مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

من بين كل الجرائم والانتهاكات الإنسانية التي أعتدنا عليها من قبل احتلال فريد من نوعه كالاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الجريمةالتي وقعت في جنح الليلة الماضية فاقت حتى أسوء تخيلاتنا، فالمسألة هذه المرة ليست متعلقة بالاعتداء على الفلسطينيين الذين بدؤوا يعتادون ويدركون عقلية الاحتلال. لكنهم لم يدركوا بعد أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة وصلت إلى أقصى درجات العربدة والغطرسة، بل ومن البلادة بمكان بحيث لم تعد تقيم وزناً لا للرأي العام الدولي، ولا لأكثر من 40 دولة كان مواطنيها على متن أسطول الحرية الذي أنزلت عليه فرق من "الكوماندوز" أو الفرق البحرية الخاصة عبر المروحيات وفي المياه الدولية، وهاجمت من عليها بالذخيرة الحية والقنابل المسيلة للدموع، وقتلت ما يزيد عن 16 متضامن عربي وأجنبي وأكثر من 60 جريح بينهم الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلاميةالشمالية في الداخل.

السفن الستة التي تحركت عصر أمس من المياه الدولية في قبرص، وعلى متنها 750 متضامن بينهم 44 شخصية رسمية وبرلمانية وسياسية أوروبية وعربية، من ضمنهم عشرة نواب جزائريين، محملة ب10 آلاف طن من المعونات الإنسانية والغذاء والدواء لمليون ونصف المليون إنسان محاصرين منذ أكثر من ألف يوم.

كما على متن السفن 36 صحافيا من 21 وكالة ووسيلة إعلام من أنحاء العالم، ومن "عرب 48" يشارك رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية محمد زيدان، ورئيس الحركة الإسلامية الشمالية الشيخ رائد صلاح، ورئيس الحركة الإسلامية الجنوبية الشيخ حماد أبو دعابس، والنائبة في الكنيست حنين زعبي من التجمع الوطني الديمقراطي التي تتعرض لحملة تحريض والمطالبة باعتقالها وسحب جواز سفرها الدبلوماسي.

وتحمل سفن الأسطول مساعدات طبية ومواد بناء وأخشاب، و100 منزل جاهز لمساعدة عشرات آلاف السكان الذين فقدوا منازلهم في العدوان الإسرائيلي العام الماضي على غزة، كما يحمل معه 500 عربة كهربائية للمعاقين حركياً.

وزارة الخارجية الإسرائيلية حاولت جاهدة عقب تورطها وعقب المأزق الذي وضعت نفسها فيه، وكالعادة تبرير موقفها، بأسلوبها المعتاد وهو أن "أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم"، وبالتالي فإن المتضامنين على متن السفن هم من بادروا بالهجوم بعد المحاولات الإسرائيلية لإقناعهم بالذهاب إلى ميناء أسدود، وبالتالي فإن رفض المتضامنون لذلك، يُعد في نظر إسرائيل أعمالاً استفزازية تعرض حياة مواطنيها للخطر وتفتح المجال أمام تهريب الأسلحة وغيرها، رغم إيضاح المتضامنين أنهم عزل ولا يحملون أية أسلحة، وجل ما يحملوه هو معونات طبية وغذائية لأهالي القطاع الذين يعيشون تحت حصار خانق، أزهق أرواح مئات المرضى الذين لم يتمكنوا من السفر لتلقي العلاج أو لانعدامه بسبب الإغلاق، حصار تصفه دولة الاحتلال بأنه "قانوني" وأنه جاء لوقف الإرهاب.

إذن فالحصار أصلاً من وجه نظر إسرائيل قانوني أي أنها وبحكم القانون يحق لها عقاب أكثر من مليون ونصف المليون إنسان، فهي تعتبر نفسها كياناً فوق القانون الدولي، وأن قانونها هو الذي يسري على الجميع.

وقد كان واضحاً منذ بدء انطلاق أسطول الحرية، المحاولات الإسرائيلية الحثيثة لاعتراضها بأي ثمن ممكن سواء بالتهديد والترهيب، أو من خلال التشويش على كافة اتصالاتهم، واستفزازهم بالبوارج البحرية، أو حتى إن كان الثمن هو سفك الدماء، وبالتالي فلا يمكننا تصديق الرواية القائلة أنه لم يكن هناك وجود لتعليمات عسكرية عليا بإطلاق النار.

هذا هو ثمن المطالبة بحرية أهالي القطاع من قبل من جاؤوا من كل أصقاع الأرض تاركين أهلهم ومنازلهم وأعمالهم بدوافع إنسانية وسلمية بحته لأهالي القطاع الذين باتت تجمعهم بهم الآن دماءهم المراقة بسبب عدو واحد، وهذه هي طريقة إسرائيل الوحيدة في حل الأمور "العربدة والقرصنة والاستفراد بالمدنين"، فجيشه في مواجهة المدنين العزل، ليثبتوا للجميع أن لا أحد بمقدوره فك الحصار، دون موافقتهم فهي وحدها من تحدد ذلك، وهي بهذا تبعث برسالة لترهب كل من تسول له نفسه بالمشاركة بمثل هذه المبادرات للقدوم إلى غزة.

أما آن للعالم أن يدرك حقيقة هذا الكيان المجرم الفاشي الذي يدعي التمدن والديمقراطية، أم ستنطلي عليه كل الأكاذيب والمبررات التي لفقها للخروج من الجريمة التي أرادها، وفي كل الأحوال فإن تداعيات هذا الاعتداء باتت واضحة على الأرض، فالسلطة الفلسطينية تدرس اليوم كافة الخيارات المطروحة من بينها وقف المفاوضات غير المباشرة، وقد انطلقت المظاهرات في كل العالم وخاصة في تركيا وأمام السفارة الإسرائيلية بعد الحديث عن أن 9 من بين الضحايا أتراك، وبالتالي فردود الفعل متتالية ومتسارعة في الساعات القادمة، لكن الأهم من ذلك، أن تصب في اتخاذ مواقف حازمة بشأن ضرورة محاكمة إسرائيل ومساءلتها على جرائمها، ولا أن تنفذ بجريمتها هذه المرة كما اعتادت دائماً، خاصة أن الاعتداء هذه المرة لم يكن موجها ًضد الفلسطينيين فحسب بل ضد أكثر من 40 دولة، فهل سيصمت الجميع على ذلك!!؟؟.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required