مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

62 عاماً مضت على ذكرى النكبة الفلسطينية التي تصادف ال15 من شهر أيار مايو الجاري، 62 عاماً مضت ونكبتنا مستمرة، وجروح أجدادنا وجداتنا لم تندمل بعد، ففي كل مناسبة تعود جدتي لتروي لنا قصص المجازر والتشريد التي طُبعت في ذاكرتها منذ كانت ابنة السبعة أعوام، ترويها وكأنها تراها ماثلة تمر أمام عينيها الغائرتين بين خطوط الزمن التي تركها على وجهها المبيض، تذكر الأشخاص بأسمائهم وتقص قصصاً تقشعر لها الأبدان، ثم تستدرج مطردة بسرد التاريخ منذ ذلك الحين وحتى اللحظة، دون أن تغفل حقيقة واحدة من حقائق القضية الفلسطينية، وجدتي ما تنطق عن الهوا، بل فبالإضافة إلى تجربتها ومعايشتها لحدث النكبة، فهي تستشهد بمجموعة من الكتب التاريخية والسياسية، ناهيك عن متابعتها الدائمة للأخبار، ما يجعلها أصوب وأدق من أحنك المحللين السياسيين.

ثم تعود وستذكر السور الذي كان يلف منزلهم، وبيارات البرتقال التي كانت تملئ الساحل، ولا يخلو الحديث عن من باعنا لمن، ومن خاننا، وعن لوم أنفسنا ولوم العرب والإنجليز، إلى أن تصل إلى تاريخ اليوم، مشيرة إلى أن هذه هي القصة ذاتها القديمة الحديثة، وأن التاريخ ما انفك يعيد نفسه.

62 عاماً مرت على تشريد ما يزيد عن 800 ألف فلسطيني بريء، بالإضافة إلى تشريد 350 ألف آخرين بفعل حرب عام 1967، وسيطرت العصابات الصهيونية خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، حيث قامت بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية وارتكاب ما يزيد عن 70 مذبحة، وقتل 15 ألف مواطن فلسطيني ومصادرة 17 مليون دونم من الأراضي الفلسطينية،.- حسب الإحصاء الفلسطيني-، في أكبر حملة تطهير عرقي شهدتها الإنسانية.

62 عاماً صدأت المفاتيح ولم تصدأ القلوب، ولم يصدأ الحلم بالعودة، 62 عاماً مازال أجدادنا يحملون القهر ذاته، ويتجرعون الأسى الذي أخرجهم من منازلهم وشردهم في بقاع البسيطة، فيما يحمل أبناءهم وأحفادهم هذا الألم، لكن السؤال: هل سيبقى يُحمل للأجيال القادمة بذات النفس؟.

العودة حق يأبى النسيان، وسنظل صابرين على الظلم...حتى يمل الصبر من صبرنا، وأنى لنا أن ننسى، ومازالت نكبتنا مستمرة، نكبة تلو الأخرى، فبالأمس فقط أعلن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "يتسحاق اهارونفيتش" أنه سيباشر بهدم البيوت غير المرخصة في القدس خلال الأيام القادمة، وهو الأمر الذي جُمد لإعطاء فرصة للمفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي باشرت بها الإدارة الأمريكية ومبعوثها الخاص لمنطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل، والتي كانت تهدف إلى تجديد المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وقد أكد اهارونفيتش" أنه لا يوجد أي مانع أن تباشر عناصر الشرطة الإسرائيلية اليوم صباحاً بهدم البيوت "غير المرخصة".

واليوم أيضا ًخرج نتياهو هو الآخر ليعلن أنه لا يوجد شعب له ارتباط بمدينة القدس مثل الشعب اليهودي، وان إسرائيل ستحافظ على القدس كعاصمة لدولتها، وتبعه وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ليؤكد أن القدس غير مشمولة في قرار الحكومة الإسرائيلية بتجميد البناء، وأن عمليات البناء داخل مدينة القدس سوف تستمر كالمعتاد، فالأمس أعلنت هيئة المقدسات الإسلامية المسيحية عن عزم دولة الاحتلال بناء 12 ألف وحدة سكنية على أراضي الولجة جنوب غرب القدس.

فأي شك هذا الذي يساورنا بعد، بأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ما هي إلا أوجه لعملة واحدة، وهو ذاته الوجه المغتصب، وجه الدولة التي قامت على أنقاض منازل الأبرياء ودمائهم وما حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة إلا وجه آخر لدولة العنصرية والإرهاب، الدولة التي تحمي مستوطنيها المتطرفين في اقتحامهم للمسجد الأقصى، وتنظيمهم لمسيرة استفزازية قيدت حركة المواطنين المقدسيين ونصبت لهم الحواجز في البلدة القديمة من القدس في اليومين الماضيين احتفالاً بما يسمى "توحيد شطري القدس".

ولم نفق بعد من صدمة مخطط الترحيل والقرار العسكري 1625 القاضي بترحيل الفلسطينيين، وتعزيز الفصل بين سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، هذه هي نكبتنا المستمرة، نكبتنا التي لم تغادرنا، بل تأبى دولة الاحتلال إلا أن تحيي ذكراها فينا، وهي التي لا تتوانى عن هدم منازل الفلسطينيين يومياً وطردهم من أراضيهم ومصادرتها، بل والاستيلاء على مساكنهم لصالح المستوطنين، وهي التي لا تنفك تقضم ما استطاعت من الأرض لتبني المستوطنات وجدار الضم والتوسع، وتهود القدس، وتصادر هويات المقدسيين، فالربما حري بنا القول: 62 عاماً من النكبة، وليس 62 عاماً على النكبة؟، فالنكبة مستمرة مازال انقسامنا مستمر، وما زلنا لا نملك خيارا ً سوى الذهاب لمفاوضات بمسماها الجديد-غير مباشرة-، ولا أعلم كيف أُقنعنا بالذهاب إليها مع علمنا أن العقلية الصهيونية لن تتنازل عن مخططاتها بالسيطرة على كامل أرض فلسطين، وتهويدها، وغيرها من الاعتداءات والممارسات الاحتلالية.

هذه هي نكبتنا اليومية التي نقارعها مع المحتل، لكن ورغم كل ذلك لن نتنازل عن حق العودة، ولا يحق لأحد مهما كان التنازل، فهو حق لن تغيبه جدران النسيان، بل وكفلته الحقوق الدولية بما فيها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، الذي أكد على كل من حق العودة واستعادة الممتلكات والتعويض.... وإلى ذلك الحين لنا موعد في بيارات فلسطين...وإن طالت بنا السنين.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required