مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

مع بدء الحديث عن التوجه لمفاوضات مباشرة وتصاعد المباحثات على الساحة السياسية، تتلاحق الأحداث أيضاً على الساحة الفلسطينية الإسرائيلية على الأرض، ورغم أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين لم تتوقف يوماً، إلا أنها استمرت وبنفس الوتيرة مع إعلان التوجه لإيجاد حل سلمي عادل للطرفين، فإسرائيل لا تريد أن تخسر الوقت لحين تحقيق ذلك، خاصة فيما يتعلق بالاستيلاء على مزيد من أراضي الفلسطينيين، فقد سلمت قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل عدة أيام إخطارات تقدر بالعشرات للبدو الساكنين في منطقة الكسارات شرق عناتا وبمناطق النبي موسى والخان الأحمر، تضمنت هذه الإخطارات قرارات توجبهم بالرحيل من هذه المناطق بمهلة أقصاها شهر حزيران من العام 2011، إن هذا القرار الجائر بحق ما يقارب 600 عائلة تعيش في تلك المناطق منذ أكثر من نصف قرن هو أحد القرارات التي اعتادت إسرائيل على إصدارها بدون مناقشة أو حتى إعطاء مبررات، فلم تكتف بقمع وطرد العديد من السكان العرب بالقدس بالإضافة إلى هدم بيوتهم، بل وصلت إلى حد طرد البدو الذين اعتادوا السكن بمناطقهم.

ويترتب على هذا القرار العديد من النتائج السلبية التي ستطال هؤلاء السكان، والمصير الذي ينتظرهم بعد طردهم وترحيلهم عن أراضيهم ومساكنهم ومصدر عيشهم، وهم بإعداد كبيرة فنحن لا نتحدث عن عائلة أو اثنتين بل نتحدث عن مئات العائلات، التي ستهجر وتتشرد وهي من العائلات التي لا تستطيع تحمل كلفة مساكن جديدة، وهذا تماما ما حدث قبل فترة قصيرة عندما هدمت قوات الاحتلال منازل قرية العراقيب في النقب، ولا شك بأن وراء هذا القرار نوايا خفية، غير ادعائهم بكون تلك الأراضي التي ينون مصادرتها مهمة لأمن إسرائيل، فالسبب الرئيسي وراء هذه الممارسات معروف وهو أن إسرائيل تسعى لمد سيطرتها على جميع الأراضي الفلسطينية فهي تريد أخذ أكبر قدر ممكن من الأراضي ليس فقط في هذه المناطق وإنما في أي مكان تطاله يداها في الضفة الغربية، فنحن نواجه احتلال جشع لا يشبع من قضم ونهب الأراضي فتراه يستولي على مواقع استيراتيجية ومواقع غنية بالثروات الطبيعية أو الأماكن الأثرية التاريخية ولا يعيقه أو حتى يدرج ضمن اهتمامه إذا كان هناك سكان بالمنطقة فهذا أمر سهل وحله يتم بمجرد ورقة مكتوب عليها قرار بالترحيل!!.

ولكن السؤال هو من يقف بجانب هؤلاء الأبرياء، وهل من الممكن ردع هذا القرار الجائر الذي يتكرر كل فترة بحق أناس جدد، فالخلافات الداخلية الفلسطينية أعمت الكل عن هذه الأمور، فتصدر المصالح والأجندات الحزبية الساحة الفلسطينية، بينما تقوم إسرائيل وتحت هذا الغطاء باستغلال الوضع كلياً لصالحها فتواصل أعمالها الاحتلالية الاستيطانية من هدم للبيوت وترحيل للسكان وتجريف الأراضي وإكمال بناء جدار الفصل العنصري الذي صادر ما مساحته 165000 دونماً من أراضي الضفة الغربية، بالإضافة إلى بناء المستوطنات وزيادة وحداتها السكانية التي تنغص عيش الفلسطينيين، وتخطف أي أمل من عيونهم بحياة هادئة آمنة.

ولم يتوقف الأمر عند هذا فحسب، بل وتجبر سلطات الاحتلال الإسرائيلي المقدسيين على هدم بيوتهم بأنفسهم، "فإما أن تهدم بيتك بيدك، أو تهدمه بلدية الاحتلال على نفقتك"، وهذا القرار الذي صدر بحق أهل القدس قبل عدة أيام من المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تقضي للوصل إلى سلام دائم، فلم يكفهم ترحيل السكان وهدم بيوتهم لا بل يطلبون منهم أن يهدموها بأنفسهم، ألا يدركون أنهم يطالبونهم بهدم حياتهم بأيديهم !! وإذا لم يهدموها بأيديهم يجب أن يدفعوا تكلفتها، تكلفة تهجيرهم وتحطيمهم لكل ما يملكونه، ألا يكفي أنهم سيصبحون مشردين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء!، أهذه هي نواياهم السلام!!.

والمستفز فيما سبق أن كل هذه الممارسات التي يقوم بها الاحتلال لا تعتبر بالنسبة له ضمن الأسباب التي ستؤدي إلى فشل المفاوضات فهذه أمور يعتبرها أساسية ومن حقه وتخدم أمنه، وما عملية إطلاق النار وقتل المستوطنين الأربعة في الخليل قبل يومين إلا رد فعل متوقع على الانتهاكات الإسرائيلية اليومية، لكنها في المقابل اندرجت في نظر العالم أجمع ضمن سوء النوايا الفلسطينية، فإلى متى سيستمر العالم في رؤية ما يريده فقط، وإذا كان لا بد من التزام للتوصل إلى عملية سلام فيجب على إسرائيل أن تتوقف عن أفعالها المشينة، ألا يكفي ادعائها بوقف البناء في المستوطنات لتظهر أنها مهتمة بالسلام وبأنها مستعدة له، وها نحن ومنذ سنين نتعرض للذل والتفتيش على الحواجز والمعابر ونعاني من قلة المياه والكهرباء ومن الجوع والفقر الذي نعيشه، ولا زال أسرانا في السجون قابعون وما زالت بيوتنا تهدم وشعبنا يرحل ولاجئونا مشردون ولازال الإسرائيليون يظهرون على أنهم دعاة سلام، فكيف ستقنع شعباً بالسلام وأنت لا تظهر له إلا المدافع والرشاشات وتضيف الخوف والرعب إلى حياته كل يوم !

لا شيء من هذه الأمور سيتوقف إذا ما استمررنا بخلافاتنا الداخلية وانقسام وطننا إلى اثنين، ونسينا عدونا الأساسي والأكبر، ولنأمل أن تحاول القيادة الفلسطينية أن تعيد أو على الأقل أن تحافظ على ما تبقى من الأرض، سواء بمفاوضات –شرط أن لا نخسر فيها أكثر مما خسرنا- أو غيرها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required