطيني العام، كقضية الأسرى والقضايا الاجتماعية والاقتصادية ومحاربة الفساد والغلاء وغيرها وحشد التأييد والتضامن الدولي مع القضية، مع الأخذ في الاعتبار المبادرات الشبابية القائمة منذ مدة في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال وضد الجدار والاستيطان، مع تطوير وسائل أذكى وأفضل لمواجهات الحملات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.

وأمام كل هذا لابد من أن يتسلح الشباب بالوعي الكافي والأدوات والوسائل التي يحتاجها من أجل تحقيق أهدافه، وخاصة الحشد من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعية وعدم إغفالها واستخداماها الاستخدام الأنسب، في المقابل يتوجب على كل الفئات المجتمعية المختلفة والشباب/ات والقيادات السياسية العمل بشكل تكاملي من أجل تحقيق المصلحة المشتركة والأهداف المرادة، ودعم هذه القدرات الشبابية وليس تشتيتها وشرذمتها، خاصة بعد توجهت كل الأنظار إلى المطلب الفلسطيني في نيل الاعتراف بالدولة من الأمم المتحدة، في حين لم يُنظر في موضوع المصالحة التي عُقدت الكثير من الآمال على إنجازها في القريب العاجل.

إن الحراك الشبابي لا يجب أن يُناط بتحقيق أي إنجاز سياسي، حتى إذا ما لم يتحقق المسعى السياسي انحسر الدور الشبابي وتراجع واتسم بالفشل، إذ لابد لهذا الحراك من أن يكون ناراً مشتعلة في وجه هموم المواطن، ولتكن ثورة شبابية في وجه الظلم والاستبداد...ودوما ًمن أجل العدالة والحرية، فيجب العمل حتى أن لا تخب شعلة الشباب، وحتى لا يتراجع حماسهم وينحسر دورهم مجدداً، بعد أن عانوا من غياب من يمثلهم، فهم يدفعون ثمن الواقع على الأرض دون أن يشاركوا في صنعه.

ومن المهم أن يرتب الشباب صفوفهم ويلملموا أوراقهم ويحموا ثورتهم وأن لا يسمحوا لأحد بسرقتها أو إخراجها عن طريقها الصحيح، ومثل هذه الحركات والدعوات مطلوبة وضرورية لإثبات رفض الشعب لما آلت إليه قضيتنا الوطنية الفلسطينية، ويجب أن تستمر حتى لا تتبلد مشاعرنا تجاه أنفسنا وتجاه بعضنا وتجاه من ضيعوا قضيتنا وغيبوها.

فهل فقد الشباب البوصلة أم أنها استراحة المحارب ليس إلا؟.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required