مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

رغم كونه محركاً فاعلاً وركناً أساسياً وأداة ضرورية في مسلسل الانقسام المستمر، إلا أن الإعلام اليوم تحول إلى ضحية جديدة تضاف إلى ضحايا الانقسام بين شطري الوطن، الذي يفرضه واقع الصراع بين حركتي فتح وحماس في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد أن أُعلن بالأمس عن قرار منع الحكومة المقالة في قطاع غزة دخول الصحف الفلسطينية اليومية الثلاث(القدس، والأيام، والحياة الجديدة) إلى غزة.

وكانت نقابة الصحفيين قد استنكرت القرار في بيان صادر عنها وقالت "إن قراراً من هذا القبيل يضيف أبعاداً انقسامية جديدة ويمنع تواصل أبناء شعبنا ويكرس واقعاً مؤلماً في النسيج الاجتماعي الفلسطيني"، داعية المسؤولين في حماس والحكومة المقالة إلى العدول عن القرار وعدم اشتراط الحصول على إذن من أي جهة كانت لدخول الصحف وحركة موزعيها ووصولها إلى أبناء القطاع المحاصر.

ورغم ما تناقلته وسائل الإعلام حول هذا الموضوع إلا أن الحكومة المقالة في غزة نفت أن يكون قد صدر عنها مثل هذا القرار، مؤكدة -كما أوردت صحيفة القدس- اليوم على أنها لم تُبلّغ من أي جهة بقرار الاحتلال فك حظر دخول الصحف الفلسطينية المحلية التي كانت ممنوعة من دخول القطاع منذ عامين تقريباً، محذرة في تصريح صحفي من حيل الاحتلال الذي يصدر قرارات شكلية لخداع العالم بأنه رفع الحصار عن غزة، ومشيرة في ذات الوقت أنها تدعم دخول صحف الضفة لغزة وصحف غزة للضفة وذلك "تأكيداً على حرية الإعلام ووحدة الوطن" وأضافت "لتكن حرية الطباعة وتوزيع كل الصحف الفلسطينية في الضفة وغزة فاتحة خير لخلق أجواء المصالحة".

وهذه ليست المرة الأولى -مع أملنا أن تكون الأخيرة-، التي يُستهدف فيها الإعلام وتتحمل حرية التعبير عن الرأي تبعات ووزر الحزبية والفئوية الضيقة، فمع الانقلاب الذي قامت به حركة حماس في غزة قبل نحو ما يزيد عن ثلاث سنوات، أٌغلق كل ما له علاقة بهيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني العامل في غزة على اعتباره مؤسسة ناطق باسم "فتح" وليس إعلاماً رسمياً، وبالتالي مُنع موظفي الهيئة هناك من ممارسة عملهم بحرية وأمان، ولاحقاً لذلك مُنعت صحيفة الأيام الفلسطينية من دخول غزة ولأشهر طويلة، في المقابل فقد مُنعت صحيفة الرسالة من العمل والتوزيع في الضفة الغربية، وكذلك مُنعت لاحقاً صحيفة فلسطين الناطقة باسم الحكومة المقالة من التوزيع أو حتى الوصول إلى الضفة الغربية، وفيما لو كان قرار منع دخول الصحف الفلسطينية الثلاث صحيحاً، -وذلك ليس مستبعداً- تبعاً للمعطيات الآنفة الذكر في ظل الحرب الإعلامية بين طرفي الصراع فتح وحماس، فإن هذا يدخلنا إلى فصل جديد من فصول الانقسام والشرذمة التي وصلت حد تكميم الأفواه، وحرية التعبير عن الرأي، بل حتى أنها تجاوزت الأمر بانتهاكها للحرية الفردية بفرضها على كل من هم تحت إمرتها بما يجب وما لا يجب أن يسمعوه أو يقرؤه من الرأي الآخر، وهذا وبمنتهى الأسى سيعيدنا إلى سنين وعقود خلت من الرجعية والتخلف، بعد أن كانت غمامة العصبية والجاهلية قد كانت على وشك أن تضمحل شيئاً فشيئاً.

والجدير ذكره أن مثل هذه القرارات في شطري الوطن على السواء، ما هي إلا صورة حقيقة لمستوى الحرب الإعلامية الحزبية المتفشية لدينا والتي تشكل ركناً أساسياً في حالة الاحتقان بين الطرفين، بل وتحويل وسائل الإعلام بمختلفها المقروءة والمسموعة إلى بوق ناطق باسم هذا الفصيل ورغباته أو ذاك، مغرقة إيانا أكثر فأكثر في مستنقع الإعلام الحزبي، الذي وكما هو معروف، متى ما دخلت الحزبية على الإعلام من الباب، خرجت المهنية والموضوعية من النافذة، الأمر الذي يسحق جهود سنوات طوال من العمل المضي والجاد للوصول إلى إعلام مهني وموضوعي ومقبول لدى المواطن- على أقل تقدير-.

وكان الأدعى بكلا الطرفين أن ينئيان بالإعلام عن مناكفاتهما وحربهما الحزبية المستعرة على صفحات وشاشات الفضائيات لكن هيهات فهم يدركون تماماً أهمية الإعلام كوسيلة ناجعة ومؤثرة في التغيير والتأثير، وهذا ما يجعله سلاح ذو حدين.

وفي كل الأحوال ما جرى ويجري حالياً-إذا ما صح فعلاً- ما هو إلا دلالة واضحة على سوء النوايا فيما يتعلق بالمصالحة، لكن وفي ذات الوقت على حكومة رام الله وغزة احترام العمل الصحفي والحريات الفردية والعقلية، والتوقف عن ملاحقة الصحفيين والمطبوعات، كما يتوجب على نقابة الصحفيين السهر على الحريات الصحفية، والعمل على تحييدها وعدم زجها في الخلافات السياسية، وهي تتحمل المسؤولية عن ذلك وعن حماية خطابها الإعلامي أيضاً من أي منتفعين سياسيين وغيرهم.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required