مفتاح
2024 . الأحد 30 ، حزيران
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

صادفت في الحادي والعشرين من آب الجاري الذكرى أل 43 لإحراق المسجد الأقصى من قبل المواطن الاسترالي مايكل دينيس روهان، والذي ادعى بعد اعتقاله مبررا فعلته بأنه مبعوث من الله، وبأنه تصرف وفقًا لأوامر إلهية وبما ينسجم مع سفر زكريا. وزعم أنه حاول أن يدمر المسجد الأقصى حتى يتمكن يهود إسرائيل من إعادة بناء الهيكل على جبل الهيكل وبالتالي يسرع من المجيء الثاني للمسيح المخلص حتى يحكم العالم لمدة ألف عام.

وبعد اعتقاله حكمت محكمة إسرائيلية بعدم أهلية مايكل العقلية وأودعته مصحّاً عقلياً، ثم ما لبثت السلطات الإسرائيلية أن أبعدته إلى موطنه الأصلي أستراليا.

وكانت هذه الجريمة أثارت في حينه سخط المواطنين الفلسطينيين خاصة المقدسيين الذين تدافعوا في حينه لإخماد الحريق الذي التهم أجزاء كبيرة من المسجد الأٌقصى بما في ذلك منبر صلاح الدين. في حين سادت المخاوف لدى المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة آنذاك من ردة فعل عربية وإسلامية على هذه الجريمة حيث نقل على لسان غولدا مئير رئيسة وزراء إسرائيل قولها:" لم أنم ليلتها وأنا أتخيل العرب سيدخلون إسرائيل أفواجا من كل صوب، ولكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أمة نائمة".

واليوم وبعد هذه السنوات الطويلة من جريمة إحراق الأٌقصى يتضح صحة ما قالته رئيسة وزراء إسرائيل، حيث يتواصل مسلسل التهويد والأسرلة للمدينة المقدسة ومحاولة السيطرة التدريجية على المسجد الأقصى، ابتداء الحفريات التي اتسعت رقعتها أسفله وعلى رقعة واسعة من باطن البلدة القديمة، مرورا بالاستيلاء على عشرات العقارات في كامل محيط هذا المسجد من قبل جمعيات استيطانية متطرفة مثل "عطيرت كهانيم" و"عطيرت ليوشنا" لا تخفي أهدافها في بناء الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى، وانتهاء بهدم تلة المغاربة وتوسيع ساحة البراق لبناء مصلى للنساء اليهوديات، ثم الاعلان الأخير من قبل أعضاء كنيست يهود عن نيتهم طرح اقتراحات قوانين للكنيست الإسرائيلي تتيح تقسيما زمانيا للمسجد بحيث يسمح بدخوله لليهود فقط في أيام محددة من الأسبوع، وهو تقسيم يسبق التقسيم المكاني.

وإن كنا نستذكر اليوم بألم هذه الذكرى التي تشكل ندوبا لا تنسى في الوجدان الوطني، فإننا نعيد التذكير بالخطر الشديد الذي يهدد مستقبل هذا المكان المقدس، لأن المساس به هدما أو تقسيما يشكل تهديدا يتعدى في نطاقه وتأثيراته حدود المنطقة إلى العالم كله حيث يرتبط بهذا المسجد عقيديا أكثر من مليار مسلم.

إن الماضي القريب يؤكد تحذيراتنا بهذا الشأن، فمجزرة الأقصى الأولى التي ارتكبتها الشرطة الإسرائيلية في الثامن من تشرين أول من العام 1990، وحصدت فيه حينه أرواح 18 فلسطينيا وجرحت المئات، وكذلك مجزرة الأقصى الثانية التي أعقبت جولة استفزازية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون في باحات الأقصى في الثامن والعشرين من أيلول من العام 2000، وأحداث افتتاح نفق البراق من قبل شواهد حية على ما يمكن أن يفضي إليه أي سلوك إسرائيلي بهذا الشأن، رغم أن ما يحدث منذ مطلع هذا العام ينذر بما هو أخطر مما حدث في الماضي القريب، خاصة مع ازدياد أعداد المتطرفين اليهود الذين تسمح لهم شرطة الاحتلال الإسرائيلية بالدخول إلى ساحات المسجد والقيام بطقوس وشعائر خاصة تستفز مشاعر المقدسيين، ثم سماحها لأعداد كبيرة من الجنود والضباط بلباس عسكري بالدخول أيضا تحت مسمى برنامج "السياحة الأجنبية للأقصى".

وبالتزامن مع هذه الخطوات، ضاعفت السلطات الإسرائيلية من قيودها على دخول المصلين للمسجد الأٌقصى خاصة من تتهمهم بالإخلال ب"النظام" وهو توصيف تطلقه على من يتصدى لجولات المتطرفين اليهود داخل باحات المسجد، من حراس وسدنة الأقصى وحتى من جموع المصلين. وأبرز القيود التي بدأت تطبقها منذ العام 2007 أي بعد هدم تلة باب المغاربة هو إصدار أوامر منع من دخول الأقصى طالت حتى الآن نحو 160 مواطنا من مختلف القطاعات بينهم رموز وطنية ودينية وأساتذة جامعات وطلبة علم، وفق ما رصدته وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ما يؤشر إلى محاولات السلطات فرض أمر واقع جديد، يضاف إلى ما كانت قامت به من إحكام قبضتها الأمنية على بوابات الأقصى وساحاته، وتحكم عناصر شرطتها بحركة الدخول إلى المسجد والخروج منه.

إن كل هذه الإجراءات والخطوات تشكل تهديدا جديا غير مسبوق على مستقبل هذا المكان، وهي تعيد إلى الذاكرة ما جرى من تقسيم للحرم الإبراهيمي الشريف بعد المجزرة التي ارتكبها باروخ غولدشتاين في 25 شباط من العام 1994، فهل تنتظر الحكومة الإسرائيلية ظروفا وأوضاعا مشابهة حتى تتذرع بها لفرض سيطرتها المطلقة على المسجد؟ وماذا عن مستقبل هذا المكان الذي بات على شبكة معقدة من الأنفاق، قد ينهار مستقبلا بفعل هزة أرضية مفتعلة، أو من فعل الطبيعة، لتحقق حلم المهووسين بجنون التطرف بعد أن فشل مايكل روهان في تحقيق حلم هؤلاء بحريقه الأول...؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required