مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

يمكن للمتابع لمجريات الأحداث على الساحة الفلسطينية، أن يدرك أن شيئاً لم يطرأ أو يتغير على أوضاع الحركة العمالية منذ العام الماضي وحتى الغد الذي يصادف اليوم العالمي للعمال، فالمطالب العادلة هي ذاتها والحقوق الغائبة والمهضومة هي أيضاً ذاتها. فتحقيق العدالة الاجتماعية والعيش الكريم للعمال، وتحسين أوضاع العمل، وتوفير فرص العمل المناسبة لأعداد البطالة المتزايدة عاماً تلو الآخر، هي المطالب التي تنادي بها الحركة العمالية.

وعندما نتحدث عن العمال فالمعروف أننا نقصد بذلك العامل والمهندس والطبيب والصحفي والمعلم وعامل البناء وغيرهم، وفي كل عام في الأول من أيار تتجدد المناداة بحقوق هؤلاء وغيرهم من العاملين التي كانت سبباً في تخصيص هذا اليوم لهم.

وتنقسم جهود العمال الفلسطينيون في توجههم لتحقيق ظروف عمل أفضل، ما بين التوجه للسلطات الفلسطينية، من أجل الضغط والمطالبة بسياسات أكثر عدلاً تحقق لهم الأمن الوظيفي، وضمان الحد الأدنى من الحقوق التي تضمن لهم حياة كريمة لهم أو لعائلاتهم وأبنائهم من بعدهم، وتوفر لهم شروط السلامة في العمل، وتصمن حقوقهم إذا ما تعرضوا لإصابة ما أو حتى وفاة، وغيرها من المطالب الحقوقية، كقانون الصحة، وقانون للضمان الاجتماعي، وإقرار الحد الأدنى للأجور.

فيما تتوجه جهود قسم كبير من العمال الفلسطينيين، للمطالبة بحقوقهم المهضومة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي تستغل عوزهم وحاجتهم للعمل وانعدام بدائلهم، فتجبرهم على العمل في أسوء الظروف وأصعبها، دون إعطائهم أي من حقوقهم بل ودون أن تعترف بمرجعية تضمن لهم حقوقهم وضمانات عملهم، فيعيشون في ظروف قاسية وصعبة تصاحبها المخاطرة اليومية في طريقهم إلى العمل منذ ساعات الفجر الأولى في الكيان الإسرائيلي عبر بوابات وأروقة ضيقة مراقبة بالكاميرات، وتجبرهم على الوقوف فيها لساعات طويلة، في معاملة شبيه بسياسية الفصل العنصري التي كانت معروفة في جنوب إفريقيا.

وهذا كله بالإضافة إلى الإغلاقات وتعقيد إجراءات الحصول على تصاريح العمل، والذي أشار إليها الكاتب د. حنا عيسى المتخصص بالقانون الدولي في مقالته حول انتهاك السلطات الإسرائيلية لحقوق العمال الفلسطينيين، إلى كونه يعتبر انتهاكاً صارخاً للمادة 39 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949، والتي تنص على "توفير الدولة المحتلة للأشخاص المحميين الذين يكونون قد فقدوا بسبب الحرب عملهم الذين يكتسبون منه فرصة إيجاد عمل مكسب ويتمتعون لهذا الغرض بنفس المزايا التي يتمتع رعايا الدولة التي يوجدون في أراضيها ... الخ".

كما أشار إلى انتهاك سلطات الاحتلال إلى اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 وكذلك جمع الاتفاقيات المتعلقة بحق العمل والعمال بهدف تضييق الخناق على المواطن الفلسطيني لترك بلده وبالتالي إفساح المجال للمستوطنين للسكن في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفرض سياسة الأمر الواقع...وهذا ما يتنافى مع طابع الاحتلال المؤقت الذي يمنع السلطات الإسرائيلية من ممارسة الانتهاكات بحق السكان الفلسطينيين الواقعيين تحت سيطرة الاحتلال حيث المادة "40" من نفس الاتفاقية المذكورة تنص على أنه "لا يجوز إرغام الأشخاص المحميين على العمل إلا بكيفية مماثلة لما يتبع مع رعايا طرف النزاع الذي يوجدون في أراضيه".

وفي ذات السياق وعلى صعيد مواز، فالعمال يقبعون بين سعيهم لتحقيق مطالبهم وبين ظروف معيشتهم الصعبة، وسط حالة غلاء مستشرية، فرواتب العمال في علاقة عكسية مع الأسعار حتى لأبسط المواد الغذائية الأساسية والاستهلاكية، ناهيك عن أسعار المحروقات وغيرها. الأمر الذي يتطلب رقابة حقيقية على الأسواق والأسعار، وضرورة متابعة أسعار الوقود والكهرباء، والمياه، وغيرها، وتفعيل جمعية حماية المستهلك.

وإذا ما وقفنا عند هذه المؤشرات ولم نحرك ساكناً فإن أحوال العمال ستأخذ منحى خطيراً، بحيث ستتفاقم ظروفهم المعيشية، مما سيزيد من الخلل الاجتماعي والاقتصادي في مجتمعنا الفلسطيني فيصبح الفقراء أشد فقراً ويزداد الأغنياء مالاً ونفوذاً، وهذا سيشكل عبئاً يُضاف إلى واقع احتلالي إجرامي، لذا فالسبيل الوحيد هو إحقاق الديمقراطية والعدالة وصون الحقوق العمالية والمهنية، وضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة للعمال والفقراء، وتوفير العمل لأولئك العاطلين عنه، هذا إذا ما أردنا أن نكون مجتمعا ًخالياً من العلل والمشاكل، أو على الأقل الحد الأدنى منها، ليكون نواة لدولة فلسطينية قادمة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required