مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

في خطوة طال انتظارها طالبت الحكومة الفلسطينية برئاسة د.سلام فياض الاثنين الماضي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعليق العمل بالمواد المتعلقة بالعذر المحل والمخفف في قانوني العقوبات السارية في شطري الوطن بشأن الجرائم الواقعة على خلفية ما يسمى "بشرف العائلة"، وإرجاعها إلى الأصل العام، واعتبارها جريمة قتل عادية، لأنه لا يجوز أخذ القانون باليد ولا القتل على شبهة، والأخذ بمبدأ المساواة والعدالة في الجريمة ليتوافق والقانون الأساسي الفلسطيني ووثيقة الاستقلال الفلسطينية والتزام السلطة الوطنية الفلسطينية بالمواثيق والمعاهدات الدولية خاصة ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والتي تمت المصادقة عليها من قبل الرئيس الفلسطيني.

ومما لاشك فيه أن هذه المبادرة جاءت ثمرةً لسنوات طويلة من عمل المؤسسات النسوية والحقوقية، التي لطالما أعلنت رفضها للأحكام المتساهلة مع القاتل والظالمة والمتجاهلة للضحية وحقها، حيث دعت في كل المحافل والمناسبات لتغيير مثل هذه القوانين المجحفة والتي تشكل واحداً من أشكال التمييز ضد المرأة، كما أكدت على ذلك بيسان أبو رقطي- مديرة برنامج الديمقراطية والحكم الصالح في مفتاح، قائلة: ""هناك حاجة ملحة لتعديل القانون، خاصة في هذه المرحلة والتي ندق فيها ناقوس الخطر بسبب الأعداد المتزايدة لقتل النساء على خلفية ما يسمى "بالشرف"، لذا فهذه خطوة هامة وإن كانت متأخرة، حيث كانت تؤجل دائماً بسبب الأوضاع السياسية وتعطل المجلس التشريعي، والمخرج الوحيد في هذه المرحلة لمؤسسات المجتمع المدني هو العمل بشكل منفرد على المادتين 340و 62 واللتان تتعاملان بالعذر المخفف من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960، من خلال حملات الضغط والتأثير لانتهاز أي فرصة من أجل تحقيق مطلب تعديل قانون العقوبات، وإذا ما تحقق ذلك فستكون لنا الأسبقية على مستوى الوطن العربي في هذا الموضوع".

فيما قالت المحامية سناء عرنكي: "إن في هذه الخطوة حماية للنساء ومعاقبة للمجرمين وتحقيق رادع قانوني للمجتمع، ورغم سعادتي بمثل هذه المطالبة إلا أننا لسنا بالضرورة أن نكون متفائلين فتطبيق هذا القرار بحاجة لكثير من المراحل، والمهم الآن هو أن تدخل هذه المطالبة حيز التنفيذ وأن لا تكون مجرد خبر تم تناقله إعلامياً"، كما دعت بدورها أُهيلة شومر – من مركز سوا كل النساء معاً اليوم وغداً، إلى ضرورة العمل على الآليات للدفع باتجاه تطبيق القرار، والعمل إعلامياً على التوعية بأهمية الموضوع وضرورته.

وتشير الإحصاءات حسب ماأفادت به مؤسسات حقوقية فلسطينية أن سبع نساء قٌتلن في الأراضي الفلسطينية في الشهر الأول من العام 2010 في إطار "قضايا الشرف", وهو عدد كبير جداً إذا قورن بحصيلة العام 2009 التي بلغت 13 ضحية على مدار العام، حسب التقرير السنوي الذي أصدره منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة.

وانطلاقاً من ذلك كان لابد من المطالبة بقوانين أكثر عدالة، وبتجريم عملية القتل بعيداً عن أي مبررات مخففة غير مقبولة، ومحاكمة كل من يطبقون القانون بأيديهم، احتكاماً للعادات والأعراف المجتمعية الرجعية، فالأرقام التي تطالعنا كل شهر للفتيات المقتولات بأيد أقرب الناس لهن، على خلفية ما يسمى "بالدفاع عن شرف العائلة"، تعلن الوصول إلى انزلاق المجتمع نحو منحدر خطر، يتطلب من الجميع العمل لوقف هذا القتل الجنوني وجعله أولى الأولويات التي يجب العمل عليها، وإلا فكم من الضحايا يجب أن ندفع ثمناً قبل أن تتغير القوانين وقبل أن يُفعّل المجلس التشريعي للمصادقة عليها، ويحاكم القتلى على جرائمهم بالقانون العادل والرادع، وليس بالعذر المحل الذي يعطي بشكل أو بآخر مبرراً وتأييداً مبطناً لهذا القتل، بل وفي إطلاق سراح الجاني دون محاكمة أو عقاب تصريح مفتوح لكل من تساوره الشكوك وتسول له نفسه بقتل فتاة سواءً أكانت بريئة أو مخطئة، وهذا ليس دفاعاً عن الخطأ، وإنما هو دعوى للاحتكام للقانون فحتى وإن كانت الفتاة مخطئة- وهي في الغالب تثبت براءتها بعد القتل- فمن له الحق بإعدامها، دون محاكمة عادلة تدافع من خلالها عن نفسها.

والغريب عندما تقابل محاولات تغيير هذا القانون، بمبررات واهية من قبل المسؤولين أنفسهم، من قبيل: أن تشديد العقوبة على القاتل، مدعاة لانحلال المجتمع بانحلال فتياته!!!. ألا يكون قتل النساء جزافاً، بقرار فردي، إجراماً وانحلالاً للمجتمع؟

وإن إبقاء الوضع على ما هو عليه بخصوص القانون، بحجة أن الأولوية لقضايا أكثر أهمية، أو بحجة الوضع السياسي والانقسام الداخلي وغيرها، ما هي إلا مبررات وحجج واهية يراد بها التلكؤ والمماطلة وإبقاء الحال على ما هو عليه، فإن كان علينا انتظار زوال الاحتلال وانفراج الأزمة السياسية الداخلية لحل كل القضايا العالقة، فسننتظر كثيراً وإلى أجل غير مسمى، ستُزهق في حينها الكثير من الأرواح التي لن ينتظر سالبوها، لذا يتوجب العمل على مختلف الأصعدة وعلى القضايا المجتمعية والتنموية والسياسية بالتوازي، وإلا فلن نجد مجتمعاً صالحاً لينعم بالحرية المنشودة، ومن ثم سيحتاجنا الأمر وقتاً مضاعفاً لتحقيق ذلك.

لذا يتوجب علينا العمل جميعاً أفراداً ومؤسسات نسوية وحقوقية وإعلامية ورسمية وأطر وأحزاب سياسية، من أجل الدفع بكل الآليات والسبل المتاحة حتى تتم المصادقة على قرار تعديل القانون، ويدخل حيز التنفيذ حقناً لدماء النساء، ورفعاً للظلم الواقع عليهن فعوضاً عن كون المرأة الفلسطينية الضحية الأولى، للفقر والجهل والاحتلال الإسرائيلي، فهي أيضاً الضحية الأولى للتخلف والعنف المجتمعي، فلعل وعسى أن تتغير المفاهيم المجتمعية الخاطئة، والتي دفعت النساء ومازلن يدفعن أرواحهن ثمناً لها، فمتى يكتفي المجتمع من دم المرأة مقابل شرفه المزعوم؟ وهل لنا أن نحلم بتغيير قريب؟ وهل من الممكن أن يكون الثامن من آذار/مارس (المقبل)- يوم المرأة- موعداً لإلغاء العذر المخفف، وإنصاف النساء ؟!.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required