مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

صادف بالأمس الذكرى العاشرة لأحداث سبتمبر، وتصادف الجمعة القادمة الذكرى التاسعة والعشرون على مذبحة صبرا وشاتيلا التي نفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في 16 أيلول 1982، في بيروت واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بالقوات اللبنانية الجناح العسكري لحزب الكتائب اللبناني في حينها والجيش الإسرائيلي.

وقد أحيا العالم أجمع وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية الذكرى العاشرة لضحايا الهجوم الذي حصل في 11 أيلول/سبتمبرـ2000 فيما سيحيي الفلسطينيون والعرب وحدهم الذكرى التاسعة والعشرين في 16 أيلول لمجزرة صبرا وشاتيلا في أجواء بالغة الحزن والكآبة، وربما ما يزيد من هذا الحزن والقهر هو أن ذكرى هذه الأخيرة تجيء ومازال القتلى يتبخترون منتشين بفعلتهم النكراء دونما أي مساءلة أو محاسبة أو استيقاف، لا بل أنهم مازالوا يمارسون أفظع الجرائم والانتهاكات اليومية بحق الفلسطينيين على أرضهم الفلسطينية، بعد أن طاردوهم بالقتل والتعذيب في مخيمات اللجوء، دون أن ننسى أن أداة التنفيذ ورأس الحربة وبكل أسف كانت أياد عربية لبنانية، فيما يأتي العام العاشر على ضحايا هجوم سبتمر/11 كما يُسمى، وقد غاب عن المشهد زعيم القاعدة أسامة بن لادن المتهم الأول في تنفيذ هذا الهجوم، بعد مطاردات حثيثة دامت عشر سنوات، دفع العالم أجمع ثمنها بعد أن تغيرت على أثرها كل المفاهيم الدولية، وحكمت الولايات المتحدة العالم بقانون "إما معنا أو مع الإرهاب" وهي جملة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن الشهيرة الذي تولى قيادة البحث عن الفاعل، فعاث فساداً في الأرض، ودفع العرب والمسلمون خاصة في العراق وأفغانستان ثمن هؤلاء الضحايا قبل الوصول إلى بن لادن الذي قتلته القوات الأمريكية في منزله في باكستان في الثاني من أيار الماضي وألقت بجثته في البحر.

وعندما نعود إلى التاريخ لاستعراض ما حدث في مخيم صبرا وشاتيلا في الأيام الثلاث المشؤومة بدءاً من 16 أيلول بتفاصيلها الصادمة والتي يدنى لها الجبين، نجد أن ما حدث هناك لا يمكن وصفه بأقل من جرائم الحرب الممنهجة والتي خطط لتنفيذها على كل الفلسطينيين في المخيم دون استثناء لأطفال أو رضع أو حتى أجنة، ولا نساء أو أمهات أو شيوخ أو شباب، ذنبهم الوحيد أنهم كانوا فلسطينيين، فكانوا بذلك ضحية أبشع مجزرة في العصر، ومثلت بهم أبشع ألوان العذاب والجرائم اللا إنسانية والتي تتنافى مع كل القيم الأخلاقية، بل ومع الضمير الإنساني الحي والعقل البشري الذي لا يحتمل فكرة تنفيذ تلك الجرائم وبالصورة الوحشية التي نُفذت بها، من قبل بشر عاديين بل هم وحوش في صورة بشر، فكانت الجريمة التي شكلت وصمة عار في جبين المجتمع الدولي الذي لم يستطع أن يحاسب الفاعلين، الذين تجاوزا كل الأعراف والمواثيق والمبادئ الدولية والمعاهدات التي تقضي بحماية المدنيين في أوقات النزاع.

لكن من للفلسطينيين الأبرياء آنذاك؟ الذين مورست بحقهم أسوء الأعمال الانتقامية والإبادة الجماعية مخلفةً آلاف القتلى في المخيم ومن بينهم لبنانين أيضا ًحيث تتراوح التقديرات ما يقارب ال3000 قتيل أو يزيد من المدنيين العزل من السلاح، حتى أن أحد المنفذين قال في إحدى اللقاءات الصحفية إنه"إذا فتح مترو في بيروت قد تعلمون العدد الحقيقي للقتلى"، فالجيش الإسرائيلي قام بالهدم والتجريف في المخيم محاولا ًعبثاً إخفاء فعلته المشينة، ففي ذلك الوقت كان المخيم مطوقاً بالكامل من قبل الجيش الإسرائيلي الذي كان تحت قيادة ارئيل شارون ورافائيل أيتان أما قيادة القوات المنفذة فكانت تحت إمرة المدعو إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ.

والحقيقة أن المقارنة بين ضحايا الحادثين، تكشف عن مدى زيف العدالة الدولية التي تقضي بمحاسبة مجرمي الحرب، فحين يدفع العالم ثمن ضحايا اعتداء 11/9، وتقوم الولايات الأمريكية المتحدة بدور المحاسب والقاضي والجلاد في ذات الوقت وتقرر هي وحدها من يستحق العقاب، وتنطلق لأخذ ثأرها بأيديها فتنشئ معتقل "غوانتنامو" لكل من تشك في "إرهابيته"، وتشن الحرب على أفغانستان والعراق وتدمر دول وتتسبب في قتل آلاف الأبرياء، ولا تكل ولا تمل وتقيم الدنيا وتقعدها على مدى العشر سنوات الماضية حتى تجد ضالتها "بن لادن"، ويتوجب على الجميع أن يتعاون معها وإلا "كان مع الإرهاب".

فيما تنقضي هذه الأيام تسعة وعشرون عاماً على واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ على الإطلاق، ولم يجرؤ أحد على معاقبة المجرمين خلال ما يقارب الثلاثة عقود من الزمن، وهاهي إسرائيل حرة طليقة تمارس جرائمها يومياً، وهي التي انتهجت القتل والتمثيل بالفلسطينيين، وإرهابهم بالمجازر والمذابح منذ ما يزيد عن نصف قرن، مسطرة سجلها الأسود الذي كتبته بالدم والحديد والنار.

هذا هو عالمنا وهذه هي سياسة الكيل بمكيالين، ومع التأكيد أننا لا نقلل من مأساة ضحايا اعتداء سبتمبر إلا أننا نطالب أن يُنظر لمأساتنا بالمثل، فنقول للمجتمع الدولي وللمحتل الإسرائيلي أن جرائمهم لن تسقط بالتقادم، ولن يشفي غليل أهالي الضحايا سوى القصاص من القتلى، المنتمين للكيان الإسرائيلي الذي مازال يمارس القتل والترهيب كل يوم، وحتى ذلك الحين لنا موعد مع العدالة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required