مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

طوينا صفحة عام مضى وفتحنا أخرى باستقبالنا عاماً جديداً، بأمل يتجدد رغم مرارة الواقع وصعوبته. ولكن ما لبث أن عاد الوضع الاقتصادي الفلسطيني على الساحة من جديد بأخبار وخطط أثارت الإحباط والقلق بين صفوف المواطنين. فما نقلته وسائل الاعلام عن لقاء رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض مع وسائل الاعلام المحلية، يوم الاثنين الماضي، أثار ضجة كبيرة واستنكاراً واسعاً وخصوصاً عند موظفي القطاع العام، جراء طرح مشروع التقاعد المبكر. حيث يأتي هذا المشروع وغيره من الخطط والمشاريع ضمن مجموعة من السياسات التقشفية وسياسات العدالة الاجتماعية، وضمن توجه الحكومة لتخفيض العجز المالي الذي يسببه تقلص حجم المساعدات الخارجية الفعلية، وما تبعها من انكماش اقتصادي جراء شح السيولة النقدية.

وفي لقائه الصحفي، طرح الدكتور سلام فياض خطط الحكومة والحلول التي تسعى للوصول لها من خلال تخفيض إضافي للعجز المالي الحالي في موازنة عام 2012 والمتوقع ب 1,1 مليار دولار أمريكي وهي المديونية من المصارف. ولهذا ستتوجه الحكومة لتخفيض بقيمة 350 مليون دولار ضمن مسعاها لمواجهة الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها السلطة الوطنية الفلسطينية منذ أواسط العام 2010، ولزيادة الاعتماد على الذات كهدف استراتيجي. وأكد د.فياض في لقائه أيضاً على تأثير الانقسام على الأزمة المالية بتفاقمها وتراجع مساهمة اقتصاد قطاع غزة في تمويل الخزينة بنسبة 28%.

وكان من أبرز النقاط التي طرحها د. فياض وأثارت جدلاً واسعاً هي المتعلقة باقتراح مشروع التقاعد المبكر، والذي يناقش ضم إجراءات تقشفية أخرى. ولفت د. فياض، كما أورت المصادر الإخبارية، إلى أن هذا التوجه هو مقترح مطروح وكافة قوانين التقاعد السارية في الأراضي الفلسطينية تجيز التقاعد المبكر بعد استيفاء متطلبات معينة لها علاقة بمدة الخدمة والسنوات القابلة للاحتساب لأغراض التقاعد أو الأمرين معاً، بحيث أن هذه الصلاحية جوازية وليست وجوبية. وقال د. فياض "إن هذا المشروع مطروح للنقاش للنظر في عملية انتقاله من الجوازية إلى الوجوبية، وبهذا سيطال القرار النهائي عدداً كبيراً من الموظفين. ولذلك طرح هذا المشروع لامكانيته المساهمة في الوصول لحل للعجز المالي وتغطية جزء من 350 مليون دولار". وكانت مصادر إخبارية مطلعة قد أفادت سابقاً أن المخطط الذي أعده د. فياض يقضي بإحالة كل موظف حكومي في القطاع المدني أمضى أكثر من 15 عامًا في الخدمة المدنية - باستثناء العاملين في وزارتي التربية والتعليم والصحة - إلى التقاعد المبكر.

وقدرت أوساط فلسطينية مطّلعة جدًّا على عدد الموظفين الحكوميين الفلسطينيين لهذه المصادر الإخبارية أن قرار الإحالة إلى التقاعد المبكر الذي يجري العمل للمصادقة عليه سيطال حوالي 26300 موظف حكومي.

وتشمل خطط د. فياض لحل مشكلة العجز المالي قانون ضرائب جديد، وحالة تقنين وترشيد لسفر المسؤولين، واقتراح لإلغاء وحدات في الوزارات يمكن لشخص واحد القيام بعملها، بحيث تنصب كل الإجراءات المتخذة في سبيل الترشيد والتقنين للاستفادة أكثر من الموارد المتاحة.وأكد د. فياض أن خطته ستشمل شبكة حماية للفقراء وذوي الدخل المحدود.

ولكن هل ستجدي هذه المشاريع والخطط في تحسين الوضع الاقتصادي فعلياً؟ ولماذا يجب أن يتحمل المواطن البسيط كل هذا العبء؟ وهل أخذت الحكومة بعين الإعتبار عشرات الآلاف من الموظفين والذين سيكونون في أوج عطائهم عندما يتم إحالتهم للتقاعد؟ كل هذه الأسئلة تجول ببال المواطن الفلسطيني الذي استقبل العام الجديد لتوه ولكن بدعوة حكومته له بالتقشف، وهو المتقشف أصلاً ورغما عنه في مواجهة الغلاء المعيشي والأوضاع الاقتصادية الصعبة.

مشروع التقاعد المبكر سيعود بآثار اجتماعية واقتصادية سلبية على المجتمع الفلسطيني. فسيحرم هذا المشروع، -إن تقرر- آلاف الموظفين الحكوميين من الاستمرار في العمل والعطاء، وسيحيلهم إلى خانة العاطلين إلى العمل و"البطالة المتأخرة" كما وصفها بعض المحللون. كما وسيحرم هذا المشروع المجتمع الفلسطيني من أدمغة في أوج عطائها، قد تسهم في رفعة المجتمع وتقدمه، وقد تساعد هي بذاتها في إنهاء الأزمة المالية الخانقة للسلطة الوطنية الفلسطينية. فهل بالفعل ستتحقق العدالة الاجتماعية عند حرم آلاف الموظفين من عملهم؟ هذا المشروع من شأنه أن يزيد رقعة الفقر في المجتمع، فما بال الحكومة بنسة عالية من الموظفين الحكوميين المدينيين للبنوك، بحيث يشكلون أكثر من 65%؟

يسعى الشعب الفلسطيني للاستقلال والاعتماد على ذاته ليس فقط على المستوى السياسي، بل والاقتصادي أيضاً. وبذلك فهو يحترم قرارات الحكومة الرامية لتقليص العجز في الموازنة وخفض درجة الاعتماد على المساعدات الخارجية، وهو مستعد لمساندتها في تنفيذ هذه القرارات، نتيجة ثقته بها وإيمانه بضرورة الصمود في مواجهة الضغوط الخارجية والابتزازات الإسرائيلية. ولكن على الحكومة ألا تنسى أن المواطن من حقه أن يعيش حياة كريمة بدون بطالة وفقر يتغذيان على شريان حياته. ولذلك يحق للمواطن أن يختار عملاً شريفاً ليؤمن حياة كريمة، ومن حقه الحصول على العمل والاستمرار به وهو في أوج عطائه، وفي النهاية من حق المواطن على أقل تقدير أن يتقاعد في السن المناسب للتقاعد بعد أن يكون قد أدى مهمته في خدمة وطنه وبنائه.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required