مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

جل ما كانوا يفعلونه هو الانطلاق كل يوم جمعة لقرية النبي صالح للوقوف إلى جانب أهالي القرية الصغيرة المهددة بالزوال نتيجة التوسع الاستيطاني اللاشرعي لمستوطنة حلاميش غير القانونية. يقفون غير مسلحين أمام "ماكنات آلية بشرية مصممة للقتل"، يواجهونهم عارين الصدور، يصرخون منادين بالحرية والعدل، يدافعون عن رسالة مناصرة لأهل القرية، يتحدون كل الخوف فقط من أجل أن يتضامنوا مع آخرين لا حول لهم ولا قوة أمام قسوة وظلم الاحتلال. هم المتضامنون الفلسطينيون والأجانب الذين اتخذوا من المقاومة الشعبية السلمية نهجاً وأسلوب حياة للأيام والأسابيع والأشهر وحتى السنين القادمة من حياتهم، من أجل الدفاع عن القضية الأولى لحين تحقيق الهدف. هم يقفون وفي أيديهم علم، وفي قلوبهم ألم، ولأجل قضيتهم يحمون الأمل لتحقيق الحلم.

حين غادر منزله في صباح الجمعة الماضية، لم يكن يعرف أنه لن يعود لحضن ذلك البيت الدافيء. ذهب مصطفى التميمي كعادته في كل أسبوع وانضم لقافلة أصدقائه للتضامن مع أهالي قرية النبي صالح ضد الاحتلال الذي يسرق أراضيهم كل يوم. لكن في ذاك اليوم بالذات، قرر جنود الاحتلال الإسرائيلي أن يخضبوا أيديهم بدم أعزل من جديد. في ذاك اليوم، قرر الاحتلال أن يثبت من جديد عنجهيته وظلمه وشره المتأصل، فقاموا بمقاومة صراخ الإنسانية المتضامن مع الحق البشري في العيش بكرامة، ورموا قنبلة غاز من مكان قريب استهدفوا بها رأس مصطفى، فارتمى على الأرض غارقاً بدمه. تعالت أصوات رفاق مصطفى التي أصبحت متخبطة قلقة تبحث عن سيارة إسعاف لنقل الشاب، فمصطفى لم يكن أول شخص يصاب في المظاهرات لكن إصابته كانت خطيرة. "استشهد الشاب مصطفى التميمي، 28 عاماً، صباح يوم السبت 10/12/2011 متأثراً بجراح أصيب بها خلال المظاهرة الأسبوعية للتضامن مع أهالي قرية النبي صالح." هذا ما حملته عناوين الأخبار عن أول شهيد في مظاهرات مناصرة قرية النبي صالح. لم ينج مصطفى ورحل تاركاً على الأرض حقيبته البرتقالية وعلماً وقضية.

صادف يوم استشهاد مصطفى الذكرى 24 للانتفاضة الأولى، والسنة الثانية لانطلاق المقاومة السلمية من أجل قرية النبي صالح. ففي يوم أكثر الحركات والانتفاضات الشعبية سلميةً؛ قتلت إسرائيل هذه المقاومة السلمية وعبرت للفلسطينيين عن عدم رغبتها بتحقيق السلام. يذهب المتضامنون للنبي صالح ليصرخوا بأعلى أصواتهم ويقولون للاحتلال "نحن نريد التعايش السلمي معكم على قطعة الأرض المتبقية لنا...فقط نريد السلام"، لكنه هذا هو الشيء الذي لا تريده إسرائيل. فأمنية إسرائيل الوحيدة هي هزيمة الفلسطينيين وكسر شوكتهم معنوياً وجسدياً، وقتل كل حلم بالتحرر من قبضة الظلم، ولذلك تمارس إسرائيل مهمتها في امتصاص دماء الشعب الأعزل. فتبني كل يوم الجدران والحواجز والمستوطنات بينها وبين الفلسطينيين، لتعيق أي حل ممكن لتحقيق السلام، وبذلك تصعب إمكانية التعايش بين الشعبين، والذي وإن حصل سيكون نتيجة لمبادرات الفلسطينيين السلمية والتي ها هي تتجسد في النبي صالح ونعلين وبلعين، وفي باقي أجزاء الضفة الغربية وغزة.

اتخذ الفلسطينيون النهج السلمي سعياً للوصول لهدفهم الرئيس في التحرر، وتحقيق العدالة الإنسانية، واسترجاع حقوقهم الطبيعية، والعيش بسلام كباقي البشر. وما تفعله إسرائيل من قتل لأحلام الفلسطينيين وختف جميع الأصوات المنادية بالحرية والسلام؛ لا يزيدها إلا عزلة عن دول العالم واحتقاره لها. فبالرغم من الدعم الأمريكي الأزلي لإسرائيل، إلا أن العالم بدأ يراها على حقيقتها، وبذلك أصبحت إسرائيل تضعف كدولة ويخف بريقها الذي أضائته دول العالم في حقبة من حقب الزمان. وها هم الفلسطينيون يقدمون الشهيد تلو الآخر ويبذلون الغالي والنفيس ليثبوا للعالم حقهم الشرعي في القضية والأرض. لن يكون المتضامن مصطفى التميمي الشهيد الأول ولا الأخير الذي وقف يوماً في وجه أولئك الجنود المتعطشين للدم، ولن تقف الحركة السلمية عند جسد مصطفى عاجزة. أفعال إسرائيل لا تقربها من الحوار السلمي مع الفلسطينيين، وبذلك ستبقى كل صرخة من صرخات هؤلاء المتضامنين غصة في حلق إسرائيل التي تواجه أحلامهم برصاصة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required