مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لم يعد الحديث عن تقسيم المسجد الأقصى على غرار ما حدث في الحرم الإبراهيمي، مجرد تكهنات وتوقعات وقراءة بين السطور قد توصف بالتشاؤم، بل بات الحديث عنها واقعاً، والتصريح بشأنها حقيقة، فبالأمس ذكرت صحيفة 'مكور ريشون' الاستيطانية أن رئيس الائتلاف الحكومي، عضو الكنيست زئيب الكين من الليكود، أعلن في اجتماع مغلق أنه سيعمل على دخول اليهود فقط إلى باحة المسجد الأقصى في أيام محددة، كما هو متبع في الحرم الإبراهيمي في الخليل.

وقالت صحيفة المستوطنين أن الكين، سيبذل جهوداً كبيرة من أجل السماح بدخول اليهود فقط في أيام محددة وسيمنع المسلمين من الدخول في هذه الأيام.

فأي عواقب وخيمة تلك التي تنتظر الأقصى والمسلمين، بل والفلسطينيين عامة إذا ما تحقق ذلك، وأضحى أمراً مفروضاً على أرض الواقع، أم أن الأمة من البلادة بمكان بحيث لن تحرك ساكناً؟! تماماً عندما حُرق المسجد الأقصى في 21 من مثل هذا الشهر عام 1969، فقالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل في حينه، "لم أنم ليلتها وأنا أتخيل العرب سيدخلون "إسرائيل" أفواجا من كل صوب لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أمة نائمة".- شيء معيب حقاً!!-.

والحقيقة أن مثل هذه التصريحات ليست وليدة اللحظة وليست بالجديدة وإن كانت مستهجنة، بل وتبدو مألوفة في سياق حملات التهويد التي تتهجها السلطات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، ومدينة القدس بشكل عام، بحربها الحثيثة تجاه المقدسيين، ومحاولات تفريغهم من بلدهم بشتى الطرق، إضافة إلى حملات الاقتحام الدائمة المتكررة من قبل اليهود والمستوطنين، للمسجد الأقصى وبحماية من جيش الاحتلال وبصورة استفزازية لمشاعر المسلمين وخاصة في شهر رمضان الفضيل، وذلك ضمن مخططات تهويد استراتيجية تحاك ضد المسجد الحرام، من أجل بسط السيطرة الكاملة عليه، وتغيير معالمه، وتهويده بالكامل امتدادا ًلما يحدث بالمدينة المقدسة، بل وضمن المحاولات التي تسعى لسلخ المسلمين عنه، بمنعهم من الصلاة فيه ليتم نسيانه ومن ثم "الاستفراد" به، وصبغه بالصبغة اليهويدية تماما ً كما حدث مع الحرم الإبراهيمي، وكل ذلك دون حسيب أو رقيب.

ويبدو واضحاً أن السياسة الإسرائيلية التي تستغل الانشغال العربي بقضايا الثورات والتغيير في الوطن العربي، تسعى لمسابقة الوقت من أجل تحقيق أهدافها في وسط هذه الفوضى العربية التي أشاحت بالأنظار عن القضية الفلسطينية، وتراجع الاهتمام بها والبحث عن حل لها، ويؤسفني أن أقول رغم ما يبدو عليه القول من تشاؤم، أن العرب سابقاً لم يكونوا بحال أفضل مما عليه الآن من ناحية الشهامة والنخوة، بل أن أوضاع "عدم الاستقرار" العربية الآن قد تشكل فرصة جدية لتقديم حجج و"مبررات غياب" واضحة، إذا ما حدث مكروه للأقصى والمدينة بشكل عام، وهما مقبلان الآن على مرحلة هي الأشد خطورة.

والحقيقة أن إطلاق هذه التصريحات، هي بمثابة بالونات الاختبار التي تقيس مدى رد الفعل على ما سيتم لاحقاً من تقسيم حقيقي، فمتى ما كان الرد باردا ًببروده الحالي، سيأتي الفعل واقعا ًعلى الأرض، ولن يستطيع أحدٌ تغييره أو مواجهته، حيث اقتصرت ردود الفعل على مجموعة من بيانات الاستنكار والاستهجان، الأمر الذي يزيد من جرأة ووقاحة دولة الاحتلال بالإفصاح عن مخططاتها المرفوضة إسلامياً وعربياً ودولياً.

إن مدينة القدس والمسجد الأقصى، وحدهما في مواجهة المد الصهيوني التهويدي الذي يستهدفهما، وهما بحاجة لمشاريع اهتمام ورعاية، تهتم بالمدينة وسكانها وتدعم صمودهم ونضالهم في مواجهة المحاولات الإسرائيلية الحثيثة لطردهم من المدينة، وكذلك المسجد الأقصى، الذي لا تتوقف الحفريات في أسفله ولا سرقه آثاره وتهويدها في وضح النهار وفي عتمة الليل، وإن لم نسرع في عملية الإنقاذ هذه سيأتي يوم يسجل التاريخ فيه، التخاذل العربي الحقيقي بحق القدس ومقدساتها.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required