مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

ها قد هلت بشائر النتائج وأتى موسم احتفالات التوجيهي. فبعد الجهد والتعب المبذول في سبيل تحقيق النجاح في أهم مرحلة تعليمية عندنا، يستحق الناجح أن يفرح بثمرة جهده. ولكن قد تكون هذه الفرحة قاتلة لنفسها، حيث يستخدم الكثير من الناس الوسائل الخطرة للتعبير عن هذه الفرحة كالمفرقعات النارية وإطلاق الرصاص في الهواء. ولكن متى سنعي، نحن الشعب المتعلم والمتحضر، أن علينا الكف عن إطلاق العنان المفرط لمشاعرنا لحد أن نطلق النار في الهواء تعبيرا عن فرحنا؟ ومتى سنأخذ بعين الاعتبار الجانب السلبي، وقد يكون الوحيد، لاستخدام هذه الأعيرة والمفرقعات النارية قبل أن نفكر في أنفسنا وكيفية إشهار فرحتنا؟

مع كل موسم احتفالي كالأعراس والأعياد والتوجيهي والفوز بمباريات وغيرها من المناسبات التي تدخل السرور والحماسة على قلوبنا، يكثر الطلب على المفرقعات النارية ويصبح إطلاقها في الهواء المعبّر الأكبر عن هذه الفرح، بحيث يكون أول طلب على قائمة المتطلبات "المفرقعات النارية،" فربما ألوانها في الهواء الطلق هي التي ستبهجنا أو ربما صوتها المدوي سيزيد بهجتنا ويضع لها عنوانا! ولا يقف الأمر هنا، بل يتجاوز إلى حد إطلاق الأعيرة النارية في الهواء كإعلان واضح وصريح عن "وجود فرح في بيتنا."

ولكن ما نلحظه هو أن لهذه الوسائل جانب سلبي جراء الخطر الذي يحيط باستخدامها. وفي بعض الأحيان، يكون استخدام هذه الوسائل هو نهاية لأفراح ذلك البيت، وبالتالي تكون قد كتبت الألم والحسرة للقلوب التي كانت فلاحة، كالطالبة فاطمة المصدر من قطاع غزة، 18 عاما، التي قتلت بسلاح شقيقها الفرح بنتيجتها في التوجيهي وتفوقها وحصولها على معدل 95.2%. وبذلك قد يخطئ هذا العيار الناري المطلق في الهواء ويضل طريقه ليصيب كائن حي وينهي حياته.

وقد يكون أثر المفرقعات النارية كبيرا جدا أيضا. فقد سببت الحروق للكثير وخصوصا من الأطفال الذين بإمكانهم أن يشترونها من أي محل تجاري في أحيائهم. فهم بالطبع لا يعرفون مخاطر هذه المفرقعات ولا يحسنون استخدامها وبذلك يكون من السهل تعرضهم لإصابة ولحرق بسببها. وحتى الكبار ممكن أن يتأذوا من هذه المفرقعات، فهي أيضا عبارة عن نار ممكن أن تصيب أعين المتفرجين عليها بحروق. فبالطبع كل ما يُطلق في الهواء لا يبقى في الهواء، بل يرجع لحضن الأرض، وعلى الأرض هؤلاء الناس الذين من الممكن أن تتلقى أجسامهم شظايا المفرقعات النارية.

ومن ناحية أخرى، لماذا لا ندرك الجانب الإنساني قبل أن نستخدم الأعيرة النارية والمفرقعات؟ فمظاهر الاحتفال هذه تأخذ في معظم الأحيان ساعات طويلة قد تمتد إلى ما بعد منتصف الليل. فباستطاعة المحتفلين أن يأخذوا إجازات من أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم ليقضوا يوم استراحة في بيوتهم. ولكن ليس باستطاعة كل الجيران أن يقوموا بالمثل. فما ذنب ذلك الطفل الصغير الذي لا يمكنه النوم من الإزعاج؟ وما ذنب كل الموظفين والعاملين والطلاب الذين عليهم التوجه لأعمالهم ومدارسهم باكرا في اليوم الأخر؛ من أن يأخذوا قسطهم المشروع من الراحة؟ وما ذنب كبار السن والغافلين والذين قد ينتفضوا جزعا من دوي طلقة جاءت على حين غفلة؟

تتراوح آثار المفرقعات النارية والأعيرة من الإزعاج، للتسبب بالحروق والإصابات ولحد التسبب بالموت في أحيان أخرى، وتبقى هذه الآثار غير محدودة وغير مغتفرة. فبالطبع، الحد منها وحظر استخدامها لا يعني الحد من الفرح وعدم السماح للناس بان يفرحوا ويستمتعوا بمناسباتهم، ولكن ليفرح كل منا على قياسه، ولتبقى فرحتنا عنوانها أن نفرح بأمان، وبذلك نفرح نحن ونبقي من حولنا فرحين. فكل المظاهر الخطرة للفرح هي عبارة عن طيش وعدم المسؤولية لا غير، ومن اجل أن نحافظ على استمرار فرحنا، علينا أن نضمن وسائل الأمن والسلامة أولا. فهناك الكثير من الوسائل الأخرى التي يمكن أن نستخدمها لنتوج بها مظهر أفراحنا كالتزيين وغيره من الوسائل الآمنة والتي ستضفي على بيتٍ عنوان الفرح!

فلنعش بأمان ولنفرح بأمان حتى نبقى امنين نحن ومن حولنا. ولننضم لقائمة الشعوب الواعية بالمسموح والمحظور.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required