مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

في مشهد إمبريالي احتفل مئات الإسرائيليين أمس بالذكرى ال45 على احتلال شطري مدينة القدس أو ما يسمونه "توحيد القدس" ضمن احتفالات مُضي 64 عاما ًعلى قيام دولتهم المزعومة على أنقاض بلداتنا وقرانا الفلسطينية ودماء أهلها، فجابوا القدس حاملين أعلامهم وشعاراتهم في مسيرات صاخبة ومستفزة وبشكل متعمد لمشاعر سكان المدينة وأصحابها المقدسيين، فأقاموا الاحتفالات وأجبروا السكان على إغلاق محالهم، وتغير نمط ومخططات يومهم.

هذا هو المشهد المقدسي، ففي الوقت الذي تغيب فيه القدس عن أجندتنا الفلسطينية والعربية والإسلامية، وتتراجع مكانتها بين الأولويات، يعاني أهلها ما يعانيه من استفزاز للمشاعر، وعربدة من قبل المستوطنين الذين يصولون ويجولون في المدينة دون رقيب أو حسيب، فيعتدون على المقدسين ويطلقون صرخاتهم العنصرية تجاه الفلسطينيين والعرب في أروقة وشوارع المدينة، ويتوعدون باقتحام المسجد الأقصى، وتدنيس المقدسات الدينية في المدينة، بدعوى أن القدس لهم، وهكذا يجب أن يحتفلوا باحتلالها أو باستعادتها كما يدعون وضمها.

وفيما لم تجد القدس من يسمع ندائها، ويرد عنها ظلمها، لذا فالمقابل كان أن تواصل سلطات الاحتلال غيها، وطغيانها وتواصل تحديها للعالم أجمع باعتبار المدينة المقدسة عاصمة أبدية لها، ولا تتوقف عن مصادرة الأراضي المقدسية وبناء مزيد من المستوطنات وتوسعة أخرى، والتضييق على المقدسيين ومحاربتهم في عيشهم وسحب هوياتهم وتنغيص حياتهم بشتى الطرق، دون رادع أو دافع تماماً كما يقول المثل: "يا فرعون مين فرعنك؟ قال ما لقيت حد يردني"، وهذا هو حال لسان القدس التي لم تجد لها مكاناً في الأجندة العربية والإسلامية، وتحولت لمجرد شعار يتغنى به الفلسطينيون ويستجدون العالم دون أن يجد آذاناً صاغية.

فيما تحاول حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، أن توهم العالم أنها معنية بالسلام وبدولة فلسطينية قابلة للحياة على الأرض، بينما هي في الواقع تواصل مخططاتها التهويدية للقدس، وتواصل استيطانها في أراضي الضفة الغربية كافة، فأي دولة تلك التي يتحدث عنها نتنياهو في رده على رسالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟ أهي دولة الفتات التي تقطعها المستوطنات؟ أم تلك التي لا تكون عاصمتها القدس؟ عن أي دولة يتحدث؟

فمن ذا الذي سيقنع بما تطرحه دولة الاحتلال من ادعاءات حول اهتمامها بالسلام، في حين أنها تقف نداً لكل المواثيق القانونية والأعراف الدولية، وتواصل ممارساتها العدوانية بحق الفلسطينيين العزل وممتلكاتهم، دونما أي اعتبار للمجتمع الدولي، والأخلاقيات الإنسانية، وفي ذات الوقت تغلف كل هذا بصورة تضليلية تسعى لإقناع العالم فيها، بأنها تسعى للسلام والعودة إلى المفاوضات، كل هذا وهي تسابق الزمن على الأرض، لفرض مخططاتها التوسعية والاستيطانية، وبسط مزيد من السيطرة والنفوذ.

ووسط كل الأولويات الأخرى، تقف القدس بمآسيها غير قادرة على استرعاء الاهتمام العربي ومن قبل حتى الفلسطيني الذي يغرق في وحل خلافاته وانقساماته، وأجنداته الشخصية، ففي حين يتحضر المئات والآلاف من الإسرائيليين لإحياء مناسبتهم المقيتة، بحماية جيشهم وشطرتهم وتأييد منهم على ما يقدمون عليه من ممارسات عدوانية ضد المدينة وأهلها، تقف جدران القدس تستجدي رجالها وأبناء شعبها، فلا تجد من يتصدى لهؤلاء، إلا من بضع فتية وحماة وأناس أعياها القهر والغيظ.

لكن هذا القهر هو المحرك لأهل القدس الذين يقفون في خط الدفاع الأول عن المدينة، فيصرون على مواجهة الاحتلال والتهويد بكل ألوانه، حتى وإن تخلت عنهم البقية الباقية من الفلسطينيين والعرب، فهم وإن كانوا بحاجة حقيقية وماسة لدعم رسمي وشعبي، إلا أن ذلك لا يغير شيئاً في قناعتهم بأن القدس عربية وستبقى عاصمة للدولة الفلسطينية المأمولة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required