مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

أصبح الحديث عن انتهاك للمحرمات في قطاع غزة، أمر يومي غير مفاجئ، فكل الحرمات قد تم تجازوها وكل الخطوط الحمر انهارت، فأصبحت البندقية توجه إلى صدر الأشقاء، فيما استبيحت المؤسسات الرسمية والأهلية والخاصة، في وقت لا يخلو يوم من أنباء مطاردة الموظفين والأطباء والعاملين في القطاع الصحي وغيرها من القطاعات، فحتى الرموز الوطنية والثقافية، قد اعتدي عليها من أصحاب عقلية نفي الآخر.

أما الحقل التعليمي فلم يسلم من النار التي تؤجج الفرقة في قطاع غزة، حيث مطاردة المعلمين المضربين والتعرض لهم، واقتحام الجامعات التي لم تعد حرماتها تحترم، أصبح حدث يومي، وما اقتحام جامعة الأزهر قبل يومين، واعتداء طلبة الكتلة الإسلامية التابعة لحماس عليها وممتلكاتها، الأمر الذي تسبب بتعطيل العمل فيها، إلا مثال على مدى التدهور الذي أصاب الحالة الفلسطينية في القطاع بحيث أصبحت حرمات الجامعات شعارات للاستهلاك الإعلامي فقط، فيا سقطت هيبة الجامعة كصرح تعليمي ثقافي وطني جامع، ومصنع للعلم والمبادرات الوطنية والثقافية والعملية التي تخدم المجتمع، لتصبح ساحة أخرى للاقتتال.

وكأن الشعب الفلسطيني لا يكفيه المآسي اليومية التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة، ليعيش في ظل استهداف للمؤسسات الوطنية العريقة، كجامعة الأزهر، التي من المفترض أن يتحد طلبتها لمصلحة شعبهم، لا أن يقتتلوا ويسددوا طعنة أخرى للقضية الفلسطينية، سبق وان سدهاد قبلهم من قرر أن السلاح هو اللغة الوحيدة للحوار بين الفلسطينيين، فيما يبدو أن هناك في حماس من يرى بأن تهيئة الأجواء لإنجاح الحوار والمصالحة الوطنية والجهود التي تقودها مصر بدعم من الدول العربية في هذا الإطار، يكون عبر اقتحام الجامعات والتعرض للطلبة فيها وللممتلكات العامة.

إن الحوار يمكن أن ينجح إن وجدت بوجود النية الصادقة والرغبة الأكيدة لرأب الصداع وإنهاء حالة الانقسام واستعادة الوحدة على أساس التعددية الفكرية، في ظل احترام التشريعات والوحدة والنظام والاحتكام إلى القانون والقضاء في حل النزاع، وليس على أساس عقلية إما معي أو ضدي.

قد نختلف في الآراء، بل الاختلاف في الفكر والمنهج يؤسس للتعددية التي يبتغيها المجتمع الفلسطيني، ولكن أن يصل الخلاف إلى استخدام السلاح وفرض الرأي والتوجه والمنهج بالقوة، فهذا ابعد ما يكون عن التعددية، فيما المحزن والمخزي في آن واحد أن تتحول ساحات الجامعات إلى مسرح للاقتتال وليس كما يجب أن تكون، ساحة مفتوحة للإبداع وتبادل الرأي والنقاش الهادف الايجابي.

صحيح أن الانتقاد والتعبير عن الرفض لتصرفات حماس التي تسيطر على القطاع، قد ينجم عنه ردات فعل قمعية تؤذي صاحبها، إلا إن ذلك لا يعني إن نرى المؤسسات الوطنية تنهار وتستباح، ونسكت فيما تجتاز الخطوط الحمر والمحرمات، كاقتحام حرمة الجامعة، وننظر اليه وكأنه حدث عابر، أو إشكال ثانوي.

إن صمت المجتمع وخاصة المؤسسات المحلية عما يحدث في جامعة الأزهر والذي بات يتكرر من وقت لآخر، ينذر بمخاطر انهيار روح الديمقراطية التي بقيت الجامعات آخر معاقلها في القطاع، ويعد إشارة تشجيع على الاستمرار بالاستهتار بهذه المؤسسات التعليمية، التي تحمل رسالة سامية في تخريج صناع وقادة الوطن الذين يحملون تجارب ومعرفة اكتسبوها في الجامعة، وهي مفاهيم وثقافة أساسها تقبل الآخر والحوار والتعددية، وليست ثقابة قمع الآخر واجتياز الخطوط الحمر الوطنية.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required